"ألوانات".. باليه في صعيد مصر

24 نوفمبر 2016
+ الخط -

"كانت دراستي في القاهرة، وحلمت أن يكون لدينا في الصعيد مراكز ثقافية وفنية، مثل المنتشرة في العاصمة، وأوبرا صغيرة تهتم بالموهوبين فنيًا، وتقدم عروضًا فنية وثقافية مختلفة".

يقول ماركو عادل، مؤسس مركز ألوانات، الذي يهدف إلى نشر الوعي بالفنون والثقافة، يسعى المركز إلى تجاوز المركزية، عبر خلق فضاءات جديدة ومنسية، تتيح مناخًا ثقافيًا حرًا، تتحرى من خلاله اكتشاف ذوي المواهب، سواء كانت كتابة أو غناء أو رقصا وتمثيلا، وتوظيف الطاقات الإبداعية المهمشة، في كافة أنحاء الصعيد والقرى البعيدة.

سعى ألوانات من خلال ثمانية متطوعين تتراوح أعمارهم بين عقدي العشرينيات والثلاثينيات، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى إقامة مهرجان للسينما في الصعيد للمرة الأولى. وقد دعا إليه مجموعة من الفنانين، أبرزهم نور الشريف والمنتج محمد العدل، ورئيس مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما، الأب بطرس دانيال.

بدأت أولى فعالياته في قرية تابعة لمحافظة المنيا اسمها أبو قرقاص جنوب العاصمة؛ حيث قام بتنظيم مهرجان للسينما القصيرة والأفلام المستقلة، وتعليم الرسم والتصوير، وإقامة معارض كتب وحفلات موسيقية ومسرحيات وكتابة الشعر.

من خلال جولاتهم الفنية التي جذبت عددا من المهتمين واكتشاف موهوبين، في التمثيل وكتابة الشعر، وتوسيع دوائر اهتماماتهم، التي لاقت إعجابًا من فئات عديدة، دفعت العائلات بأبنائها إلى الاشتراك في نشاطات المركز.

يشير ماركو إلى تواصله مع عدد من الهيئات الثقافية الرسمية لتقديم الدعم والاهتمام، لكن لم يحظ منها باستجابة لمحاولة تفادي بعض التحديات المادية، نظرًا لاعتمادهم على الموارد الذاتية واشتراكات الأعضاء، ومساهمتهم في تطوير الأداء المهني، ورفع الكفاءة التدريبية باستمرار للاطفال المتدربين ومدربيهم وتوفير القاعات التي تساعدهم على الوصول لكل الناس، لأن قاعات المركز وإمكانياتها لا تسمح بذلك.

جاءت خطوة مدرسة الباليه لتتصادم مع الأفكار المحافظة وشديدة الجمود عن هذا الفن وطبيعة الدور والمكانة التي تحوزها المرأة في الصعيد، والتي يحرُم عليها الكثير من الأنشطة وتُفرض عليها القيود. وتوالت الاعتراضات عليهم، باعتبارهم ينشرون العُري والفسوق، ويهدرون قيم المجتمع ويتحدون أعرافه.

لكن استطاعت هذه التجربة المميزة تحطيم التابوهات وتفكيك جزء من الصورة الذهنية التقليدية عن الصعيد؛ حيث انضم إلى المدرسة أكثر من سبعين طفلًا وطفلة تقدمت بهم أسرهم لخوض اختبارات القبول في المدرسة، خاصة المهارات البدنية التي تتطلب بنية رشيقة يسهل معها تدريبهم وإعدادهم للمرحلة الاحترافية.

يؤكد ماركو أنه بمواصلة الدعاية والمناقشات مع الأسر من خلال فعالياتهم، يؤمن بعض القطاعات في المجتمع وتتغير وجهات نظرهم حول أهمية هذه الأنشطة التي تعود على نفسية ونشاط أبنائهم البدني والذهني بصورة جيدة وإيجابية.

تبدأ أعمار الأطفال المشاركين في تدريبات مدرسة الباليه من 4 سنوات إلى 16 سنة، بحيث يتم تدريبهم في قاعات للباليه، من خلال اشتراك رمزي لكلّ مستوى، ويتم اختيار المتقدمين بعد إجراء اختبارات لياقة بمعرفة متخصصين. وبعد تدريب الأطفال على ستة مستويات أساسيّة للباليه، يتم تأهيلهم وإعدادهم للمرحلة الاحترافيّة بتقديم العروض.

يقول ماركو: "قدمنا أول عرض لمدرسة ألوانات للباليه يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ويرافق موعده الأسبوع الألماني العالمي في ألمنيا بحضور السفير الألماني والبعثة الدبلوماسية و20 مؤسسة ألمانية التي تلقينا دعوة من سفارتهم بعد سماعهم عن فكرتنا وهدفنا ونسّقنا العرض معهم للتبادل الثقافي".

وعقد "ألوانات" شراكات عدة، مع شركة يوسف شاهين للأفلام "زاوية"، ومعهد غوته الألماني لتبادل الثقافات من خلال المكتبة المتنقلة. فضلًا عن تدشين نشاط لتعليم الخطّ العربيّ بفنونه المختلفة. والبدء في تدريبات في مجال التمثيل السينمائي والمسرحي قريبًا لتعزز من الفرص الفنية في الصعيد.

المساهمون