Skip to main content
ساندي شمعون: الذاكرة محور معركتنا ضد النظام
أشرف الحساني
ساندي شمعون: لا أفكر في النجومية المزيفة أو الحقيقية (مترو المدينة/ فيسبوك)

تنتمي المُغنية اللبنانية ساندي شمعون (1987) إلى الحساسية الجديدة داخل الأغنية العربيّة المعاصرة. قادها حبّها للموسيقى الستينيّة والسبعينيّة إلى التعلّق بالريبرتوار الغنائيّ المصري، انطلاقاً من أغاني الشيخ إمام، وأدّت أشهر أغانيه في "مترو المدينة" في بيروت، على مدار 7 أعوام.

وإنْ كانت قد درست التمثيل، فإنّ الموسيقى ظلّت بمثابة ضرب من السحر الذي تعيشه الفنّانة في ذاتها. وعلى الرغم من انتمائها إلى الجيل الجديد، إلا أنها لم تجعل من ذلك عائقاً للسقوط في مسلسل الترفيه والاستهلاك الذي قاد تجارب غنائية عربية مُتعدّدة إلى الفشل. فهي حرصت على أنْ تبقى أمينة لفنّها وأغانيها. لكن ليس بطريقة تُكرّر فيها نفسها أو تًصبح أغانيها نسخة مُصغّرة عن الأغاني الأصل. ساعدها الاطلاع على الموسيقى الإلكترونية في تجديد نبعها الفنيّ، من خلال مسحة أنثوية معاصرة ينطبع بها أداؤها، ما يجعلها مُغايرة ومُستساغة لكلّ شخص يسمعها لأوّل مرّة.

"العربي الجديد" تحاورها، بمناسبة حفلها الذي أقيم أخيراً في "مترو المدينة"، وعنوانه "غابة" حيث استعادت أغاني الشيخ إمام مجدداً.

كيف استطعت المُزاوجة بين فنّ الغناء والاشتغال على الموسيقى الإلكترونية ودراستها في ألمانيا، هذا فضلاً عن التمثيل السينمائي؟

درست المسرح والتمثيل أوّلاً، ثم دخلت عالم الغناء. دعمني التمثيل في الأداء على المسرح، وفي استخدام صوتي. أما بالنسبة للموسيقى الإلكترونية، فلم أدرسها، بل تلقيت بعض الصفوف مع صديق، لاستخدام برنامج لصناعة الموسيقى، ثم تابعت مع نفسي بمساعدة بعض البرامج والفيديوهات الموجودة على الإنترنت. لا أعتبر أن هذا مزج بين ثلاثة موضوعات مختلفة، بل أرى أن هذه الاختصاصات متشابكة وتساعد بعضها البعض.

كيف من المُمكن أنْ تخدم تجربتك الغنائية وقوفك أمام الكاميرا وأداء أدوار مُركّبة تتطلّب في أحيان كثيرة خبرة سينمائية مُكثّفة لإنجاح الدور؟

في السنوات الماضية، تمكنت من اكتساب الثقة بوقوفي على المسرح لمرات مع جمهور مختلف. هذه الخبرة أعطتني ثقة بحواسي وحضوري كممثلة ومغنية. كما أنني أعتبر أن الغناء من أصعب طرق التعبير؛ عندما تقف وحيداً ترمي أحاسيسك كما لو أنك تفضح كل ما في داخلك للعالم. في البدء كان الأمر صعبا جداً ومخيفا، لكن التكرار أكسبني خبرة وثقة.

لماذا الشيخ إمام وليس أم كلثوم أو أسمهان أو فيروز مثلاً؟

ألحان الشيخ إمام تشبهني كثيراً. طريقة أدائه لأغانيه حرة، وتجعلني أميل إليه أكثر وأكثر. كل شخص غنى الشيخ إمام كان يشبه نفسه ولا يشبهه. أما بالنسبة لأسمهان أو فيروز، فلا أجد نفسي أشبه أحاسيسهما، وأشعر أنني سأكون مقيدة. أما أم كلثوم، فليس لدي جرأة أن أغني لها.

