"داعش" والذخيرة الأميركية..

"داعش" والذخيرة الأميركية..

30 أكتوبر 2014
+ الخط -

بدايةً، ما كنت لأقحم قلمي المثقل بالهموم في هذا الملف الشائك، لولا دخول إيران على خط الأزمة، وإعلانها، وبالفم الملآن "الضربات الأميركية خدعة كبرى". وما كنت لأدوس على لغم أرضي مضاد للأشخاص كهذا، لو كان هذا الأمر هو الأول والأخير من نوعه. ولكن وبعد أن تكرر المشهد، وألقت الطائرات الأميركية الذخائر والأغذية ثلاث مرات جديدة على مواقع "داعش"، في جلولاء العراقية، بعد أن كانت قد ألقت مثيلاتها في كوباني الكردية - السورية، أصبح لزاماً وضع المسألة على طاولة التشريح! أما لماذا تتصرف أميركا بهذه الطريقة؟ فهذا في تصوري القاصر يمكن تلخيصه في ست فرضيات، لا سابع لها، لن أرجح إحداها على الأخرى مطلقا، والأمر متروك للقارئ الكريم ونباهته.
 
الفرضية الأولى: أميركا تريد تحقيق حالة من التوازن في الصراع العسكري المدمر، تمهيدا لتفتيت المنطقة إلى كيانات هزيلة، على ضوء مخطط جو بايدن، التقسيمي، وخارطة برنارد لويس الشهيرة وولادة دولة كردستان الكبرى، أول مرة في تاريخ ما تسميه الشرق الأوسط. ففي وقت تمنح فيه أكراد العراق الضوء الأخضر لإرسال قوات البشمركة المزودة بأسلحة ثقيلة إلى كوباني، ترمي بذخائر ومعدات عسكرية على مواقع تنظيم دولة المنشقين عن القاعدة، أو "داعش"، بحسب وسائل الإعلام العربية، أو الدولة الإسلامية، على حد وصف وسائل الإعلام الغربية.
 
الفرضية الثانية: أميركا تريد إطالة أمد الحرب المدمرة في عموم المنطقة، لأن شركاتها تحقق أرباحا خيالية، جراء هذه الحرب، تقدر بنحو 65 مليون دولار يومياً، بحسب روبرت فيسك في صحيفة اندبندنت. وكلما طال أمد الحرب زادت الأرباح وعم الدمار في المنطقة، بما يسمح للشركات نفسها بإعادة إعمارها على الطريقة العراقية. 60 مليار دولار تمت سرقتها من صندوق الإعمار في زمن بول بريمر وحده، ناهيك عن قروض البنك الدولي وصندوق "الحقد" الدولي.
الفرضية الثالثة: "داعش" متحالف مع أميركا بصورة مباشرة، أو غير مباشرة.
الفرضية الرابعة: الطائرات الأميركية تخطئ فعلاً في رمي المساعدات، كون المناطق تخضع لحرب عصابات، كر وفر، تتغير موازين القوى فيها لصالح هذا الطرف أو ذاك، في غضون ساعات. فما كان بيد "داعش" الساعة الرابعة عصراً قد يكون بيد البشمركة في السابعة مساء، والعكس صحيح.
الفرضية الخامسة: أميركا تلقي ذخائر ومعدات عسكرية وغذائية مزودة بأجهزة التقاط، بث وإرسال، تنصت، لتحديد مواقع مخفية بطرق لا يمكن كشفها، إلا بأجهزة متطورة. أو أن الذخائر والأغذية تالفة، أو ملوثة إشعاعياً وبيولوجياً، وهذا تكتيك اتبعته أميركا في فيتنام ولاوس وكمبوديا. أو أن أميركا تلقي، اليوم، ذخائر ومعدات سالمة تماماً إلى حين اطمئنان عناصر "داعش" واعتيادهم على الأمر، ومن ثم تفاجئهم بواحدة مما ذكرت آنفاً، وربما أبشع على غرار حصان طروادة!
 
الفرضية السادسة: أميركا تريد إسقاط "داعش"، إعلامياً، في نظر الشباب المتحمس للانضمام إلى إرهابها، وممن نجح التنظيم في كسبهم عبر ما يبثه في "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي، ليقال إن للتنظيم ارتباطا بأميركا. فهي تقتل مائة من عناصر التنظيم، وتدمر آلياته، ثم تلقي عليه شحنة تسلط عليها الأضواء إعلامياً لتمحو هذه التي سبقتها. وهذا الأمر بالذات يصبح في خبر كان مع أول صدام عسكري حقيقي، "لم يحدث بعد مطلقاً بين داعش والقوات الأميركية" على الأرض.

avata
avata
أحمد الحاج (العراق)
أحمد الحاج (العراق)