"شامبليون": ظلال مكتشِف الهيروغليفية

"شامبليون": ظلال مكتشِف الهيروغليفية

27 ابريل 2020
(تمثال لشامبليون في باريس)
+ الخط -

كثيراً ما يُختصر مسار عالم المصريات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون (1790 -1832) في فكّه شيفرة الكتابة الهيروغليفية ليُشرع بذلك الأبواب أمام اكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة بعد أن بقيت مغلقة لقرون. غير أن هذا الاكتشاف على أهميّته قد أخفى كلّ ما عدا ذلك في حياة شامبليون، وهو ما يلفت إليه الكاتب الفرنسي آلان فور في السيرة التي خصّصها له وصدرت مؤخراً عن منشورات "فايار" المتخصصة في الكتابة السيرية.

يقيم المؤلف هيكل كتابه كمجموعة من الألغاز، مستلهماً في ذلك حياة شاملبيون نفسه ومطاردته أسرار الأهرامات وغيرها من الآثار المصرية. ومن هذه الألغاز، حياته القصيرة حيث رحل في بداية العقد الرابع، ولم يُعرف سبب وفاته بشكل دقيق، وأيضاً من خلال العودة إلى طفولته والبيئة التي عاش فيها وكانت محكومة بالفكر الغيبي إضافة إلى كونه لم يتلق تعليماً منتظماً حيث أن سنوات تحصيله الدراسي تزامنت مع فترة متقلّبة من تاريخ فرنسا ما بعد ثورة 1789.

يضيء فور دوْر الأخ الأكبر في توجيه مسار جان فرانسوا شامبليون، فهذا الأخير كان ميّالاً فقط إلى دراسة اللغات الشرقية، وربما كان يطمح إلى العمل مع إحدى شركات التجارة بين فرنسا وموانئ المتوسط، إلا أن الأخ الأكبر أصرّ على أن يدرس التاريخ علمياً وبذلك يحصّل عُدّة نظرية إلى جانب قدرته على فهم اللغات الشرقية.

من أهم النقاط التي يضيئها المؤلف هي تلك الرغبة التي جمعت الأخوين في دراسة المخطوطات، ثم تجميعها في مكتبات خاصة، وفي تلك الفترة وصلهما الحديث عمّا شاهده مرافقو نابوليون في حملته على مصر ليدخل جان فرانسوا في عالم جديد يترك دونه كلّ التخصّصات التي كان يدرسها ويكرّس نفسه له.

وفّرت الحملة الفرنسية لشامبليون مادة كثيفة لفهم الكثير عن الحضارة المصرية القديمة حيث بدأ يتصوّر الجغرافيا والمراحل التاريخية والطقوس والمعاهدات السياسية من خلال الصور وسياقاتها ليفهم بالتدريج أن تلك الصور هي كتابة منتظمة، ويبدأ في مطاردة حلم جديد وهو قراءة آثار الفراعنة وكأنه يقرأ نصاً في لغته.

في 1828، زار شامبليون مصر لأول مرة ضمن بعثة علمية، وبقي هناك قرابة سنة كانت كافية لاختبار فرضياته واعتراف علماء الآثار بنظرياته. غير أن شامبليون لم يلائمه المناخ المصري فتعدّدت أمراضه ليعود إلى فرنسا، وهناك أُلزم بفترة من الحجر الصحّي كانت كافية للتفرّغ لوضع رؤية شاملة لعلم لا يزال إلى اليوم يقدّم الجديد.

تنضاف هذه البيوغرافيا إلى أعمال أخرى صدرت عن شامبليون، أشهرها الكتاب الذي وضعه أبرز كتّاب السيرة في فرنسا جان لاكوتير في 1988 بعنوان "شامبليون: حياة تحت الضوء"، إضافة إلى السيرة التي وضعها جيرار ماسي بعنوان "آخر المصريين"، وكتاب صدر نهاية القرن التاسع عشر جمع رسائله ورسم صورة موسّعة عنه.

المساهمون