}

الملصق الفلسطينيّ: خطاب بصريّ يؤرّخ للنضال ضدّ المحو

أوس يعقوب 3 مايو 2024
استعادات الملصق الفلسطينيّ: خطاب بصريّ يؤرّخ للنضال ضدّ المحو
ملصق من تصميم اسماعيل شموط (1970)

مثّل الملصق الثوريّ/ السياسيّ تقليدًا في التاريخ الوطنيّ الفلسطينيّ المعاصر، إذ تمّ إنتاجُه على نطاق واسع منذ أواسط ستّينات القرن المنصرم، من قِبل منظّمة التحرير الفلسطينيّة، بمساهمة فنّانين فلسطينيّين وعرب وعالميّين، ما جعله يحظى بمكانة خاصّة في عوالم الممارسة الفنّيّة النضاليّة السياسيّة الفلسطينيّة والعربيّة والعالميّة، لأنّه يعد مثالًا على التعبير الإبداعيّ الموجّه نحو التعبئة الشعبيّة.
وقد لعبت ملصقات المقاومة الفلسطينيّة على مدار العقود الماضية دورًا حاسمًا في دعم عدالة القضيّة الفلسطينيّة وتعزيزها دوليًّا، مسترشدة بالحرّيّة والكرامة والصمود والتطلّع المستمرّ للتحرّر الذي ينشده الشعب الفلسطينيّ.
في هذه المقالة نسلط الضوء على تاريخ الملصق الثوريّ/ السياسيّ الفلسطينيّ وأبرز مصمّميه، محاولين سبر أغوار لغة المقاومة البصريّة في أرشيف الملصقات الفلسطينيّة منذ عام 1965، وحتّى يومنا هذا.

