}

العودة إلى النفس والمسألة السياسية عند ميشيل فوكو

عياد البطنيجي 12 أغسطس 2017
آراء العودة إلى النفس والمسألة السياسية عند ميشيل فوكو
ميشيل فوكو في تظاهرة باريسية

 

لا يزال التحرر من نموذج السلطة الحديثة إشكالًا راهنًا يشغل الكتابات المعاصرة. من اللافت منها بحق ما طرحه الفقيه جورجو أغامبين في "نموذج الفقر" بوصفه سبيلًا لمقاومة السيادة. أطمح في هذا المقال إلى توتير نموذج آخر يتمثل في "العودة إلى النفس" لميشيل فوكو. وذلك لفتح أفق إبيستيمولوجي لتتبع الدعوات الغربية الانشقاقية عن القانون والسلطة ومدى قدرتها التفسيرية في مواجهة منطق السيادة والحكم.

كيف العمل من أجل أن تصبح النفس ما يجب أن تكون عليه لكي تتحرر من السلطة السياسية؟ كيف العمل من أجل أن تكون الذات حرة تحيل إلى ذاتها بوصفها الحقيقة النهائية؟ يرى فوكو أن الغرب قدم نظرية حول الذات غير مكتملة، فكان مشروعه حول الحقيقة متعثرًا. قصد صاحب درس "تأويل الذات" إدخال الفلسفة لا بوصفها تفكيرًا في الحقيقة فحسب، بل في نوع من الروحانية ترمي هذه إلى تحويل الذات ولنمط وجودها، وذلك مع تنامي موضوع التطهر، وظهور وتطور للموضوع الذي هو موضوع درسه، ألا وهو التحول والهداية بوصفهما سبيلًا لـ"فن العيش": كيف لي أن أحوّل نفسي حتى أستطيع بلوغ الحقيقة؟

افترض المشروع الغربي بأن الذات كما هي دون أجراء تعديل عليها بإمكانها الوصول للحقيقة، بينما حاجج فوكو بضرورة أجراء تحولات تجريها الذات على نفسها من أجل بلوغ الحقيقة. يعود لنصوص القدماء ليستكمل نظرية الذات ولإقامتها هذه المرة على فعل التأسيس "عش من أجل نفسك" بحيث نحيا مع العلاقة بالنفس بوصفها مشروعًا أساسيًا للوجود، وبوصفها السند والدعم الوجودي الذي يسوغ ويؤسس ويقود كل فنون الوجود. في سعيه لتشكيل أخلاقيات الذات عمد فوكو إلى تقويض نموذجين كبيرين في تأويل الذات والعلاقة بالحقيقة: النموذج الأفلاطوني المنتظم حل موضوع التذكر، والنموذج المسيحي المنتظم حول تفسير الوحي.

يكمن طموح هذه المقالة في توتير فعالية "المعرفة الروحانية" بحسب طرح "العودة إلى النفس" وتقييم ما إذا كانت تشكل فعليًا أفقًا وحيدًا لمقاومة السلطة السياسية كما جادل فوكو. في دروسه السابقة، أشار فوكو بأن الذات الحديثة لم تكن على الإطلاق خارج علاقات السلطة التي صاغتها فعليًا. بينما درس "الاهتمام بالذات/العودة إلى النفس" جيء به من أجل مقاومة السلطة السياسية لبلوغ الحرية. إذ غدت هذه المهمة، حسبما يرى، مستعجلة وضرورية سياسيًا. وبالتالي فإن انبثاق الذات لا يخضع لعمليات الهيمنة فقط وإنما تتشكل الذات أيضًا من تقنيات وفنون "الاهتمام بالذات". فهدف "الاهتمام بالنفس" هو أدراك الحرية، وتحرير الذات بخلق حالة من الانضباط عن طريق التعلُّم سواء أكان التعلم من الطبيعة أو من المنتجات الإنسانية أو من المعلِّم، أو من خلال التجوال لاكتساب فضائل القدرة على تكوين أفعال متنزه عن الغرض وتبخس الأشياء، وتكوين استعدادات لاحتقار العالم من خلال النظرة العميقة التي تفككه فتنزع عن الأشياء هالتها، أو عبر المعلِّم بقول الصراحة حيث الانضباط عن طريق الكلام الحر.