هل تعتقدين أنّ جمهور الأغنية العربيّة مُتعطّش للريبرتوار الغنائي النوستالجي للشيخ إمام، أمام أفول أطياف الأغنية المُلتزمة داخل الساحة الفنيّة؟

الشيخ إمام قريب جداً لحياتنا؛ يتكلم عن مشاعرنا اليومية وصعوبة حياتنا في العالم العربي، مع الكثير من الهزل والشاعرية والخيال واللعب، لذلك الناس دائماً تشتاق لأغنياته.

تُؤدّين أغاني الشيخ إمام بطريقة معاصرة وأكثر التحاماً بالآلات الموسيقيّة الحديثة. إلى أيّ حد تستطيع في نظرك الموسيقى الإلكترونية تجديد أغاني الشيخ إمام وفتح آفاق جديدة للاشتغال؟

ليس لدي اي اهتمام في إعادة انتاج أغاني الشيخ إمام بطريقة إلكترونية. أميل أكثر لإعادة التوزيع، كما سبق وفعلنا في فرقة "الراحل الكبير" مع أغنيتي "وهبت عمري" و"سايس حصانك".

كيف تُقيّمين شعور الجمهور بالاستماع لأغاني الستينيات والسبعينيات، خاصّة وأنّك تُغنّين منذ 7 سنوات في "مترو المدينة"؟

مشاكلنا في العالم العربي خالدة، لذلك فإن أغاني الشيخ إمام دائما معاصرة، خاصة أن ألحانه غير اعتيادية وغير كلاسيكية. كما أنني أبحث دائماً عن أغان لم أؤدها سابقاً للشيخ إمام، أو أجدّد في الريبرتوار. أظن أن هذا أيضاً سبب صمود هذا العرض.

بعيداً عن تجربتك الغنائية، ألاّ تعتقدين أنّ الموسيقى الإلكترونية أضحت الملاذ الفني السهل للعديد من الموسيقيين صوب نجومية مزيّفة؟

للصراحة، أنا لا أفكر في النجومية المزيفة أو النجومية الحقيقية. بعيدة كل البعد عن هذه المسميات، وليس لدي أي اهتمام في هذا المجال.

خلال هذه السنة، صدرت لك أغنية جديدة عنوانها "أحلام الخيال". ماذا تقولين عن هذه الأغنية الني تستلهم أحداث 17 أكتوبر؟

"أحلام الخيال" هي أول خطوة لاكتشاف مخزون الأصوات والتاريخ السمعي الموجود في داخلي. ليلة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 أثرت فيّ كثيراً، وأحببت أن أنتج خريطة أحاسيس وأفكار هذه الليلة. إنها الطريقة الأفضل لي لترجمة وأرشفة كل هذا الضخ من الأحاسيس والمشاهد بجمل صوتية.

هل ترين أنّ الأغنية اليوم قادرة على توثيق ما يشعر به الناس وما يعيشونه من ألم وأوجاع وتقلّبات؟ عاش اللبنانيون 30 سنة حرب أهلية. لم تؤرخ هذه الأحداث بكتب رسمية. فالجيل الذي لم يعش هذه الحرب تعرف عليها عبر الأفلام المستقلة والموسيقى والكتب. أظن أن أبرز المعارك ضد النظام تتمثل بالذاكرة وتراكم هذه الذاكرة وتاريخ الصراع. لذلك، علينا أن نؤرخ بجميع الطرق هذه الأحداث.

 

"ثلاثية فتى 17ت" هو ألبوم يتألف من 3 أغنيات تعبّر عن الحالات النفسية التي شعرت بها المغنية خلال انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019: اليوفوريا، والخوف، والركود. تجمع الأغاني بين أصوات إلكترونية ومقاطع صوتية من الفيديوهات المصورة في الشارع خلال الانتفاضة وأحداث حصلت في الوقت عينه، بالإضافة الى صوت المغنية، والبزق، والآلات الإيقاعية. صدرت الأغنية الأولى منه، وعنوانها "أحلام الخيال"، في يناير/كانون الثاني.