"حرب عصابات" ببرلمان فرنسا: 22 ألف مقترح لقانون التقاعد

"حرب عصابات" في البرلمان الفرنسي: 22 ألف مقترح لقانون التقاعد

03 فبراير 2020
مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد مثيرٌ للجدل(ليونيل بونافنتور/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش فرنسا أسبوع نقاش حاد مع وصول مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل إلى الجمعية الوطنية، اليوم الإثنين، حيث سيتم فحص النص من قبل لجنة خاصة قبل البدء بطرحه على النواب.

اللافت هو محاولة إغراق النقاشات باقتراح تعديلات على مشروع القانون المؤلف من 1500 صفحة بلغت أرقاماً خيالية وصلت إلى 22 ألف مقترح، أي بمعدل 14 مقترح تعديل لكل صفحة.

واللافت أيضاً أن حزب "فرنسا المتمردة"، الذي يقوده جان لوك ميلانشون، قدم لوحده 19 ألف مقترح تعديل، فيما تقدّمت الأحزاب المتفقة مع الحكومة بـ298 مقترح تعديل، وفق ما أفادت صحيفة "ليزيكو"، في حين قدمت تكتلات برلمانية ونقابات باقي مقترحات التعديل.


وعلى الرغم من هذا الرقم الضخم للتعديلات المقترحة، فإنها لن تبقى على حالها، إذ سيتم نقاشها وتخفيضها، خصوصاً أن الكثير منها هدفه فقط عرقلة عمل الجمعية الوطنية.

وفي السياق، وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية مشهد اليوم بأنه "حرب عصابات في البرلمان" يقودها ميلانشون، في إشارة إلى الاقتراحات المقدمة من جماعته.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن ألكسيس كوربيير، النائب عن حزب ميلانشون، قوله إنهم قرروا "رمي نصوص التعديلات على كاهل الحكومة".

وفي وصفها لمشهد اليوم، انطلقت "لوموند" من اتفاق جماعة ميلانشون مع الشيوعيين والاشتراكيين على تقديم اقتراح للسلطة التنفيذية لطرح مشروع القانون إلى الاستفتاء، والتعديلات الكثيرة المقترحة هي مجرد تكتيكات إجرائية لإبطاء عمل الجمعية الوطنية في اعتماد مشروع القانون.

ميلانشون كان قد لمّح إلى إعدادهم خطة لعرقلة عمل الجمعية الوطنية، وقال في تصريحات لقناة "بي اف ام" التلفزيونية الفرنسية، إن النواب سيفشلون في أداء واجباتهم إذا لم يستخدموا جميع أوراقهم وأسلحتهم لتأخير القرار النهائي. واعتبر أن عدم عرقلة نقاش مشروع قانون إصلاح التقاعد يعني إقراره من قبل الجمعية الوطنية في ثلاثة أيام.

من الناحية النظرية، وضع تاريخ الثالث من شهر مارس/ آذار المقبل موعداً للتصويت على القانون، لكن التعديلات التي يرميها اليسار المتطرف تمهد لجدل لا نهاية له، فضلاً عن أنها توفر منافذ غير محدودة لطرح تعديلات جديدة خلال نقاش التعديلات المطروحة أساساً.

ويرى معارضو مشروع القانون أنّ الحكومة تضغط عليهم من أجل إقراره من خلال إعطائهم مهلة خمسة أسابيع لنقاش التعديلات، وأسبوعاً لإقرار التعديلات قبل طرحه على التصويت، لكن سعيهم إلى العرقلة يواجه انتقادات أيضاً، ويطلق بشكل فعلي الجدل، إذ ندد النائب عن حزب "الحركة الديمقراطية" مارك فيسينو، وزير العلاقات مع البرلمان، بما سماه "استراتيجية العوائق"، ونقلت عنه قناة "فرانس انفو" قوله إن ذلك "يحط من دور البرلمان، وكأنهم يقفون أمام الفرنسيين ويقولون إننا لا نريد النقاش".


لكن في المقابل، يرد النائب عن الحزب الاشتراكي لاندز بوريس فالود بالقول إن "الحكومة هي التي تعرقل النقاش البرلماني حول موضوع رئيسي في البلاد".

وشرح في تصريحات لصحيفة "لوموند"، أن "المعارضة لا تبتعد عن شروط فحص النص. لم يكن لديهم سوى أسبوع منذ تقديمه إلى مجلس الوزراء لنقاشه وتعديل الجدول".

وأضاف أن "عامين ونصف العام من العمل الوزاري، وسنتين من التشاور وأربعة أيام لتناول 1500 صفحة من دراسة التأثير ومشروع القانون. إنه إهانة للبرلمان. يأخذون الجميع إلى حائط مسدود بشروط فحص غير مقبولة للنص".

ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستنتهي هذه المعركة، إذ بعد أكثر من خمسين يوماً من الإضراب، وأمام نفاد موارد النقابات التي كانت تغطي خسائر الموظفين المضربين في قطاعات الدولة، وأبرزها المواصلات، ظهرت ملامح غضب ضدهم من قبل الفرنسيين، ما دفع جماعات المعارضة إلى تكتيكات جديدة لمواجهة احتمال كبير بانخفاض نسبة التأييد لتحركاتهم، تضمنت قطع الكهرباء عن بعض المدن والقرى، وتعطيل حركة موانئ والحد من توريد الوقود إلى بعض المناطق، لكنهم اليوم نقلوا تكتيكاتهم الجديدة إلى الجمعية الوطنية، من خلال إغراق النقاشات بـ22 ألف مقترح تعديل لمشروع قانون إصلاح نظام التقاعد.

دلالات