Skip to main content
حملة "دفيني" لمساعدة المحتاجين في تونس
مريم الناصري ــ تونس
يتسلمون مساعداتهم من حملة "دفيني" (العربي الجديد)

وسط ارتفاع الفقر في تونس، خصوصاً في الأرياف، تنشط حملة "دفيني" على يد جمعيات ومنظمات ومبادرات فردية، لمساعدة الأطفال والمحتاجين. تتنوع المساعدات بين ملابس وأغذية وأموال

مع حلول فصل الشتاء، تُنظم العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية في تونس، سنوياً، حملات مساعدة، خصوصاً لسكان المناطق الريفية. وتتنوع تلك المساعدات بين مواد غذائية، ووسائل تدفئة، وملابس شتوية، لاسيّما للأطفال والتلاميذ في المدارس. وتنطلق أغلب تلك الحملات، خلال شهر يناير/كانون الثاني من كلّ سنة، تحت شعار "حملة دفيني"، وتستمر حتى شهر مارس/آذار.

تتعدد تلك المبادرات سنوياً، ويختلف منفذوها من سنة إلى أخرى. وقد بدأت جمعية رحمة للعمل الخيري والإغاثي، بالشراكة مع جمعية الجالية التونسية في سويسرا، في "حملة دفيني"، قبل أيام، وذلك لمساعدة العائلات المحتاجة، خصوصاً في ظلّ موجة البرد التي تشهدها العديد من الجهات الريفية في الشمال الغربي، حيث ترتفع نسب الفقر. وتتمثل المساعدات في أغطية وملابس، وحتى بعض المواد الغذائية.
يشير مسؤول جمعية رحمة للعمل الخيري، عبد الستار العمدوني، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الجمعية نظمت، منذ سنوات، أكثر من حملة مساعدة للعديد من المناطق الريفية، تطاول خصوصاً الأطفال والتلاميذ في بعض الجهات في الشمال، التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر أحياناً". ويضيف: "بعض تلك المساعدات يصل من المتطوعين التونسيين أو في إطار الشراكة مع بعض الجمعيات الخارجية التي تقدّم مساعدات خيرية".

الصورة

من جهتها، تنظم جمعية أفق الخيرية، سنوياً، حملات مساعدة تحت شعار "دفيني"، تستهدف العديد من المناطق الريفية، خصوصاً تلاميذ المدارس في الفترة الأخيرة، حيث يتم جمع بعض الملابس، والأحذية، والأدوات المدرسية التي تنقصهم. ويشير أحد المشاركين في الجمعية بالحملات التطوعية، عبد الرحمن (32 سنة)، إلى أنّ "الجمعية تتوجه إلى بعض رجال الأعمال لجمع التبرعات، أو إطلاق حملات تبرع على مواقع التواصل الاجتماعي، لجمع ما يلزم من مساعدات خلال فصل الشتاء. وغالباً ما تجد حملات الجمعية صدى لدى المتبرعين، بين من يقدم مساهمات مالية، وبين من يقدم بعض الملابس والأغطية ووسائل التدفئة، لتوزعها الجمعية على الجهات المعنية بالمساعدات".
وأطلقت منظمة الإغاثة الإسلامية في تونس، حملة "دفيني"، منذ أسابيع، لتوزيع مساعدات شتوية على أكثر من ألفي تلميذ في محافظات الكاف والقصرين وجندوبة في الشمال. كما تكفلت المنظمة بتهيئة بعض المدارس والمعاهد في عدّة قرى وأرياف.
كذلك، ظهرت، منذ سنوات، بعض المبادرات الفردية التي يُطلقها بعض الشباب خارج إطار الجمعيات أو المنظمات. يكفي فقط أن يكتب أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي أنّه أطلق "حملة دفني" لجمع بعض المساعدات المالية والملابس الشتوية للأطفال في بعض الأرياف، حتى يتفاعل عدد كبير مع تلك الحملات لتوفير ما يلزم. ويقوم مطلق الحملة عندها بإيصالها إلى مستحقيها. وتستهدف أغلب هذه الحملات تلاميذ المدارس والمعاهد، أو المسنين، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء عبر تقديمات مالية أو أغطية وملابس شتوية.
محمد (33 سنة)، نظم أخيراً، حملة لجمع بعض الأحذية البلاستيكية للتلاميذ في الأرياف، لاسيّما وأنّ أغلبهم يقطعون مسافات طويلة تفوق الثلاثة كيلومترات يومياً سيراً على الأقدام، للوصول إلى المدرسة، في طرقات وعرة وغير معبّدة، يحتاج فيها التلاميذ إلى أحذية تقيهم البرد ووحل الطريق في طبيعة قاسية.
يقول محمد لـ "العربي الجديد" إنّه "جمع حوالي 150 حذاء، كي يوصلها إلى مستحقيها بسيارة خاصة، بمساعدة الأصدقاء، وبالتنسيق مع بعض سكان المنطقة المراد الوصول إليها. ويشير إلى أنّه جمع تلك المساعدات بعد أن أطلق مبادرة "دفيني" لجمع أيّ شيء يمكن أن يساعد سكان المناطق الداخلية في فصل الشتاء، لاسيما العائلات المحتاجة". ويؤكد أنّ أغلب الحملات تجد صدى كبيراً لدى المتطوعين ممن يثقون في أصحاب تلك المبادرات، ويطمئنون إلى وصول تلك المساعدات إلى مستحقيها. ولا يستغرق الأمر أكثر من أسبوعين لجمع ما يكفي من تبرعات قد تساعد عدداً لا بأس به من العائلات.

الصورة

يُذكر أنّ البيانات الرسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية في تونس، تؤكد أنّ نسبة الفقر تُقدّر حالياً بـ 15.2 في المائة. وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، فإنّ عدد التونسيين تحت عتبة الفقر يقدّر بنحو 1.7 مليون تونسي من أصل 11 مليون نسمة. كذلك، يكشف المعهد أنّ نسبة الفقر في تونس تتفاوت بحسب المنطقة، وتتراوح بين 0.2 في المائة و53.5 في المائة. وهو ما يوضح تباين السلّم الاجتماعي بين المناطق في البلاد.
وتكشف دراسة معهد الإحصاء، ارتفاع نسبة الفقر بشكلٍ كبير، خصوصاً في مناطق الوسط الغربي في محافظات القيروان والقصرين وسيدي بوزيد. إذ تبلغ نسبة الفقر في بعض مناطق تلك المحافظات، حوالي 53.3 في المائة، خصوصاً في القيروان والقصرين. وبالنسبة للشمال الغربي، الذي يضم 4 محافظات، وهي باجة وجندوبة والكاف وسليانة، فتبلغ نسبة الفقر حوالي 45.4 في المائة.

لكن ارتفاع نسبة الفقر لا يقتصر على مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي، بل يمتدّ إلى المناطق الساحلية التي تُعتبر أفضل من غيرها، حيث تنتشر المؤسسات وترتفع فرص العمل، مقارنة بغيرها من المناطق. وتبلغ نسبة الفقر في بعضها نحو 39.9 في المائة.