تاريخ الملصق الثوريّ/ السياسيّ الفلسطينيّ
للملصق الثوريّ/ السياسيّ جذور قبل عام النكبة 1948، وبالتحديد خلال فترة الاستعمار البريطانيّ، رغم أنّ معظم الملصقات الفلسطينيّة كانت تُنتج آنذاك بقصد الدعاية والتسويق. ولكن بمناسبة المعرض العربيّ الثاني الذي أُقيم في القدس عام 1934، صدرت سلسلة من الملصقات والطوابع البريديّة التي تصوّر معالم القدس (لا سيما المسجد الأقصى)، وذلك بهدف تجسيد الدعم العربيّ للنضال الوطنيّ الفلسطينيّ. وصدرت سلسلة ثانية خلال الثورة الفلسطينيّة الكبرى عام 1936، مع استمرار التركيز على المعالم الرئيسيّة، وكان أن حمل أحد الطوابع البريديّة رسمًا لخريطة فلسطين. أمّا السلسلة الثالثة فقد صدرت عام 1938، وكانت طبعات المعالم ممهورة بشعار "فلسطين للعرب" (بعد عقود أعادت منظمة التحرير الفلسطينية طباعة مجموعة طوابع من تلك الفترة. واستمرّ استخدام الرسومات المعبِّرة عن المعالم بأساليب وإصدارات مختلفة، وكانت في بعض الأحيان شبيهة جدًا بالإصدارات الأولى المنقوشة على الطوابع البريديّة). بحسب الباحثة والكاتبة اللبنانيّة رشا سلطي.
يُعرّف الفنان التشكيليّ الفلسطينيّ الراحل عبد الله أبو راشد الملصق الفلسطينيّ بأنّه "الوجه الحضاريّ والسياسيّ والعاكس الحقيقيّ لكفاح الشعب الفلسطينيّ في أجمل صورة وأكثر جدوى، ودعوة تحريضيّة للتعاطف والمساهمة والاندماج في إذكاء نار المقاومة الموجّهة للاحتلال الصهيونيّ في بقاع الأرض كافّة، وورقة عبور لرص الصفوف وتشكيل جبهة عالميّة لمقاومة الغزوة الصهيونيّة، لما للملصق من دور مُميّز في تشكيل الروافع البصريّة المناسبة لهذا النضال. بما يُمثله الملصق "البوستر" من دعوة إيديولوجيّة كفاحيّة. عبّرت عن المرأة والطلاب والعمال، في فترات زمنيّة متباعدة، يشكّل الخط والعبارة المكتوبة واللون المجال الحيويّ لتقديم الفكرة والمحتوى الشكليّ والمعنويّ والهدف السياسيّ وراء كلّ ملصقة من الملصقات الفلسطينيّة، حيث كانت الملوّنات منتمية بشكلٍ ما أو بآخر لرموز نضاليّة مُتعارف عليها من واحة الكفاح الفلسطينيّ، مثل الكوفيّة، والفدائيّ، وشارة النصر، والحصان، والأشجار، والورود ملوّنة بملوّنات العلم الفلسطينيّ ومُعشّبة بشخوص المقاومين والشهداء والرموز الكفاحيّة الفلسطينيّة عبر عشرات السنين تقصّ مسيرة شعب في نصوص وسرديّات بصريّة متنوّعة الأساليب الفنّيّة والمُعبّرة عن حقيقة الواقع الفلسطينيّ المعيش بكافّة مكوّناته النضاليّة وتاريخه المتّصل اتّصالًا مباشرًا بما جرى ويجري في جبهات القتال الممتدّة داخل فلسطين المحتلة وخارجها"..
الناقد التشكيليّ الفلسطينيّ الراحل خليل صفيّة يقول إنّ "الملصق النضاليّ المحلّيّ والعربيّ والعالميّ أعطى أهمّيّة خاصّة للقضيّة الفلسطينيّة؛ فظهرت مئات الملصقات التي تعالج بالتعبير الفنّيّ مختلف الموضوعات الفلسطينيّة، من أيّام النكبة إلى زمن الثورة، وأقيمت المعارض الفرديّة والجماعيّة العربيّة والعالميّة الخاصّة بالقضيّة الفلسطينيّة"... وهو يرى أنّ "ملصق القضيّة الفلسطينيّة قد ظهر مع الثورة وتطوّر مواكبًا تطوّرها، وقد ساهمت المؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة والعربيّة مساهمة فعّالة في تطوّر الملصق، وأعطت الملصق أهمّيّة خاصّة وعملت على طباعة عشرات الملصقات وتوزيعها في مختلف أنحاء العالم، ومع تطوّر الملصق والوعي بأهمّيّته وضرورته، تحوّل بعض فنّانينا من المصوّرين إلى صناعة الملصق، وطُبِعَت بعض اللوحات كملصقات، واسْتُخْدِمَ مختلف التقنيّات لخدمة الملصق، فلم تعد تقنيّة الملصق رسمًا ولونًا، فثمّة تجارب أفادت من التصوير الضوئيّ وأخرى من الكاريكاتير، وأخرى جمعت بين الصور الضوئيّة والرسم والتلوين بإخراج جديد".





ويلاحظ المتتبّع لتاريخ الملصق الثوريّ/ السياسيّ الفلسطينيّ تطوّر التمثيلات البصريّة والأشكال الفنّيّة في معظم هذه الملصقات المُنتجة منذ أواسط الستّينيات، وكيف أنّها ساهمت بشكلٍ كبير في صياغة ما اتّفق عليه جماهيريًّا بأنّه "الهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة".
وعلى ضوء الظهور المكثف للملصق ــ الأفيش أو البوستر أو اللوحة المطبوعة ــ الذي يعالج بالتعبير الفنّيّ القضيّة الفلسطينيّة، وبعد أن تحوّل إلى سلاح ثقافيّ فنّيّ يستمدّ مادّته الأولى من الواقع الفلسطينيّ المؤلم، ويعبّر عن حالات التشرد والنكبة والحصار والفداء والمقاومة، التي ترسم ملامح هذا الواقع، أقيمت منذ انطلاقة الثورة الفلسطينيّة المسلّحة عام 1965، عددًا من المعارض التحسيسيّة والتحريضيّة التي تبرز عدالة وشرعيّة النضال الفلسطينيّ، من تلك المعارض نذكر مثالًا: (معرض الملصق العالميّ للتضامن مع الشعب الفلسطينيّ، ومعرض الملصق العربيّ والقضيّة الفلسطينيّة، ومعرض "تاريخ نضال وكفاح" المقام خلال منتصف شباط/ فبراير 2006 بدمشق، والذي أرّخ للحقبة الممتدّة بين عامي 1964 و2005).
أمّا بعد معركة الكرامة في عام 1968، فقد شقّ الملصق الفلسطينيّ طريقًا جديدًا ونهج أسلوبًا نوّعيًّا، إذ أصبحت توظّف فيه كثير من العلامات والرموز المستمدّة (تشكيليًّا وغرافيكيًّا) من ثقافة الصمود والتحدّي الفلسطينيّ..
وتذكر رشا سلطي أنّ الملصقات التي أُنتجت خلال فترة وجود مقرّ منظّمة التحرير في بيروت في سبعينيّات وبداية ثمانينيّات القرن العشرين جسّدت شعارات وأهداف الثورة الفلسطينيّة. فقد أظهرت اللاجئين، نساء ورجالًا، وقد نهضوا من بؤس الخيام كمقاتلين من أجل الحرّيّة، ليتعلّموا القراءة والكتابة، ويكتسبوا مهارات حرب الفدائيّين. وذكّرت بأنّ الفلسطينيّين كانوا فلاحين، وعمال، ومعلمين وشعراء، وبأنّهم أمناء على ثقافة غنيّة ومتنوّعة.

