لا تقاس كلّ الزلازل بمقياس ريختر، ولا تسجل كلّ الهزات على المراصد؛ بعض الزلازل يلزمها اختراع يقيس الإنسانية، ويبني الخسائر على أساس الضمائر بجوار الأرواح، فالبعض يموت تحت الأنقاض بعد القصف، والكثيرون يموت شيء في داخلهم عند اعتياد الخبر.
تدخل تونس يومها الـ46 بلا حكومة، بينما ينتظر الجميع في الداخل والخارج أن يتولى الرئيس قيس سعيد تعيين رئيس لها بعد وعود كثيرة بأنها ستتشكل في الأيام المقبلة.
تتصاعد المطالب من داخل حركة النهضة التونسية لقياداتها من أجل القيام بمراجعات للسياسات والخيارات التي تم انتهاجها على مدى السنوات السابقة، خصوصاً بعدما ساهمت أزماتها الداخلية ونهج الإقصاء المتبع داخلها في إضعافها.
يشدد الرئيس التونسي قيس سعيّد خناقه على الحكومة والبرلمان، رافضاً توقيع أي قانون لا يراه مناسباً، ومانعاً وزراء من أداء اليمين الدستورية، وهو ما يثير مخاوف من أن يكون بصدد تكبيل المؤسسات وتعطيلها لتوفير أرضية لتطبيق مشروع يؤمن به.
على الرغم من المساعي الهادفة لجمع الأطراف التونسية حول طاولة الحوار، ولا سيما من قبل الاتحاد التونسي للشغل، جاءت خطوة الرئيس قيس سعيّد الأخيرة برفضه المصادقة على قانون المحكمة الدستورية ورده إلى البرلمان، لتضيف المزيد من الصعوبات.
نجح رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي في تمرير جميع الوزراء الذين شملهم التعديل الحكومي الأخير في البرلمان، غير أنّ ما بعد هذا التعديل يبدو معركة سياسية ودستورية حامية بين رأسي السلطة التنفيذية.
تشهد العلاقات التونسية الفرنسية حالة من التوتر الواضح منذ أشهر، وزاد من حدته اعتداء نيس الذي نفذه مهاجر تونسي وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما قبل الحادثة وما بعدها.
ربطت مختلف المواقف الحزبية في تونس وكذلك مراقبون، الاعتداء الإرهابي الذي حصل قرب مدينة سوسة أخيراً، بالزمن السياسي والتحولات التي تشهدها البلاد في محاولة لإرباك المشهد، لا سيما بعد تسلّم رئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي مهامه.
بعد توتر وخلافات عميقة سادت بين الأفرقاء السياسيين والأحزاب في تونس، بدا لافتاً أخيراً إطلاق العديد من هذه الأحزاب دعوات لتهدئة سياسية، بما يطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه الدعوات تستبق جولة مرتقبة من تصفية الحسابات والخلافات المتجددة.
انقلبت المواقف السياسية في تونس في الأيام الأخيرة لصالح هشام المشيشي. وبعدما حاول الرئيس قيس سعيد استبداله أفشلت أحزاب عدة بينها حركة النهضة وقلب تونس هذا التوجه، ما أتاح للمشيشي تقديم حكومته أمام البرلمان أمس الثلاثاء ثم نيل الثقة.