يجد فوكو ضالته في النموذج الهلنستي تحديدًا الرواقية حيث الأفق التاريخي العام الذي يضع فيه مشروعه لاستكمال نظرية الذات، المتمركز حول صيغة "العودة إلى النفس" باعتبارها فنًا مستقلًا وغاية في حد ذاتها تقيِّم الوجود في كليته.

 إذ تعود الذات إلى نفسها بعد بلوغها الحقيقة لتجري تعديلات على نفسها فتنضبط ذاتيًا وتغدو حرة مستقلة ومكتفية بذاتها فلا تعود للقانون لكي تلتزم، وذلك عبر عملية تذويت الحقيقية التي تجعل من كل شيء يخصها لتحقق الاكتفاء بالنفس أو احتواء النفس والامتلاء والتحرر، والقدرة على الإقامة مع النفس التي تضمن الحرية التي ليست سوى "تحويل النفس إلى هدف" بوصفها المتعة الشرعية الوحيدة التي تجعل الذات تتحول نحو نفسها وتنظم حياتها كلها على نفسها جاعلة منها هدفًا: "أن تكون حرًا هو أن تهرب وتتغلب من استعباد النفس فأسوأ انوع الاستعباد أن تكون عبدًا لنفسك". وعليه فـ"العودة إلى النفس" تفترض بأن الذات لا تخضع للسلطة، فعندما ترتد الذات على نفسها يحصل الانضباط الذاتي وتلتزم ذاتيًا فتبتعد عن العنف والإكراه الخارجي وتترك حتى المتع الاستهلاكية.

وفق هذا المعنى، إلى أي حد تمثل صيغة "العودة إلى النفس" دالة على الحرية؟ الاستفهام ههنا هو: كيف يمكننا في الوقت نفسه أن نقول إن العودة إلى النفس هذا الشيء الذي يجب أن يكون هدفًا ينبغي تشريفه والعناية به وجعله هدفنا النهائي الذي يحقق متعتنا الأبدية، وأن نقول أيضًا، وفي نفس الوقت، إنه يجب أن نتحرر من النفس؟ كيف نقول إن العودة إلى النفس يجب أن تكون هدفًا نهائيًا، وأن نقول أيضًا بأنه يجب التحرر من النفس شرط الحرية والاستقلال من التبعية للنفس؟ ألا يعني هذا تأليهًا للذات وعبادتها في الوقت نفسه!

اختبار النفس

تقتضي صيغة "العودة إلى النفس" وتدوير الذات على نفسها، مجموعة من اختبارات النفس، تمتحن بها النفس قدرتها على التصدي والصمود لمواجهة الحوادث الطارئة. وهي نوع من التقنيات التي تعود إليها النفس من حين لآخر لتسليح ذاتها بحقيقة يتم ادخالها في الذاكرة تطبق تدريجيًا وتكون موضوعًا يسود النفس كلية. وهي تقنيات تدريب على التحمل والصبر، وتلك التي تكون تدريبًا وتمرينًا للفكر بواسطة الفكر. وتعني تجهيز النفس لتكوِّن استعدادات لمواجهة عصائب الحياة والأحداث غير المنتظرة. لهذه التمارين في ثقافة النفس معنى يتعلق بإقامة واختبار وامتحان استقلال الفرد حيال العالم الخارجي. وهي خطابات الحقيقة التي تمكنها بأن تقوم بالفعل الصائب والصحيح فتكون الذات بوصفها هوية متطابقة مع الحقيقة بوصفها ذاتًا للحقيقة. يعني أن تكون الحياة موضوعًا لتقنية/ أو فن العيش، وهو فن معقول وعقلاني يكون بموجبه الوجود معروفًا في شكل تقنية/ فن. فهي قواعد لفن اختبار النفس، تكوُّين وتشكل الذات نحو هدف كمالها وخلاصها الخاص. وهي بمثابة قواعد للفكر وللفعل ومبادئ للتصرف، وقواعد تساعد على التقدم الأخلاقي والاستقامة ونصيحة وحكمة في الحياة.

