تحوّل وسط العاصمة السودانية الخرطوم، في الساعات الأولى من فجر الأحد، إلى ثكنة شبه عسكرية، بعد الانتشار الكثيف والتمركز لقوات الجيش والشرطة في المدينة، وذلك قبل يومين من تظاهرة مليونية دعا إليها عدد من القوى السياسية الثلاثاء المقبل.
في العالم العربي، احتكرت السلطة المجال العام، وحدث تداخلٌ بين الدولة والأجهزة الحكومية والأحزاب الحاكمة. ومع ضعف مؤسسات المجتمع المدني، انحازت النقابات المهنية إلى مصالح الحزب الحاكم،.. ولم تتوفر لقوى المعارضة إمكانية التحرّك النشط بين الجماهير.
اجتازت "قوى الحرية والتغيير" الخلافات حول ممثليها في المجلس السيادي، فاختارت 5 أعضاء ينضمون إلى ممثلي العسكر في هذا المجلس الذي سيحكم البلاد في فترة انتقالية، في ظل تحديات داخلية وخارجية كبيرة.
قررت مختلف قوى "الحرية والتغيير" في السودان عدم المشاركة بالسلطة الانتقالية، فيما تمسّكت بالمشاركة بالسلطة التشريعية، وهو ما رأى فيه البعض تهرباً من المسؤولية. فيما بررت تلك القوى ذلك بأنه رغبة بضمان أكبر قدر من التوافق على شخصيات ذات كفاءة.
تتواصل الاحتجاجات، اليوم الثلاثاء، في عدد من أحياء العاصمة السودانية، تنديداً بمقتل خمسة متظاهرين في مدينة الأبيض، على يد قناصة، أثناء خروج موكب ضد غلاء الأسعار وندرة الخبز وشحّ المياه، أمس.
جاءت مجزرة مدينة الأبيض التي ارتكبتها قوات من الجيش والدعم السريع بقيادة نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بحق المدنيين في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، لتعيد التوتر بين المجلس والمعارضة التي دعت لتظاهرات تطالب بالقصاص وتسليم
عددت المعارضة السودانية، السبت، أسباب رفضها القاطع لتقرير النيابة العامة حول فض اعتصام الخرطوم، معتبرة أنه "مطعون في نزاهته"، وكان هدفه "إخفاء الحقائق ودفنها تحت الركام"، فيما شهدت العاصمة السودانية تظاهرات ليلية.
تتّجه الأحداث في السودان إلى مزيدٍ من التصعيد، لا سيما بعد إقدام المجلس العسكري على فض اعتصام القيادة العامة للجيش بالقوة، والذي أسفر حتى الساعة عن سقوط 13 قتيلاً إضافة إلى مئات المصابين والمعتقلين
في وقتٍ يثابر الشعب السوداني على المضي في ثورته لاستئصال بقايا النظام الذي شكّله عمر البشير ثلاثين عاما، تتهيأ القوى المضادة للثورة للانقضاض على السودانيين، عبر محاولة صنع "سيسي" جديد للسودان، فمن هو "حميدتي" المؤهل لهذا الدور؟