Skip to main content
المحتوى الإباحي... مكاسب طائلة تصطدم بالممولين والمشرعين
العربي الجديد ــ واشنطن
إحدى صانعات المحتوى على أونلي فانز (كريستيان هيرنانديز/فرانس برس)

بمجرد أن تظهر كلمة "إباحي"، يثار الجدل البديهي بين من يرفضون المحتوى ومن يؤيدونه، لأسباب مجملها "أخلاقي" أو حرياتي. لكن بعيداً عن هذه الجدليّة، يفرض المحتوى الإباحي نفسه على شبكة الإنترنت، لما له من جمهور واسع ومنصّات محددة.

أونلي فانز

أواخر الشهر الماضي، عاد ذلك الجدل حول هذا النوع من المحتوى، بعدما أعلنت منصة "أونلي فانز" نيّتها حظر المحتوى الإباحي عن منصّتها، قبل أن تتراجع بسبب كمّ الانتقادات التي توجّهت لها، وتهديد المستخدمين بالعزوف عنها. وهذه المنصّة التي أطلقت عام 2016 وتقدّم محتوى للبالغين فقط، اشتُهرت خصوصاً خلال الحجر الذي فُرض على العالم بسبب تفشي فيروس كورونا، حين وجد كثيرون في المنصّة مصدر رزق لهم، بعدما توقّفت أعمالهم بسبب الجائحة. و"أونلي فانز" هي منصة مقرّها لندن، تسمح لصانعي المحتوى عليها بالحصول على مبالغ ماليّة مباشرة من المشتركين، والذين يُطلق عليهم اسم "فانز" (جمهور)، بشكلٍ شهريّ، كما تسمح بالحصول على بقشيشٍ لقاء خاصيّة "ادفع مقابل المشاهدة". تملك المنصّة 130 مليون مستخدم (يقارب عدد مستخدمي "تويتر" النشطين)، وهي بنت شهرتها تلك عبر صانعي المحتوى الجنسي الذين كانوا السبب في انتشارها السريع.

لا شكّ في أن المضامين جنسية الطابع تدرّ عائدات طائلة. فقد دفعت "أونلي فانز" منذ إطلاقها سنة 2016، 4,5 مليارات دولار لمنتجي محتويات، من بينهم مشاهير من أمثال كاردي بي وممثلون إباحيون معروفون، فضلاً عن طلاب ومسنّين يسعون إلى زيادة مداخيلهم، إذ إنّها تقتطع 20 بالمئة من عائدات منفّذي هذه المحتويات.

أتى إعلان "أونلي فانز" الأول حول نيّة حجب المحتوى الإباحي في ظلّ عمل الكثير من منصّات التواصل الاجتماعي الشهيرة على وضع قيود وقواعد جديدة لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والبيدوفيليا عبر منصّاتها. وقالت المنصّة إنّ  إعلانها هذا كان امتثالاً لطلبات من شركائها من المموّلين ومقدمي خدمات الدفع. لكنّه أتى أيضاً بعدما طالب المشرّعون الأميركيون الشهر الماضي بتحقيق في مواد إباحية تستغلّ أطفالا نشرت على "أونلي فانز".

فور إعلان نيتها حظر المحتوى الإباحي، غرقت شبكة الإنترنت في مقارنات بمنصة أخرى اشتهرت بأنها سلكت طريقاً "مناسباً للعائلات"، ما جعلها تفقد العديد من مستخدميها على الفور. فمنصّة "تامبلر"، وهي موقع تدوينات حقّق رواجاً كبيرًا في أوساط الشباب مطلع العقد الثاني من الألفية، حظرت المحتويات "المخصصة للبالغين" سنة 2018 فانخفض مستوى استخدامها بنسبة 30 بالمئة على الفور، بحسب موقع "سيميلر ويب" الذي يراقب حركة الإنترنت. وقد بيعت "تامبلر" التي اشترتها "ياهو" سنة 2013 في مقابل 1,1 مليار دولار إلى شركة جديدة سنة 2019 بسعر أدنى بكثير بحدود 3 ملايين دولار، بحسب "فرانس برس". نشر مستخدمو "تويتر" حينها رسوماً تصويرية هزلية توقّعوا فيها المصير عينه لـ"أونلي فانز". وجاء في تغريدة لقيت انتشارًا واسعًا تظهر شاهدَي قبر جنباً إلى جنب: "تامبلر وأونلي فانز معاً بعد حظر المحتويات الإباحية".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

