"الصين والشرق الأوسط": منذ الحرب الباردة إلى اليوم

"الصين والشرق الأوسط": منذ الحرب الباردة إلى اليوم

12 سبتمبر 2020
خريطة الصين، عمل نحتي لـ آي ويوي
+ الخط -

صدر حديثاً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "الصين والشرق الأوسط: دراسة تاريخية في تطور موقف الصين تجاه قضايا المنطقة العربية بعد الحرب الباردة"، يحاول فيه الباحث الأكاديمي السوري حكمات العبد الرحمن في سبعة فصول فهم موقف الصين من القضايا العربية الحساسة على المستوى العالمي، وأن يقدم قراءة استشرافية لمستقبل العلاقات العربية - الصينية وتأثيرها في موقف الصين من القضايا العربية المصيرية. 

الفصل الأول جاء بعنوان ""دور الصين ومكانتها المستقبلية في النظام العالمي والعلاقات الدولية"، ويتطرّق إلى مكانة الصين ودورها في مستقبل نظام العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة والفرضيات المختلفة، ويرى المؤلف أن ثمة خلافًا بين النظريات السياسية وعلماء العلاقات الدولية حول هذا الدور.

الصورة
غلاف الكتاب

فدراسات كثيرة تشير إلى أن الصين مؤهلة وبقوة كي تكون اللاعب الدولي رقم واحد في العالم، ولكن على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الصين، فإن هناك من يخالف النظرية السابقة ويقول عكسها. فالصين بحسب البعض غير مؤهلة لأداء هذا الدور العالمي، فهي تعاني مشكلاتٍ داخليةً كالفساد وارتفاع معدلات البطالة إضافة إلى المشكلات الداخلية السياسية والاقتصادية.

في الفصل الثاني، "العلاقات الصينية - الشرق الأوسطية"، يتناول المؤلف موضوع العلاقات العربية -الصينية منذ عام 1949، ويقسم هذه العلاقات إلى مراحل؛ الأولى هي مرحلة خمسينيات القرن العشرين وستينياته، وشهدت انتقال الصين من مرحلة الانفتاح إلى مرحلة العزلة الدبلوماسية. والمرحلة الثانية هي مرحلة عودة الصين التدرجية إلى منطقة الشرق الأوسط. أما المرحلة الثالثة خلال ثمانينيات القرن العشرين، فحرصت الصين فيها على إظهار رغبتها في تبني مواقف أكثر وضوحًا واستقلالية في ما يتعلق بقضايا منطقة الشرق الأوسط. 

وفي المرحلة الرابعة، عملت الصين على توطيد وجودها وتعزيز تأثيرها في المنطقة العربية من خلال كونها موردًا أساسيًّا للسلاح للدول التي تعاني حظرًا من الدول الغربية على السلاح، وإظهار صداقاتها لبعض الدول العربية. وفي المرحلة الخامسة مع بداية القرن الحادي والعشرين، اعتمدت الصين في علاقاتها بالشرق الأوسط على الحضورَين السياسي والدبلوماسي، لكن من دون أن يكون لها دور الوسيط في حلّ المشكلات، مع عدم إغفال أهميتها بوصفها شريكًا مهمًا اقتصاديًا وسياسيًا لمنطقة الشرق الأوسط.

مستقبل العلاقات بين الصين والمنطقة العربية خرج من صندوق التاريخ وأصبح أسيرًا للمصالح العليا

يناقش المؤلف في الفصل الثالث، "دور المنطقة العربية في تحديد الاستراتيجية الصينية تجاه الشرق الأوسط"، الاستراتيجية التي تعتمدها الصين والأدوات التي تستخدمها دبلوماسيتها لتحقيق أهدافها في منطقة الشرق الأوسط. ويتساءل عن مدى وجود استراتيجية حقيقية وواضحة لبكين تجاه دول المنطقة. وبحسب المؤلف، "يمكن القول إن الصين لا تمتلك استراتيجية متكاملة، لكن لديها أولويات استراتيجية متعددة في الشرق الأوسط، تتناسب مع مصالحها وعلاقاتها بدوله والقوى الفاعلة فيه على حد سواء".

في الفصل الرابع، "مبادرة الحزام والطريق وتأثيرها في العلاقات العربية – الصينية"، يتناول المؤلف مبادرة الحزام والطريق وتأثيرها في العلاقات العربية - الصينية، وأهميتها بالنسبة إلى جميع الدول عمومًا، والدول العربية خصوصًا. ويرى أن مبادرة الحزام والطريق شهدت تجاوبًا محدودًا من الدول العربية يمكن تفسيره بالنظر في أمرين: الأول هو ضبابية صورة المشروع وغموض أهدافه، والثاني الخوف من تأثيره في أهم الممرات العالمية التي تقع ضمن الدول العربية، ولا سيما قناة السويس، ما ينعكس بدوره سلبيًا على الاقتصاد المصري. 

يعالج العبد الرحمن في الفصل الخامس، "العوامل المؤثرة في موقف الصين من قضايا المنطقة العربية"، وهي أمن الطاقة وارتباط هذا الأمن بالمنطقة؛ والتجارة والاستثمار، ودور العامل الأميركي في سياسة الصين الشرق الأوسطية وتأثيره الفعلي في المواقف الصينية من أهم القضايا التي شهدتها المنطقة العربية؛ أما العامل الرابع هو تأثير العوامل الداخلية في الصين والمنطقة في تلك المواقف؛ إلى جانب هوس الصين وطموحها إلى تحقيق الهيمنة في المنطقة، انطلاقًا من إرث تاريخي يعود إلى العهد الإمبراطوري، وطموح حاضر في نموها الاقتصادي المذهل؛ والعامل والأخير هو العلاقات المتداخلة والمعقدة بين الصين والقوى الفاعلة الأساسية الثلاث في المنطقة؛ أي المملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل.

في الفصل السادس، "موقف الصين من قضايا المنطقة العربية"، يتناول المؤلف موقف الصين من أهم القضايا التي شهدتها المنطقة العربية: مسألة الصراع العربي - الإسرائيلي، وحربَا الخليج الثانية والثالثة، وقضية أمن الخليج العربي إضافة إلى عرض تاريخي للعلاقات الصينية - الأفريقية، ولا سيما مع السودان، إضافة إلى دراسة موقف الصين من أزمة دارفور وانفصال جنوب السودان، وتحليله.

أما الفصل السابع والأخير، "مستقبل الدور الصيني في المنطقة العربية"، فيركّز فيه العبد الرحمن على معالجة القضايا والمصالح التي تأمل الدول العربية وتتوقع من الصين دعمها ومساندتها فيها، وعلى معرفة الحد الذي يمكن بكين أن تصل إليه في دعمها القضايا العربية في المحافل العالمية. ويتطرق أيضًا إلى أهم المصالح الصينية التي يمكن الجانب العربي أن يدعمها ويساهم في تحقيقها. 

يرى الباحث أن مستقبل العلاقات بين الصين والمنطقة العربية خرج من صندوق التاريخ وتبعاته، وأصبح رهن تلك الأولويات وأسيرًا للمصالح العليا للدول، ويطرح الكاتب تساؤل عن حقيقة اتباع الصين في علاقاتها العربية سياسات استعمارية قديمة لكن بثوب جديد وأساليب حديثة؛ ثوب القوة الناعمة وأساليب الإغراءات الاقتصادية والاستثمارية.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون