"العدالة الانتقالية" التونسية تحاكم قتلة قيادي بحركة النهضة

"العدالة الانتقالية" التونسية تحاكم قتلة قيادي بحركة النهضة

15 نوفمبر 2018
وقفة داعمة لمحاكمة قتلة التونسي عثمان بن محمود (فيسبوك)
+ الخط -

نظرت الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية اليوم الأربعاء، الجلسة الثانية لمحاكمة قتلة عضو حركة الاتجاه الإسلامي والتي تحول اسمها إلى حركة النهضة، عثمان بن محمود، في 18 أبريل/نيسان 1986.

وفي تلك الفترة، كان الرئيس السابق زين العابدين بن علي يشغل منصب مدير الأمن الوطني قبل توليه الرئاسة بعام واحد، وعرفت ملاحقات عدة واعتقالات بالجملة لمنتمين إلى الحركة الإسلامية داخل تونس، وتعتبر حركة النهضة هذه الجريمة هي الأولى التي ارتكبها بن علي تمهيدا للوصول إلى السلطة.

وحضر جلسة المحاكمة أفراد من عائلة الضحية وأصدقائه، وقياديون ومحامون من حركة النهضة، وشهدت رفع لافتات كتب على عدد منها "يا شهيد ارتاح ارتاح. سنواصل الكفاح"، و"الصمود الصمود. للشهيد بن محمود"، و"الشهيد ترك وصية. لا تنازل عن القضية".
ولأول مرة في مسار العدالة الانتقالية التونسي يحضر اثنان من القيادات البارزة في جهاز أمن الدولة المتهم بالقتل، فيما غاب عدد آخر من المتهمين.


ونفذ عدد من أصدقاء بن محمود وقفة أمام المحكمة، ضمت عددا من الطلبة باعتبار أنه كان ينتمي إلى الاتحاد العام لطلبة تونس وقت مقتله، وطالبوا بوقف المزايدة على الدماء، وتحقيق العدالة الانتقالية التي تعتبر ملف كل الشعب التونسي، مشددين على أنه لا عدالة من دون الكشف عن الحقيقة.

وقال القيادي في حركة النهضة، نجيب مراد، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللافت للانتباه بالنسبة إليهم اليوم، هو أنّ اليد الحديدية لبن علي الذي يعد أحد أعمدة القمع في تلك الفترة في أمن الدولة حضر الجلسة، وهي نقطة إيجابية، مضيفا أنها "خطوة جيدة لكشف الحقيقة، خصوصا أن البوليس السياسي تعمّد إطلاق الرصاص مباشرة على رأس الضحية خلال ملاحقته في حيّ الزهور بالضاحية الغربية للعاصمة".

وأوضح مراد أن "بن محمود تم اغتياله بتعليمات مباشرة من بن علي عندما كان مديرا للأمن الوطني، إذ كان منزعجا من تحركاته كناشط في حركة الاتجاه الإسلامي، وفي الجامعة، وعندما علم أنه سيتم تفتيش المقر الذي يوجد به وثائق تابعة للحركة حاول تأمين الوثائق بمفرده، ولكن الأمن كان يلاحقه ويرصد خطواته، وعند محاولته الفرار تم استهدافه بالرصاص وإصابته مباشرة في الرأس".



ووجهت تهم القتل العمد في القضية إلى ستة أشخاص، على رأسهم بن علي وقيادات أمنية بارزة، وأبرز استعمال رصاصة من الخلف، والتصويب من مسافة قريبة، وتعمد تزوير محضر البحث لإخفاء آثار الجريمة.

ويشار إلى أن قضية عثمان بن محمود تعتبر أول قضية ضمن الانتهاكات الجسيمة لبن علي قبل توليه السلطة وبداية فترة الدكتاتورية.

وانتظرت عائلة بن محمود عدة سنوات بعد الثورة لكي تعرض على هيئة العدالة الانتقالية ملف القضية لتتم محاسبة القتلة أمام محكمة مختصة، خاصة وأن النظام لم يكتف بالاغتيال بل نكل بالعائلة التي عانت عدة مظالم، ومنها الطرد من الوظيفة والملاحقات الأمنية.