ملصق معرض الملصقات الفلسطيني عام 1976 


وفقًا للمخرج السينمائيّ المصريّ المقيم في باريس، سمير عبد الله، أحد مؤسّسي مبادرة "فنانون من أجل فلسطين"، التي انطلقت في الأوّل من شهر آب/ أغسطس 2014، بالتزامن مع العدوان الإسرائيليّ حينها على غزّة، فإنّ وظيفة "فنّ الملصق"، هي أنّه "صورة ثابتة لكنّها غير صامتة. فنٌ يقول رسالته بصوت عال، وله قدرته السحريّة على الاستدعاء ومشاركة المواقف".
والمتابع لواقع "فنّ الملصق" اليوم، يجد أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي الموضوع الرئيس لهذا الفنّ على المستوى الكمّيّ. يقول عبد الله: "هذا ما اكتشفناه حين بدأنا مشروعنا بالتزامن مع العدوان على غزّة"، وهو يعتقد أنّ "حملات مقاطعة "إسرائيل" بالذات هي الموضوع الأكثر تداولًا في السنوات الأخيرة في صناعة الملصق الدعائيّ أو بوستر القضيّة".
تميّز العديد من التشكيليّين الفلسطينيّين والعرب ممّن احترفوا "فنّ الملصق" بتجارب ذات قيمة عالية في هذا المجال، كالفنّانين الراحلين: إسماعيل شموط، وكمال بلاطة، وسمير سلامة، ومصطفى الحلاج، وجمانة الحسيني. ومن الأحياء: سليمان منصور، ونبيل عناني، وشفيق رضوان، وعبد الرحمن المزين، وغيرهم.
ونذكر من الفنّانين العرب الراحلين على سبيل المثال: المصريّ محي الدين اللبّاد، والسوريّ برهان كركوتلي، والعراقيّ كاظم حيدر، والمغربيّ محمد شبعة، وآخرين.
كما أنّ عددًا كبيرًا من ملصقات الثورة الفلسطينيّة أنجزها فنانون من بلدان لا تلتقي مع القضيّة الفلسطينيّة لا في اللغة ولا في الجغرافيا، وإنّما فقط في القيم الإنسانيّة المشتركة بين شعوب العالم، نذكر من هؤلاء: السويسري مارك رودين المعروف باسمه الحركيّ (جهاد منصور)، واليابانيّ توشيو سَتو.

