"المسيحيون الصهاينة": تطوع في المستوطنات وآلة دعاية لإسرائيل

"المسيحيون الصهاينة": تطوع في المستوطنات وآلة دعاية لإسرائيل

28 أكتوبر 2016
"المسيحيون الصهاينة" يفدون مع عائلاتهم لإسرائيل (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من العلاقة الحميمية التي جمعت دوماً اليمين الديني في إسرائيل وبعض التيارات المتطرفة في الكنائس الانجيلية الأصولية في الولايات المتحدة وبقية أرجاء العالم، إلا أن هذه العلاقة شهدت أخيراً تطوراً كبيراً، تمثل في حرص هذه الجماعات على التمادي في إظهار الإسناد والدعم لغلاة اليمين الديني اليهودي المتطرف، لا سيما في المستوطنات اليهودية في أرجاء الضفة الغربية. وقد تمثلت مظاهر الإسناد في قدوم عدد كبير من اعضاء التيارات المتطرفة في الكنائس الانجيلية، خصوصاً ممن ينتمون إلى المعسكر الأكثر تطرفاً في تأييده لإسرائيل، والذين يطلقون على أنفسهم "المسيحيون الصهاينة"، إلى إسرائيل للقيام بأعمال "تطوعية" داخل المستوطنات، إلى جانب مشاركتهم الفاعلة في الجهد الدعائي لليمين الديني الإسرائيلي وتفانيهم في تبرير السياسات المتطرفة التي تقدم عليها حكومة بنيامين نتنياهو.

والمفارقة أن قسما كبيرا من "المسيحيين الصهاينة" اختار مستوطنة "هار برخاه"، التي تقع على قمة جبل "عيبال"، شمال نابلس، والتي خرج منها معظم عناصر جماعة "شارة ثمن" الإرهابية، المسؤولة عن شن العشرات من العمليات الإرهابية التي طاولت المواطنين الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية في الضفة الغربية وداخل فلسطين 48. وتضم "هار برخاه" أيضاً مدرسة "عود يوسي فحاي" الدينية، التي انشغل حاخاماتها بـ"التأصيل الفقهي" لتبرير العمليات الإرهابية، حيث إن مدير المدرسة، إسحاق غيزنبيرغ، أفتى بأن إحراق عائلة دوابشة مثّل "فريضة شرعية"، في حين أن مساعده الحاخام إسحاق شابيرا ألّف "مصنفاً فقهياً" لتبرير قتل الرضّع من الفلسطينيين.

وحسب تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر أمس الأربعاء، فإن "المسيحيين الصهاينة" يفدون مع عائلاتهم إلى المستوطنات اليهودية، وتحديداً إلى "هار برخاه" للقيام بأعمال تطوعية داخل المستوطنة. وأشار التحقيق بشكل خاص إلى أن من يقف وراء هذه الفكرة هم: جوشي وكييتلين، وهما زوجان من "المسيحيين الصهاينة"، وشيري، والدة جوشي، الذين قدموا من مدينة تينيسي، في الجنوب الأميركي، عام 2004 إلى المستوطنة، وعملوا بعد ذلك على تنظيم رحلات للمئات من "المسيحيين الصهاينة" من جميع أرجاء العالم إلى مستوطنات الضفة الغربية. وتنقل "هآرتس" عن كييتلين قولها إن "عودة اليهود من الشتات مثلت معجزة. نحن نحب إسرائيل ونؤيد الإسرائيليين، ونقف إلى جانب الشعب اليهودي وندعم حقه في تقرير مصيره". وتشير الصحيفة إلى أن جوشي وكييتلين يديران ويوجهان أنشطة عدد كبير من المتطوعين من "المسيحيين الصهاينة" الذين وفدوا من جميع أرجاء العالم إلى هذه المستوطنة وإلى غيرها. وحسب الصحيفة، فإن الأعمال "التطوعية" التي يقوم بها "المسيحيون الصهاينة" تشمل المساعدة في الاعتناء بكروم العنب التي زرعها المستوطنون على أرض جرى اقتطاعها عنوة من القرى الفلسطينية المجاورة. ومن أجل إظهار التضامن مع المستوطنين، الذين ينتمون إلى التيار الديني المتشدد، فإن الرجال من "المسيحيين الصهاينة" يرتدون ملابس المتدينين اليهود نفسها، باستثناء القبعة الدينية، في حين تحافظ النساء على وضع غطاء على الرأس، على الرغم من أنهن يمارسن نمط حياة علماني بعد خروجهن من المستوطنة.


ويشير الباحث شكيد أورباخ، الذي أعد التحقيق، إلى أنه فوجئ من مستوى تشرّب "المسيحيين الصهاينة" لدعاية اليمين الديني في إسرائيل، مشيراً إلى أنهم طوروا رسائل دعائية خاصة بهم، في محاولاتهم تبرير احتفاظ إسرائيل بالضفة الغربية. ونقل أورباخ عن أحدهم قوله "لو لم تكن إسرائيل تسيطر على هذه المناطق، فإن داعش كان سيصل إلى منطقة غوش دان (تضم تل أبيب وما يعرف بوسط إسرائيل)". وينقل عن شخص آخر من المجموعة قوله "في حال قررت إسرائيل التمدد، فإننا سنؤيد قرارها من دون تردد"، في حين يجزم جوشي بأن إسرائيل "ستعود في آخر الأيام لتمتد حدودها حتى العراق".

وعلى صعيد الاستنفار لصالح خدمة الأهداف الدعائية لإسرائيل، فقد عمدت "السفارة المسيحية الدولية"، التي تعد أكبر تجمع لـ"المسيحيين الصهاينة"، إلى إصدار بيان يندد بقوة بقرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والتعليم (اليونسكو)، الذي رفض وجود علاقة بين اليهود والمسجد الأقصى. ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية الإسرائيلية عن "السفارة" قولها إن "إنكار علاقة اليهود بجبل الهيكل (الاسم الذي يطلقه اليهود على المسجد الأقصى) هو إنكار للعلاقة بين المسيحيين وهذه الأرض". وجاء في البيان، الموقع من قبل مدير فرع "السفارة" في القدس المحتلة، يورغن بولر، إنه تمت إحاطة 130 "قنصلية" تتبع لـ"السفارة المسيحية العالمية" في أرجاء العالم بخطورة قرار "اليونسكو"، وضرورة العمل من أجل إحباطه، حيث تم التشديد على أن القرار "يعني إلغاء 4000 عام من العلاقة بين اليهود وجبل الهيكل، و2000 عام من العلاقة بين المسيحيين وهذه الأرض". يذكر أن تحقيقاً بثته قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية قبل عام ونصف العام كشف النقاب عن أن اعضاء التيارات المتطرفة في الكنائس الانجيلية يحولون سنوياً عشرات الملايين من الدولارات لدعم الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية، علاوة على دعم المشاريع الهادفة لتهويد القدس والحرم القدسي.