 

الممولون والأوساط المالية

كشف موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي الشهر الماضي أن "العديد من الشركات ذات موارد مالية وفيرة" رفضت الاستثمار في "أونلي فانز" بسبب "مشكلة الإباحية". هذه ليست المرّة الأولى التي توجّه فيها أصابع الاتهام إلى الشركات المالية في ما يصفه البعض "كبحاً غير مبرّر للتعبير الجنسي" ويعتبرونه تخلّياً عن العاملين في مجال الجنس الذين لهم الفضل في نجاح الموقع في المقام الأوّل. فموقع "باتريون" الذي يتيح للمتابعين دعم منتجي المحتويات كان قد أعلن حظر المحتويات الفاضحة سنة 2017 بضغط من المصارف. 

ونقلت "فرانس برس" عن المحلّلة لدى شركة "جونيبر ريسيرتش" التي نشرت دراسة حول مستقبل القطاع الترفيهي الرقمي للبالغين، سكارليت وودفورد، قولها إنها "خطوة جريئة من أونلي فانز، نظرا إلى العائدات التي تدرّها المضامين المخصصة للبالغين". وصرّحت وودفورد بأن "شركات بطاقات الائتمان والمؤسسات المالية تعتبر أن قطاع الترفيه عن البالغين عالي المخاطر"، أقلّه نظرا إلى الطعون الكثيرة في الصفقات المالية التي تنفّذ لحسابه بحجّة أنها أجريت خطأ. 

وتخشى هذه الجهات أن تُتّهم بتمويل مواد غير قانونية ينتهي بها المطاف في مواقع تجيز هذا النوع من المحتويات. وقد حظرت شركتا "فيزا" و"ماستركارد" موقتاً المدفوعات الموجّهة إلى مواقع تابعة لعملاق الإنتاجات الإباحية "مايند غيك" العام الماضي، على خلفية تقارير عن أنه يعرض مواد إباحية معدّة بهدف الثأر.

منصة للجميع؟

تسعى "أونلي فانز" إلى تقديم صورة جديدة عنها كموقع يتيح للمستخدمين متابعة تسجيلات طهاتهم المفضلين أو مدرّبي اليوغا. وستصبح المنصّة بذلك في منافسة مباشرة مع مواقع أخرى مثل "باتريون"، بحسب ما توقّعت وودفورد لـ"فرانس برس". وليس من المعلوم بعد إن كان منتجو المحتويات الرائجة ومتابعوهم سينضمّون إلى الموقع. فالرسامة بريا غلادني التي تقيم في تكساس لم تبق على هذه المنصّة لأكثر من أسبوع. وهي كشفت أن "المشتركين ليسوا مهتمين بلوحات تظهر الأشجار، إن فهمتم قصدي". 

بيد أن "أونلي فانز" تكثّف الجهود لاستقطاب مزوّدي محتويات مستحبّة، من الموسيقى إلى اللياقة البدنية. وكانت مصممة الموضة باربارا أليكس من تورونتو متردّدة في بادئ الأمر إلى أن أقنعتها "أونلي فانز" بإنشاء صفحة تتولّى المنصّة الترويج لها. وقالت أليكس "عندما أخبروني عن المنصّة بذاتها وبيّنوا لي أن الأمر قد يكون مختلفا، قرّرت أن أجرّب حظّي معهم". وهي أقرّت: "تتاح لي معهم فرصة التواصل مع جمهور قد لا يكون بالضرورة على تيك توك أو إنستغرام وتشارك مضامين حصرية مدفوعة الأجر".