أكبر موقع أرشيف لملصقات فلسطين
موقع "أرشيف ملصق فلسطين"، الذي أسّسه وجمع مادّته الباحث والأكاديميّ الأميركيّ دان والش، يضمّ أكثر من 18 ألفًا من الملصقات والوثائق المصوّرة المتعلّقة بفلسطين، وهي تغطي أكثر من خمسة عقود، ما يجعل من هذا الموقع أكبر أرشيف للملصقات والوثائق المصوّرة على الإطلاق.
كان الدافع الرئيسي وراء تأسيس دان والش للموقع، هو دعم أطروحته العلميّة حول النضال في الشرق الأوسط، وتوفير مادّة بصريّة يمكن الاعتماد عليها في طرح أفكاره. وقد بدأ في جمع هذه الملصقات أثناء فترة تطوّعه، في منتصف السبعينيّات، ضمن إحدى المجموعات الطلابيّة التي تحمل عنوان "فيلق السلام".
ومع نهاية عقد السبعينيات، استطاع والش جمع قرابة 300 ملصق متعلّق بفلسطين. وبدعم من المفكّر الفلسطينيّ الراحل، إدوارد سعيد، حصل على منحة لتحويل هذه الملصقات والوثائق إلى عرض شرائح تعليميّ، يهدف إلى تعزيز فهم أفضل للشعوب الأخرى من جانب الأميركيّين، وهو أحد أهداف مجموعة "فيلق السلام".
من بين محتويات الأرشيف اللافتة للنظر أوّل ملصق عربيّ عن فلسطين صُمّم وطُبع في لبنان، في عام النكبة 1948. في هذا الملصق، الموقّع باسم (رأفت)، يظهر جنديّ بملابس عربيّة حاملًا بندقيّة. في أعلى الملصق، تظهر عبارة "لبيك يا فلسطين"، وفي الأسفل كتب بخط واضح: "تبرعوا.. من أجل فلسطين.. من أجل لبنان.. من أجل العرب".




تبرز الأهمّيّة الكبيرة لهذا الأرشيف الشامل، اليوم، في كون هذه الملصقات تمثّل إحدى أهمّ الوسائل الدعائيّة التي وُظّفت على نحو مستمرّ ومتواصل على مدى أكثر من مئة عام. كلّ الأطراف الفاعلة والمشاركة حاولت أن تستعمل هذه الملصقات في النضال الفلسطينيّ ضدّ الصهيونيّة. ولهذا، قد يتيح الاطّلاع على هذه الأعمال الفنّيّة من قِبل الباحثين والمهتمّين بالشأن الفلسطينيّ، فهمًا تاريخيًّا أوسع وأكثر شمولًا مسار القضيّة الفلسطينيّة منذ نكبة فلسطين عام 1948، وحتّى حرب الإبادة الإسرائيليّة المستمرّ على قطاع غزّة. وكذلك لعدد من الأحداث والوقائع التاريخيّة المتعلّقة بالصراع الفلسطينيّ العربيّ الإسرائيليّ.

