Skip to main content
"هايموس"... أشقاء تونسيون يصنعون سيارة للمناطق الوعرة
مريم الناصري ــ تونس
الأشقاء الثلاثة وسيارتهم المبتكرة (العربي الجديد)

 

نجح ثلاثة أشقاء تونسيين في تصميم وصناعة سيارة خاصة بالمناطق الوعرة بهدف فكّ عزلة أهلها وتشجيع السياحة فيها. لكن، ما زالوا في حاجة إلى التمويل لتطويرها.

ثلاثة أشقاء في تونس جمعتهم فكرة تصميم وصناعة سيارة بسيطة لفك عزلة المناطق الوعرة، والقدرة على السير في الطرقات الزراعية الصعبة، بالإضافة إلى استعمالها لأمور أخرى من قبيل السياحة في البلاد، منها السياحة الجبلية أو الصحراوية أو الإيكولوجية، لتكون وسيلة للترفيه ولتنقل السياح بأريحية في بعض الطرقات الصعبة خلال تجولهم في المناطق الوعرة. 

يقول حيدر خفيفي لـ "العربي الجديد": "بدأت الفكرة عام 2015، وعملنا على تنفيذها عام 2017، بعدما توفرت لدينا بعض الإمكانيات المادية الخاصة. التنفيذ استغرق ما بين ثلاث وأربع سنوات. في كلّ مرة، كنا نصمّم شكلاً معيناً وتصوراً مختلفاً إلى أن توصلنا مبدئياً إلى التصميم الذي لن يكون نهائياً". يضيف: "صنعناها بأدوات بسيطة ويدوية سواء في ما يتعلق بقصّ الحديد أو تكوين هيكل السيارة وتجميع القطع، وكان بعضها مستعملاً. وبلغت كلفة التنفيذ نحو 1500 دولار أميركي، ووصلت سرعة السيارة إلى 80 كلم في الساعة". 

يعيش الأشقاء الثلاثة في منطقة ريفية تدعى الخروبة في معتمدية بوعرقوب من ولاية نابل (شمال شرق تونس). ويحتاج غالبية الأهالي إلى وسائل نقل عادية لفك عزلتهم، بالإضافة إلى سيارات خاصة قادرة على نقل الأشخاص في المناطق الريفية والطرقات الصعبة بين الحقول التي من غير الممكن أن تسير فيها السيارات العادية. أراد الأشقاء صنع سيارة قادرة على السير في الأودية والمرتفعات والكثبان الرملية بهدف تسهيل تنقل هؤلاء الأشخاص. 

(العربي الجديد)

من جهته، يقول منتصر إنّ ما يجمع الأشقاء الثلاثة هو اهتمامهم بالصناعات الميكانيكية. يقضون أوقات الفراغ والعطل الأسبوعية في تركيب بعض القطع التي يجمعونها لتصميم أي شيء قد يخطر في بالهم. وبعد تصميم السيارة ورسم شكل للتصور النهائي منها، بدأوا العمل على قص الحديد وتركيبه ثم جمع كلّ قطع السيارة وطلاء هيكلها الخارجي وتركيب كلّ شيء فيها من الداخل. يضيف أنّ تخصصاتهم العلمية بعيدة تماماً عن الميكانيك، لكنّهم مغرمون بهذا المجال الذي يريدون خوضه ليس فقط من خلال تصميم السيارة، إذ إنّ لديهم الكثير من الأفكار التي يودون تنفيذها.  

(العربي الجديد)

ويشير حيدر إلى أنّهم لم يتلقوا أيّ دعم، واتكلوا على إمكانياتهم البسيطة التي جمعوها على مدى سنوات، واستطاعوا صنع نموذج أولي عن الفكرة التي يريدون تحقيقها، إذ يطمحون إلى تطوير شكل السيارة من ناحية الهيكل، وإنتاج أنواع أخرى بأحجام مختلفة. "وبحكم محدودية الإمكانيات، لم نقم بالشيء الذي أردنا إنجازه من البداية. هذه السيارة هي فقط نموذج أولي عن الفكرة التي نريد الوصول إليها. لكن في حال الحصول على إمكانيات مالية أفضل. نحن قادرون على تطوير السيارة لتكون أكثر جمالية لجهة الشكل، وأكثر فاعلية لناحية الاستعمالات المختلفة، بطريقة تستجيب طبعاً لكراس الشروط" يقول حيدر. 

يعمل حيدر في شركة خاصة، بينما منتصر وسليم طالبان في الجامعة، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم "هايموس" كاختصار للأحرف الأولى من أسمائهم الثلاثة. يتنقلون بالسيارة في بعض الطرقات في جهتهم لتجربة فاعليتها ومعرفة كلّ ما تحتاجه من تطوير وتحسين لتكون أكثر فاعلية سواء على مستوى الهيكل الذي يجب أن يكون من الحديد المقوى كما صنعوها وخفيفاً في آن يساعد السيارة على التنقل بسهولة، أو على مستوى الإطارات والحجم الذي يجب أن تكون عليه ونوعها، حتى تُسهّل عملية التنقل أكثر في المسالك الوعرة. 

(العربي الجديد)

بداية، نشر الأشقاء صوراً ومقاطع فيديو عن السيارة على مواقع التواصل للتعريف بالفكرة التي توصلوا إليها، ما أثار فضول وسائل إعلامية. يقول حيدر إنّه لم يكن يتوقع أن تلقى الفكرة هذا الاهتمام الكبير والتشجيع من الناس، الأمر الذي حفّزهم أكثر على تطويرها. في المقابل، لم يتلقوا أيّ اتصال أو اهتمام من أيّ جهة رسمية أو ممول. لكنّ ذلك لن يثنيهم عن فكرة تطوير مشروع السيارة أكثر، إذ يطّلعون دوماً على كلّ جديد في العالم، مع البحث عن تصاميم وتصورات أفضل للشكل، مع العمل على فاعلية السيارة حتى تلقى رواجاً في السوق.  

المرأة
التحديثات الحية

تبلغ كلفة السيارة التي يريدون إنجازها نحو 7 آلاف دولار، على أن تروج من خلال بعض الأشخاص والفلاحين الذين يستطيعون من خلالها التخلص من عزلتهم، أو بعض السائحين خصوصاً في المناطق الداخلية والصحراوية. كما يمكن للمهتمين بالسياحة الإيكولوجية والجبلية التي انتشرت في تونس خلال السنوات الأخيرة الاستفادة من هذه السيارة.