لكن كيف يكون العالم موضوعًا لتقنيات فن العيش، وموضوعًا لاختبار النفس/الذات؟ كيف تضع الذات قواعد فن العيش من جهة وأن تختبر نفسها في ضوء هذه القواعد؟ فهل يستقيم، مثلًا، بأن يكون التلميذ موضوع الاختبار هو أيضًا منْ يضع الاختبار لنفسه؟ فضلًا عن ذلك، كيف يمكن للعالم المعطى لنا بوصفه موضوعًا للمعرفة في شكل تقنيات وقواعد في فنون العيش، وهو في نفس الوقت المكان والوسط الذي تظهر فيه الذات بوصفها ذاتًا أخلاقية للحقيقة؟ أو كيف تنتج الذات موضوعًا ويكون هذا نفسه موضوعًا لتقنية أخلاقية بمقتضاها تختبر الذات نفسها؟ كيف يمكن من هذا الأخير تكوين استعدادات الموت الذي خصص له فوكو بعض دروسه؟

الحوكمة والتحول إلى النفس

يجادل فوكو بأن بناء أخلاق الذات مهمة مستعجلة وضرورية سياسيًا من أجل مقاومة السلطة؛ لأنه لا وجود لأرضية أخرى غير علاقة الذات بذاتها. يأخذ فوكو مسألة السلطة السياسية ضمن مسألة عامة ألا وهي مسألة الحوكمة (أو فنون الحكم) باعتبارها حقلًا استراتيجيًا لعلاقات السلطة معتقدًا بأن التفكير حول مفهوم الحوكمة لا يمكن له إلا أن يمر، نظريًا وعمليًا، "عبر عنصر الذات التي تتحدد في إطار علاقة النفس بنفسها". وهو مفهوم على نقيض نظرية السلطة السياسية الذي يقترحه علينا المفهوم القانوني للذات. لنستمع إلى ما يقوله: "يبدو لي أن تحليل السلطة باعتبارها مجموعة من العلاقات الانقلابية تحيل إلى أخلاق الذات محدَّدة ومعرَّفة ومعينَّة بعلاقة الذات بذاتها". وهكذا يربط المسألة السياسية والمسألة الأخلاقية معًا. من اللافت أن فوكو نفسه يعترف بأن هذا الطرح "يبدو متعثرًا قليلًا" دون أن يفي بمترتبات هذا التقرير الصريح بالتعثر. وإذ أؤكد، لأحقًا، على هذا الاستدراك التي يذكره بشكل عابر.

ما يود فوكو رؤيته هو أن مفهومه للسلطة بوصفها علاقات قوى تتجنب المقترح الحقوقي يقوم على مفهوم أخلاقي على أساس مبدأ "أهتم بنفسك" الذى يعتبر مبدأ "العودة إلى النفس" بمثابة القاعدة المركزية له. هنا تتشكل الذات وتتكوَّن عبر ربطها بالحقيقة من خلال عملية تذويت للحقيقة فلا تخضع لهيئة قانونية وإنما تتشكل بالعلاقة مع الحقيقة.

توتير نموذج "العودة إلى النفس"

لست هنا في وارد تقديم نقد لنظرية "العودة إلى النفس" بقدر ما لدي مجموعة من الأسئلة ظني بأنها تحرجها لا بل تورطها نظريًا وتوترها عمليًا. سأطرح مساءلة هذا النموذج من خلال أسئلة تكشف محدودية فعاليته، فضلًا عن تواطؤه ضمنيًا مع ما يفترض به مواجهته. سيكون مدخلي لذلك سياسيًا حول الالتزام السياسي والمسألة الأخلاقية وفق ما يطرحه علينا هذا الحجاج.   