"طوفان الأقصى": استعادة الملصق الثوريّ/ السياسي
منذ عمليّة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، استعاد الملصق الثوريّ/ السياسي دوره في التعريف بنضال الشعب الفلسطينيّ ومقاومته الباسلة، وما يتعرّض له من حرب إبادة ومحو لوجوده وتاريخه في أرضه المحتلّة. وكمثال على تلك الاستعادة المعرض الجماعيّ "ملصقات من أجل غزّة"، الذي يتواصل حتّى الحادي والثلاثين من الشهر الحالي، في "غاليري SZ" في العاصمة الأميركية؛ واشنطن، بالتعاون مع "غاليري زاوية" رام الله/ دبي، بمشاركة ستة وعشرين فنّانًا فلسطينيًّا وعربيًّا.
افتُتح المعرض في الخامس من شهر نيسان/ أبريل الماضي، ويضمّ مجموعة ملصقات تمّ تصميمها لتسليط لضوء على حرب الإبادة الجماعيّة والمجازر المروّعة وعمليات التطهير العرقيّ التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيليّ في قطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023.
ركّزت معظم الملصقات على جرائم جيش الاحتلال الإسرائيليّ المتواصلة في غزّة والضفّة الغربيّة، وكذلك على التواطؤ الغربيّ مع حرب الإبادة الجماعيّة المعلنة.
وتعكس ملصقات كلّ فنّان، ذات الحجم الموحّد والمصمّمة بطريقة مبسطة، تفرّده من حيث الأسلوب والمواد والسرد الأساسيّ. وبعيدًا عن المعيار الرقميّ، بذل الفنّانون المشاركون جهودهم في إنتاج تلك الملصقات باستخدام مجموعة متنوّعة من المواد بما في ذلك الأكريليك والأحبار والفحم والكولاج والوسائط المختلطة على الورق، بينما استخدم بعض الفنّانين تقنيات تصميم رقميّة مختلفة.
ومن الفنّانات والفنّانين الفلسطينيّين المشاركين، الذين أنتجوا ملصقات خصيصًا لهذا المعرض؛ فيرا تماري، وديالا مشتهى، ومجدولين نصر الله، ورنا سمارة، وحنين نزّال، وسليمان منصور، ونبيل عناني، وتيسير بركات، وبشير مخول، وبشار الحروب، ومحمد جحا.
ومن المعارض الفنّيّة التي أولت اهتمامًا خاصًّا بـ "فنّ الملصق" منذ عمليّة "طوفان الأقصى"، أيضًا، سلسلة عروض لمعرض بعنوان "ملصق زوروا فلسطين"، نظّمت في مدن يابانيّة وخارجها، كان آخرها ــ بنسخته السابعة ــ في مدينة كاواساكي، في الفترة ما بين السادس والعشرين من شهر آذار/ مارس والتاسع من شهر نيسان/ ابريل الماضي.
هذه السلسلة من المعارض هي نتاج فكرة مشروع "زوروا فلسطين"، الذي انطلق في عام 2021 في طوكيو، بهدف جمع الملصقات التي تدعم حقوق الشعب الفلسطينيّ خلال الخمسين سنة الماضية، وتقديمها في معارض متتالية، إلى جانب إصدار كتاب توثيقيّ يضمّ هذه الملصقات، التي جمع منظمو المشروع المئات منها؛ بعضها من متجر بالعاصمة اليابانيّة للسلع المستعملة، وبعضها تمّ جمعه من مكتب منظّمة التحرير الفلسطينيّة في طوكيو، قبل أن يغلق خلال تسعينيّات القرن الماضي.

فنّ الخطابة البصريّ
منفردًا، اختار رسّام الكاريكاتير الفنّان الفلسطينيّ الأردنيّ محمد عفيفة، إنجاز معرض بعنوان "مجموعة ملصقات فلسطين"، في فضاء "فن وشاي" بالعاصمة الأردنيّة عمّان، في الفترة ما بين الثامن عشر والتاسع والعشرين من شهر نيسان/ أبريل الماضي.

ملصق من تصميم كمال بلاطة (1975) 


