جمعت جزيرة رودس في اليونان، الأسبوع الماضي، مؤتمراً تطبيعياً جمع ليبيين وإسرائيليين، في مقدّمتهم شخصيات موالية لبرلمان طبرق وخليفة حفتر، ووزير الإعلام في حكومة بنيامين نتنياهو، أيوب قرا.
وجّه جيش الاحتلال الإسرائيلي رسائل عدة للاعبين الإقليميين في المناورات الأخيرة، التي أجراها في قبرص. مع ذلك، لا يقتصر الأمر على العمل العسكري، بل على التعاون في ملف الغاز بين الثلاثي: اليونان وقبرص وإسرائيل.
يهدّد الاتفاق التركي ـ الإسرائيلي اتفاقات إسرائيل مع اليونان وقبرص، وخصوصاً تلك التي تمّ توقيعها في السنة الأخيرة، ما يهدّد بالتالي تحالف الدول الثلاث. لكن تل أبيب مستعدة لذلك، كون الاتفاق مع تركيا مثمراً أكثر بالنسبة لها.
على الرغم من أهمية العوامل الاستراتيجية والأمنية والسياسية التي دفعت إسرائيل إلى الحرص على التوصل لاتفاق المصالحة مع تركيا، فإن الاعتبارات الاقتصادية كانت الأكثر حسماً في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوقيع على الاتفاق.
يتسبب مشروع المصالحة مع تركيا في تباينات عميقة في إسرائيل، بين من يرى فرصة تخدم مصالح الكيان الصهيوني عبر تدعيم مكانته الإقليمية وفتح آفاق أمام تصديرالغاز، ومن يخشى مخاطر تفكيك حكومة الاحتلال، وخسائر باهظة الثمن مثل تدهور العلاقات مع اليونان.
يدخل التعاون بين اليونان وإسرائيل مرحلة جديدة مع إعلان حكومة أثينا عن نيتها الاستعانة بخبرات تل أبيب الاستخباراتية من أجل إعداد جهاز يوناني استخباراتي قادر على التصدي للتحديات الأمنية.
تثير سيطرة الشركات الصينية على موانئ البحر المتوسط لتأمين تجارتها إلى أوروبا، مخاوف الاحتلال الإسرائيلي، في ظل مساعيها إلى ضمان محطات أخرى على الساحل الشرقي للمتوسط، تتمثل في فوز شركات صينية بعطاءات إدارة ميناءي أشدود وحيفا على السواحل الفلسطينية
مع تعقد صراعات الشرق الأوسط وانفتاحها وتداخلها مع بعضها تراجع نفوذ القوى الإقليمية (تركيا، إيران، السعودية..) لصالح القوى الدولية (روسيا، أميركا) التي باتت تملك مفاتيح الحلول، وتعمل على الضغط على القوى الإقليمية لدفعها نحو تقديم تنازلات مُؤلمة.
دشّنت إسرائيل وقبرص واليونان تحالفاً ثلاثياً استراتيجياً خلال القمة التي جمعت زعماء هذه الدول في نيقوسيا الخميس الماضي. ويبدو أن هذا التحالف الذي أنتج اتفاقيات لتصدير الغاز، موجّه ضد تركيا أساساً.
كانت لافتةً الحفاوة التي تلقاها نتنياهو من رئيس وزراء اليونان، أليكسيس تسيبراس، وهو اليساري صديق الروس، الذي يلوّح للأوروبيين بورقة التحالف معهم. فقد تمكّن الكريه الظلامي نتنياهو، بخفة الحركة الاستراتيجية، من تعزيز اليونان، حين يلوّح بورقتها للأتراك