Skip to main content
انفجار مرفأ بيروت أحدث اضطرابات في الغلاف الجوي للأرض
محمد الحداد

يوم الرابع من أغسطس/ آب الماضي، هزّ انفجار ضخم العاصمة اللبنانية بيروت، ما سبّب مقتل العشرات وإصابة وتشريد الآلاف. وأكدت الحكومة اللبنانية أن الانفجار الضخم ناجم عن كمية كبيرة من نترات الأمونيوم كانت مخزنة في العنبر رقم 12، في مرفأ المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

لكن الآثار الكارثية لانفجار مرفأ بيروت لم تقتصر على الخسائر البشرية والمادية، بل سببت اضطرابات في الغلاف الجوي، وفق ما كشفت دراسة نشرتها الدورية العلمية "نيتشر سَينتفك ريبورتس"، في فبراير/ شباط الماضي.

الدراسة أعدها فريق بحثي من الهند واليابان وجد أن الانفجار ــ وهو من أقوى الانفجارات غير النووية التي صنعها الإنسان في تاريخ البشرية ــ أدى إلى نشوء موجة سافرت في طبقة الأيونوسفير (طبقة من الغلاف الجوي للأرض) في اتجاه الجنوب، بسرعة حوالى 0.8 كيلومتر في الثانية، وهو أمر مشابه لسرعة الموجات الصوتية التي تنتقل عبر الأيونوسفير.

وقام الفريق بحساب التغييرات في محتوى الإلكترونات في الغلاف الجوي المتأين، من خلال النظر في الاختلافات في التأخيرات التي تتعرض لها الموجات الميكرووية (موجات كهرومغناطيسية ذات طول موجة قصير بين الموجات الراديوية والأشعة تحت الحمراء) التي ترسلها أقمار "نظام التموضع العالمي" (GPS) الصناعية إلى محطاتهم الأرضية. تؤثر التغييرات في محتوى الإلكترون بهذه الإشارات في أثناء مرورها عبر طبقة الأيونوسفير، ويجب أخذها في الاعتبار بانتظام لقياس مواقع GPS بدقة.

وشبّه عالم الأرض والكواكب في "جامعة هوكايدو" اليابانية، البروفيسور كوسوكي هيكي، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة، انفجار مرفأ بيروت بالانفجارات البركانية، مع فارق أن الأخيرة تقع في الغالب في مناطق نائية أو معزولة، لكن الأول وقع في مدينة ساحلية مأهولة بالسكان "نتيجة أخطاء بشرية".  

وأوضح هيكي، لـ"العربي الجديد"، أن "من وجهة نظر جيوفيزيائية بحتة، كان هذا الانفجار لافتاً، حتى وإن كانت قد حدثت انفجارات مماثلة مع اضطرابات في الغلاف الأيوني يمكن اكتشافها 5 مرات، حتى داخل اليابان في القرن الحادي والعشرين. لذلك، إن التأثيرات المترتبة عن الانفجار كانت ستحدث لو وقع في أي مكان في العالم، ليس لموقع بيروت الجغرافي تأثير في حدوثها".

وشرح أن الانفجار كان يشبه الموجة الزلزالية التي تنتشر داخل الصخرة، "موجة مثل الموجة الصوتية (لا يمكننا سماعها لأن التردد منخفض جداً) تحفز في الهواء فوق موقع الانفجار مباشرة، وتنتشر بواجهة موجة كروية (عندما تصل الموجة الصوتية إلى أذنك)". 

وأضاف: "في غضون 10 دقائق تقريباً، وصلت جبهة الموجة إلى الارتفاع حيث تكون كثافة الإلكترون هي الأعلى (عند ارتفاع 300 كيلومتر تقريباً)، ثم حدث عدم انتظام هناك لا يمكننا سماعه كصوت، لكن الإشارات الميكرووية الصادرة من الأقمار الصناعية تتأثر، ويحدث فرق طفيف في أوقات انتقالها".

أما عن تأثير هذه الاضطرابات الأيونوسفيرية بعمل "نظام تحديد المواقع العالمي" (GPS) والملاحة الدولية، فأشار الباحث إلى أن الاضطرابات الأيونوسفيرية الخطيرة غالباً ما تسبب خللاً في عمل الأقمار الصناعية وتؤثر في دقة تحديد المواقع. لكن في حادثة بيروت، التأثير موجود، لكنه ضئيل، مقارنةً بالظواهر الطبيعية الأشد خطورة.