"البحث الموسيقي".. عودة التضييق البوليسي؟

"البحث الموسيقي".. عودة التضييق البوليسي؟

23 يوليو 2017
(نبراس وعبير شمام)
+ الخط -
كان من المنتظر أن يقام حفل مجموعة "البحث الموسيقي" ضمن فعاليات "مهرجان قابس الدولي" في المسرح الرئيسي للمدينة، في سهرة يوم غد، غير أنه جرى الإعلان أمس أنه سيقام في فضاء آخر؛ في كورنيش المدينة، بسبب امتناع البوليس التونسي تأمين العرض كما جاء في صفحة قائد الفرقة ومؤسسها نبراس شمام على فيسبوك.

لا يعود هذا الرفض في تأمين سهرة "البحث الموسيقي" إلى مضمون أغنية أو مسرحية كما هو الحال مع مواقف سابقة للأمن التونسي مثل مغنّي الراب كلاي بي بي جي أو الكوميدي لطفي العبدلي، وإنما إلى كون مغنية المجموعة عبير شمام قد دخلت منذ نهاية السنة الماضية في تجاذب مع الأمن إثر اتهامها لاثنين منهم بالاعتداء عليها (مسكها من شعرها)، قابلتها تهمة مضادة بـ "التطاول على موظف عمومي".

هل يبرّر ذلك قرار الأمن التونسي؟ مع تكرّر الحوادث ينبغي التفطّن إلى الضغط الذي باتت تمارسه المؤسسة الأمنية على المشهد الفنّي، والفضاء العمومي بشكل عام، وكأن لا أحد يحقّ له التشكّي من ممارسات البوليس أو أن انتقاد المؤسسة الأمنية ينبغي أن يظل تابو في تونس؟

هنا ينسى أعوان البوليس أن تأمين العروض وكل التجمّعات العامة خدمة من بين الخدمات التي يقدّمها الأمن للجميع، وأن التأمين لا يتعلّق بأعضاء الفرقة وحدهم بل بجميع الحاضرين. لعل النقطة الإيجابية الوحيدة في هذه المسألة هي توفير حلول بديلة وشعبية لتواصل النشاط الفنّي.

يذكر أن مجموعة "البحث الموسيقي" تأسّست في سبعينيات القرن الماضي، ضمن موجة تأسيس فرق "الأغنية الملتزمة"، وعرفت نجاحات جماهيرية كبيرة في الثمانينيات خصوصاً مع أعمال "هيلا هيلا يا مطر" و"البسيسة"، قبل أن يتفرّق أعضاؤها بداية من التسعينيات مع الجو الخانق الذي فرضه صعود زين العابدين بن علي للحكم، من خلال ممارسات بوليسية أيضاً ولكن ذات توجّه سياسي حيث أن مضامين التي تقدّمها "البحث الموسيقي" كانت ضد تيار المناشدات وترسيخ نظام ديكتاتوري.

عادت الفرقة إلى النشاط بمبادرة من مؤسسها وملحّنها نبراس شمام نهاية العقد الماضي ولكن من خلال وجوه جديدة، دون أن يمنع ذلك من مواصلة التضييق. ورغم أنه لا يوجد خلفية سياسية لهذا التضييق اليوم، إلا أنه يظلّ في كل الحالات شكلاً من أشكال التغطرس ضد الفن.

المساهمون