"بقايا" العقوبات الأميركية تخنق اقتصاد السودان

"بقايا" العقوبات الأميركية تخنق اقتصاد السودان

08 فبراير 2019
سوء الأوضاع المعيشية يؤجّج الشارع السوداني (فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال الشركات غير قادرة على إجراء معاملات دولارية في السودان، كما لا تزال سوق إعادة التأمين مغلقة أمام شركات التأمين، وشركة الطيران المحلية متوقفة تقريبا بسبب نقص قطع الغيار، رغم انقضاء 16 شهراً على رفع الولايات المتحدة معظم عقوباتها عن الخرطوم.

والمشكلات ناجمة عن السبب نفسه: القيود المرتبطة بالصراع في دارفور، واستمرار واشنطن في إدراج السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.

ويقول رجال أعمال ودبلوماسيون إن هذا الوضع لا يزال يضغط على الاقتصاد، وساهم في أزمة تغذي احتجاجات على نطاق واسع تشكل أكبر تهديد حتى الآن لنظام حكم الرئيس عمر البشير المستمر منذ 30 عاما.

وتقول واشنطن إنه حتى يتم رفع السودان من قائمة الإرهاب، سيكون محظورا عليه الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو دعم تحتاجه البلاد بشدة لتقليص معدل التضخم الذي بلغ حوالي 73% في ديسمبر/ كانون الأول.

ويقول مصرفيون إن علاقات المستوردين بالموردين الأجانب لا تزال محصورة في نطاق ضيق، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الافتقار إلى علاقات مراسلين مع بنوك أجنبية. ولا يوجد بنك في السودان لديه القدرة على فتح حساب بالدولار.

وتنتظر معظم البنوك الأميركية والأوروبية رفع السودان من قائمة الإرهاب، وأبدت قلقها من عقوبات ثانوية لا تزال قائمة بحق أفراد مرتبطين بالحرب في دارفور، بحسب ما قاله مصرفيون سودانيون.

ويجب على البنوك الأجنبية والسودانية أن تثبت أنها متوافقة مع هذه العقوبات خشية التعرض لغرامات ضخمة.

"كابوس الالتزام"

ويعتبر مصرفي في الخرطوم أن "إعادة بناء العلاقات عملية طويلة ومرهقة". ويقول أمين النفيدي، الذي يدير واحدة من أكبر شركات النقل في السودان وأكبر مورد لفراخ الدجاج إلى صناعة الدواجن في البلاد، "معظم البنوك الأجنبية لا تستجيب... الحجم المنخفض لأنشطة الأعمال لا يشجعهم".

مصرفيون سودانيون يعتبرون أن شركات سودانية، تحولت بالفعل من استخدام الدولارات واليورو، إلى تسوية جميع أنشطتها تقريبا بالدرهم الإماراتي عبر دبي، في تحرك لا يبدو أن الحكومة الأميركية ستعترض عليه.

لكن مثل هذه الصفقات يمكن أن تزيد التكلفة بما يصل إلى 20 بالمئة، فيما تبقى العقوبات العقوبات مؤثرة.

رجال أعمال قالوا إن شركة الخطوط الجوية السودانية، التي تعاني منذ فترة طويلة من مشكلات في الصيانة، تشغل فقط طائرتين مستأجرتين. ولم يتسن الحصول على تعقيب من الشركة.

وذكر مسؤول تنفيذي بقطاع التأمين السوداني أن شركات التأمين لا تستطيع تحويل دولارات إلى شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى، وهو ما يدفعها إلى التعامل فقط مع شركات إقليمية لإعادة التأمين لا قدرة لها على الحصول على مدفوعات من السودان.

وتابع قائلا إن "هذه مشكلة لمشروعات كبيرة مثل مصانع السكر، أو محطات الكهرباء، لديها مخاطر كبيرة لا تستطيع شركات إعادة التأمين المحلية التعامل معها".

"حرق أصابع"... البنوك

وكانت الخرطوم تتوقع تسهيلات ائتمانية لإجراء الاستفتاء الذي أسفر عن انفصال الجنوب في 2011، منتزعا من السودان ربع أراضيه ومعظم إنتاجه النفطي.

لكن مع استمرار عقوبات، وافقت بنوك أوروبية، من بينها "إتش.إس.بي.سي" و"بي.إن.بي باريبا" في 2013 و2014 على دفع أكثر من 10 مليارات دولار لتسوية قضايا أقامتها الولايات المتحدة بشأن تعاملات مزعومة مع دول تحت طائلة العقوبات من بينها السودان.

وقال مصرفي ثان "الأمر يشبه من يحرق أصابعه. أي بنك الآن، حتى لو كان سعوديا، يحجم عن التعامل مع بنوك سودانية".

ورفعت واشنطن عقوبات تجارية، استمرت عشرين عاما، عن السودان في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، مشيرة إلى تقدم في مكافحة الإرهاب ودخول المساعدات الانسانية، إلا أن الخرطوم بقيت في قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وأعلنت الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي أنها بدأت محادثات مع الخرطوم لشطبها من القائمة، التي ترجع إلى عام 1993، وترتبط باتهامات بدعم السودان لجماعات متشددة مناوئة لإسرائيل، من بينها حماس وحزب الله.

وكانت الخطة تتضمن الاجتماع مرة كل شهر، بالتناوب في واشنطن والخرطوم، لكن العملية تأخرت في يناير/ كانون الثاني بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية. وقال دبلوماسيون إن أي اتفاق سيتم التوصل إليه، قد يستغرق شهورا لوضعه موضع التنفيذ.

ورغم صعوبة قياس الناتج المحلي الإجمالي بسبب الاضطرابات وأضرار الهبوط السريع في قيمة العملة، فإن مستويات المعيشة تهبط حيث يؤدي نقص السلع إلى طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود وماكينات صرف النقود.

وقال دبلوماسي "الاقتصاد السوداني في حالة متردية بما يجعل الحكومة في أمسّ الحاجة للخروج من قائمة الإرهاب".

(رويترز)

المساهمون