"داعش" يفشل في حسم معاركه على جبهات سورية

"داعش" يفشل في حسم معاركه على جبهات سورية

18 ديسمبر 2014
أوقفت غارات التحالف الدولي زحف "داعش" (بينور ايجي غورون/الأناضول)
+ الخط -
فشل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بالسيطرة على مطار دير الزور العسكري، بعد أكثر من أسبوعين على انطلاق العملية العسكرية التي شنّها، وحشد لها قوات كبيرة في محيط المطار والمناطق التي يسيطر عليها النظام السوري على أطراف المطار.

كما يواصل التنظيم محاولة فرض سيطرته الكاملة على مدينة عين العرب، في ريف حلب الشرقي للشهر الرابع على التوالي، من دون أن ينجح في ذلك، بالاضافة إلى حشده المزيد من القوات في محيط حقل شاعر النفطي في ريف حمص الشرقي، وذلك في سياق استعداده لمحاولة السيطرة على الحقل من جديد، بعد محاولات فاشلة عدة في الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وشنّ "داعش" عملية عسكرية واسعة، مع مطلع الشهر الحالي، بهدف السيطرة على مطار دير الزور العسكري، الذي لا تزال قوات النظام السوري تحكم قبضتها عليه، مع بعض المناطق المحدودة، جنوب وشرق مدينة دير الزور، في أقصى شرق البلاد.

واستمرت الاشتباكات بين "داعش" وقوات النظام، في منطقة الجفرة، الواقعة إلى الشمال الشرقي من المطار، لأكثر من أسبوع، مع تحقيق التنظيم تقدّماً ملحوظاً في هذه المنطقة، قبل أن تتمكن قوات النظام من استعادة زمام المبادرة منذ أيام، لتسيطر مجدداً على معظم المناطق التي فقدتها في وقت سابق لصالح التنظيم.

وكانت شبكات اخبارية موالية للنظام السوري، قد بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تُظهر أرتالاً لقوات النظام، تتجوّل في الأحياء التي يسيطر عليها النظام السوري في دير الزور، حاملةً عشرات الجثث لعناصر "داعش"، ممّن قُتلوا أثناء اشتباكات الجفرة.

ويشير ذلك، إلى الخسائر الكبيرة التي تكبّدها التنظيم إبان محاولته السيطرة على المطار العسكري، الذي يُعتبر آخر المطارات العسكرية، التي تحتفظ قوات النظام بالسيطرة عليها، شرق البلاد. وكانت قوات النظام السوري، قد استخدمت أثناء دفاعها عن المطار، سياسة "الأرض المحروقة"، بحسب الناشط معاذ الحسن، الذي اعتبر أن "خسائر داعش الكبيرة في محيط المطار العسكري، لم تكن لتحصل، لولا كثافة القصف المدفعي والصاروخي، من قبل قوات النظام في محيط المطار".

وكانت طائرات النظام السوري، قد شنّت في الأسبوعين الأخيرين، عشرات الغارات الجوية، التي استهدفت أحياء المطار القديم، والعمال، والعرضي، ومنطقة حويجة صكر، داخل دير الزور، وقريتي الجفرة وحطلة ومناطق أخرى في ريف المدينة.

وساهمت الغارات، بالتزامن مع غارات طيران التحالف الدولي على "داعش" في مناطق البوكمال والميادين والموحسن وخشام ومحيطها، بزيادة الضغط على التنظيم، الذي بات عناصره يضطرون للمبيت ليلاً، في أماكن مفتوحة في البادية، خوفاً من استهداف طيران التحالف لمقرّاتهم، بحسب مصادر محلية في دير الزور.