يشكل الاستفهام التالي المحك الذي تنطلق منه مساءلتي: إلى أي مدى تفتح مقولة "الاهتمام بالذات/التحول إلى النفس" إمكانية ما لتجاوز السياسي كما يعرفه العصر الحديث؟(هذا ما ينشده فوكو فعليًا كما أشر في درس تأويل الذات)، وإذا كان الأمر كذلك، أي إمكانية أفق التجاوز، فما هي الوسيلة المُتاحة ضمن شرط "الاهتمام بالنفس" لإعادة التفكير في السياسي الراهن؟ أم أن شكل السياسي الذي تفترضه صيغة "الاهتمام بالنفس" من حيث المضمون ليس إلا إعادة تحوير على الشكل السياسي نفسه الذي افترضته صيغة "اعرف نفسك" (اللحظة الديكارتية) الذي يكابد فوكو فعليًا لتجاوزها؟

بعبارة أخرى موجزة: إذا كانت نظرية السلطة غير القانونية التي جاهد فوكو في دروسه السابقة لتكوينها واستكمالها هذه المرة على أرضية "العودة إلى النفس" فعلى ماذا إذًا تم تحميل موضوع السلطة الحديثة التي تتقصد صيغة "العودة إلى النفس" تجاوزها محاولة اصطناع بديل لها ضمن مشروع استكمال نظرية الذات؟

بمعنى آخر وأخير: ما إذا كانت صيغة "العودة إلى النفس" محاولة جادة فعليًا لمقاومة السلطة الحديثة كما جادل فوكو، أم أنها تؤسس، كما أرى، لتواطؤ موضوعي بحيث يسود حالة من اللاقواعد ليرتسم بذلك الحقل السلطوي الحديث في خطوته الأولى كما هي كذلك تعتبر اللحظة التأسيسية الأولى للقانون الذي يكابد فوكو تجاوزه.

أرى أن أكثر ما تجلت صيغة "العودة إلى الذات/النفس" فعليًا تكمن في ما يتحداه فوكو، أي في مفهوم السيادة الحديثة حيث يهدف إلى مقاومتها. نعم السلطة السيادية بوصفها تجسيدًا فعليًا وتطبيقًا عمليًا لصيغة "العودة إلى النفس" بالمعنى الفوكوي. لا تنتج عن هذه المقاربة حيال الذات سوى مجتمع يفتقر للعلائق والروابط وبالتالي تختل فيه نشر القوة ما تفضي إلى مجتمع مفكك ومركب من ذوات مكتملة ونهائية ومستقلة ومتحرر من كل ما هو خارجها وسابق عليها، والمرتدة على نفسها دومًا. ليست هذه الذوات سوى ذوات معزولة تفتقر لأي فعالية في التأثير والتوجيه المستقل عن السلطة المركزية، فالتحول إلى النفس هو التحول في المكان لإقامة جملة من العلاقات مع ذات النفس. يلاحظ بهذا الخصوص أن التذكر عند فوكو لا يعني امتدادًا للماضي وبما هو تحميل على الأشياء بما هي موجودة وتكرار لما هو موجود في السابق، بل لا أتجنى عليه إن قلت إن التذكر عنده بلا ذاكرة يقتصر على النظرة الآنية، وهو ما اصطلحت عليه بـ"التذكر الحضوري"، أي أن الذات تتذكر أفعالها وإنتاجها هي بمعنى أن التذكر يقتصر على الذات بصلاتها مع الطبيعة والآخر، بحيث تغدو الذات الفردية موضوع الذاكرة وهذا بالضبط ما يخلعها عن الروابط، وهو عينه التعطيل المستمر للذاكرة.