يقدّم عفيفة معرضه بالقول: "يبدو لي أنّ الأحداث في جوهرها صراع طويل وممتدّ. بدا وكأنّ الأشياء تجادل الأشياء، واللامنطق يجادل المنطق، والكلمات تجادل المعاني، والظالم يجادل المظلوم، والحياة تجادل الموت"، متابعًا: "لا تاريخ محدّد للجدل، إنّما الأمر هذه المرّة أنّ هناك فصلًا أعمق من الجدل يحدث ويترسّخ، بين الجدل والحقيقة، بين الثبات وكيّ الوعي، بين الذاكرة والمصير، بين أهل الأرض والمحتلّ، بين الإنسانيّة وانعدام الضمير. أو ربّما لا تاريخ محدّد للجدل، ولكن ثمّة تاريخ لنهاية الجدل".
في تصريح صحافيّ يقول رسّام الكاريكاتير الفنّان الفلسطينيّ الأردنيّ حول تفاصيل معرضه هذا: "اخترت فنّ الملصق (البوستر) لما يتركه من أثر في توجيه الجمهور وتحريك عقولهم، حيث يمكن وصفه بـ"فنّ الخطابة البصريّ" الذي بمقدوره أن يتجاوز اللحظة ليعبر إلى زمن آخر ليكون بمثابة وثيقة تاريخيّة إنسانيّة وجماليّة".
وأعلنت مجموعة مستقلّة من الفنّانات والفنّانين الفلسطينيّين، في العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عن إتاحة أعمالهم للعموم، في مشروع أطلقوه تحت عنوان "مشاع فنّي"، ليبدأ جمع الملصقات والرسومات والأعمال الغرافيكيّة طوال الأشهر الماضية.
الفنّانات والفنّانين الفلسطينيّين قالوا، في بيان، إنّ قرارها يأتي "في ظلّ التعتيم والتكتيم الإعلاميّ والقمع المُمارس علينا من قبل منصّات التواصل العالميّة"، مُضيفين: "فليكن صوتكم صدى صوتنا، وصوتنا صدىً لصوتكم"، ويكون "أعلوا الصوت!" شعارًا للمشروع. موضّحين بأنّ "الأعمال الفنّيّة متاحة للنشر الإلكترونيّ والطباعة في جميع أشكال التضامن مع فلسطين والشعب الفلسطينيّ"، ليبدأ جمع الأعمال ونشرها مع بيانات تحتوي على عنوان كلّ عمل وتاريخ تنفيذه وعنوان صاحبه على وسائط التواصل الاجتماعيّ.
معظم تلك الأعمال التي أتاحتها المجموعة الفلسطينيّة للنشر والطباعة، يندرج ضمن فئة الملصقات التي تحتوي عبارات في معظمها باللغتين العربيّة والإنكليزيّة، ما يحاكي طبيعة الظروف الحالية التي يعيشها الشعب الفلسطينيّ منذ بداية العدوان الإسرائيليّ الإباديّ على غزّة في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، ومنها: "ولا بدّ لليل أن ينجلي"، و"ازرع كلّ الأرض مقاومة"، و"ثوري ثوري يا جماهير الأرض المحتلّة"، و"الأقصى في قلوبنا"، و"هذه النار تنبع من جسدي"، "الثورة نهج الأحرار"، و"الحقّ سلاحي وأقاوم"، و"المجد للشهداء، النصر للمقاومة"، و"إمّا فلسطين وإمّا النار، جيل بعد جيل"، و"اهتف بالصوت الهدّار"، و"إياكم أن تعتادوا المشهد"، و"فليسقط غصن الزيتون وتحيا البندقيّة"، و"نعم لن نموت"، و"أوقفوا الإبادة الجماعيّة في غزّة"، بالإضافة إلى ملصقات عليها خريطة فلسطين ومثبّت عليها اسم واحدة من مدنها؛ القدس ويافا والخليل وطولكرم ونابلس والناصرة وجنين وبيسان وعكا وبئر السبع، وغيرها.

المصادر:
1) ايناس ياسين (قيمة المعرض)، كاتالوغ معرض "ملصقات سياسيّة في مجموعات خاصّة"، "جامعة بيرزيت"، متحف "جامعة بيرزيت"، أيلول/ سبتمبر 2013 – شباط/ فبراير 2014.
2) بشرى سرحان، بحث بعنوان: "دور الملصقات السياسيّة المعاصرة في دعم القضيّة الفلسطينيّة"، "جامعة الشرق الأوسط"، عمّان ــ الأردن، كانون الثاني/ يناير 2021.
3) خليل صفيّة، مقالة بعنوان: "الملصق السياسيّ والقضيّة الفلسطينيّة"، مجلّة "الحياة التشكيليّة"، دمشق، 1 آذار/ مارس 1983.
4) شفيق رضوان، كتاب "الملصق الفلسطينيّ مشاكل النشأة والتطوّر"، دمشق، منظّمة التحرير الفلسطينيّة، دائرة الثقافة، 1992.
5) رشا سلطي، دراسة بعنوان "الملصق الفلسطينيّ: الترويج للمعالم والرموز الوطنيّة"، موقع "الموسوعة التفاعليّة للقضيّة الفلسطينيّة"، بلا تاريخ نشر.
6) ريم الياسر، مقالة بعنوان: "مشروع ملصق فلسطين... بلاد تتكدّس في الأيّام والصور"، صحيفة "العربيّ الجديد"، 11 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023.
7) موقع "أرشيف المتحف الرقميّ الفلسطينيّ": 
https://palarchive.org/index.php/Browse/objects/lang/ar_PS
8) موقع "أرشيف ملصق فلسطين": https://www.palestineposterproject.org
9) مجموعة مقالات نشرت في الصحف والمجلّات والمواقع الإلكترونيّة الفلسطينيّة والعربيّة التالية: وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينيّة "وفا"، "عرب 48"، "المركز الفلسطينيّ للإعلام"، "جدليّة"، "العربيّ الجديد".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.