من جانب آخر، تستمر الاشتباكات بشكل متقطع بين "داعش" وقوات "حماية الشعب" الكردية، المدعومة بمجموعات من قوات "الجيش الحرّ" وقوات "البشمركة" الكردية، في عين العرب للشهر الرابع على التوالي، حيث يحتفظ "داعش" بالسيطرة على الأحياء الشرقية والجنوبية من المدينة، في الوقت الذي تبسط فيه القوات الكردية سيطرتها على غرب المدينة وشمالها، وصولاً إلى معبر رشاد بينار الحدودي مع تركيا، في ظلّ تواصل الاشتباكات بين الجانبين في محيط منطقة البلدية، وساحة الحرية وسوق الهال، وسط المدينة.

وكان التنظيم، قد حاول أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة، التقدم للسيطرة على منطقة المعبر الحدودية مع تركيا، بهدف حصار القوات الكردية في المدينة، من دون أن ينجح في ذلك، لتتواصل حالة المراوحة النسبية في المدينة بعد أكثر من أربعة أشهر من بدء هجوم "داعش" على عين العرب. ويجري كل ذلك في ظل تواصل غارات طيران التحالف الدولي على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في المدينة ومحيطها، والتي كلّفته ثمناً باهظاً، بعد مقتل العشرات من عناصره.

وكشف شهود عيان في مدينة منبج، التي يسيطر عليها التنظيم، لـ"العربي الجديد"، عن قيام عناصر "داعش" يومياً بدفن رفاق لهم في مقابر المدينة، قُتلوا إثر غارات التحالف الدولي على مقرات ونقاط التنظيم.

وفي السياق، تتواصل الاشتباكات المتقطعة بين "داعش" وقوات المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي، للشهر الخامس على التوالي، من دون تحقيق التنظيم أي تقدم يذكر. وعلى الرغم من سيطرته على بلدة أخترين وريفها في ريف حلب الشمالي، مطلع شهر آب/أغسطس الماضي، فإنه لم يتمكن منذ ذلك الوقت، من إحراز أي تقدم جديد، في محاولاته المتكررة، بسبب استماتة قوات المعارضة السورية، في الدفاع عن مناطق سيطرتها في المنطقة.

على صعيد آخر، يتحدث ناشطون محليون في حمص عن قيام "داعش" بحشد المزيد من قواته، في محيط منطقة شاعر الاستراتيجية في ريف حمص الشرقي، بهدف السيطرة عليها، لكونها منطقة غنية بحقول النفط والغاز، وتتمتع بأهمية استراتيجية خاصة لدى النظام السوري، الذي يعتمد على الغاز الذي تستخرجه الشركات الحكومية في المنطقة، من أجل إمداد مناطق سيطرته بالغاز المنزلي، وتزويد محطات توليد الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي اللازم لتشغيلها.

لكن "داعش" فشل في محاولات سابقة عدة، في تثبيت سيطرته على هذه المنطقة الاستراتيجية، بعد شنّه حملات كبيرة منذ نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بهدف السيطرة على المنطقة، لكن هذه الحملات لم تمكنه حتى الآن من تحقيق مراده، بسبب استعادة قوات النظام السوري السيطرة على جميع النقاط التي يبسط "داعش" سيطرته عليها، مع كل حملة عسكرية يشنها في المنطقة.

يدفع كل ذلك التنظيم، إلى شنّ المزيد من الحملات العسكرية على المنطقة، بهدف إثبات قدرة قواته القتالية، وتجاوز حالة المراوحة التي باتت تتميز بها خطوط الاشتباك بين قواته وقوات كل من النظام السوري والقوات الكردية وقوات المعارضة على حدة.

ويبدو أن استمرار الغارات التي يشنها التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، باتت تؤثر بشكل ملحوظ على فاعلية قوات التنظيم، التي لم تتمكن منذ أكثر من شهرين من حسم أي من المعارك التي تخوضها في سورية.
ولا شك أن توزع الجبهات التي يقاتل عليها "داعش"، وتعدد أعدائه وطول خطوط امداده، أثّرت جميعاً على فاعلية قواته التي أصبحت في الواقع، أضعف من أن تنهي أياً من معاركها المستمرة منذ أشهر في سورية، على عكس وضعها قبل انطلاق غارات التحالف الدولي.

المساهمون