هذه هي الخطوة الأولى، واللحظة التأسيسية في ولادة جهاز متخصص متمركز القوة لضبط الذوات المعزولة. وليست صيغة "العودة إلى النفس" بهذا المعنى تعني سوى الأفراد المعزولين كما جادلت حنة أرندت ذات مرة، التي ينتج عنها أنصبة تركز القوة. وكما أشارت أرندت بأن هذه الصيغة تصنع "الطاغية المعلق فوق كتلة من الأفراد المعزولين عزلًا محكمًا والمنحلين والمتساوين تمام المساواة". لنستمع إلى فوكو في نص قصير لكنه غني بالإشارات والدلالات: "العزلة هي الشرط الأولي لأي خضوع كلي". وهذا ما نعنيه بالضبط ما ينتج تمركز الذات السلطوية. وعليه، فإذا كان خطاب السيادة يؤكد على الوحدة والانسجام والتعاقد ويربط الجميع في كلٍ واحد كالأمة أو الدولة فإنه لن يتُمم ذلك إلا عبر خطاب "العودة إلى النفس" الذي يعزل ويفرق. وها هنا لا فارق بين القانون الذي يُقيم العدالة والحق والشرعية وبين نظرية الهيمنة، أو بين السلطة بوصفها علاقات قوة والسلطة بوصفها سيادة. وبالتالي فإن تقنيات الذات بالمعنى الفوكوي لا تتحدى منطق السيادة وإنما ترفدها وهذا ما تغفله أو تتغافل عنه.  

 هكذا تبدو أن صيغة "العودة إلى النفس" والسلطة الحديثة من أصل واحدة يشتركان في الطبيعة والوظيفة ضمن أفق تأسيسي واحد متواطئ على ولادة موضوعة السلطة الحديثة من خلال العبور بالواقع وتدميره وتفكيكه وبنائه من جديد. وهذه بالضبط هي اللحظة التأسيسية الأولى لبناء حقل السلطة الحديثة وإخضاع الذات للقانون، وهو التاريخ نفسه الذي نجد فيه التحول الطويل لتشكُّل الذات عبر العودة إلى الذات متزامنًا مع تشكل السلطة السيادية. ويكفي هنا الإشارة إلى نص لفوكو في درسٍ سابق مقتضب لكنه يتميز بلمعة ثاقبة: فـ"السيادة هي النظرية التي تذهب من الذات إلى الذات، وتقيم علاقة سياسية من الذات إلى الذات(...) إن نظرية السيادة تكوِّن ما أسميه دائرة من الذات إلى الذات". يكشف هذا الاقتباس ليس تناقضًا فوكويًا فحسب بقدر ما يكشف مدى تنبه فوكو وحذره وتحوطه من إشكالية السيادة.

ختامًا، إن مبدأ "أعرف نفسك" (اللحظة الديكارتية التي يتحداها فوكو) وصيغة "التحول إلى النفس" (اللحظة الفوكوية)، إن هاتين الصيغتين ليستا إلا صيغة واحدة ذات أصل واحد، وهما صيغتان متكاملتان وتشتغلان ضمن أفق تاريخي واحد: ارتداد الذات على نفسها والتعطيل المستمر للجمل الامتدادية التي تفلت فعليًا من السلطة الحديثة. فيبدو مفهوم "العودة إلى النفس" لا يعطل السيادة ويحول دون تشكلها آمرتيها، بَيْدَ أنه لا يعطلها إلا في مرتبة التحليل فيما يمتّنها في مرتبة الفعالية. إذ إن هذه الصيغة متواطئة، وهي على هذا النحو لا تعني عدم قدرة السيادة على استخدامها بل هي تحولها إلى أصل من أصولها. وههنا لا تكون صيغة "العودة إلى النفس" حدًا للسيادة بل قناة لها، ولا تخلق منطقة خارج القانون والحكم بل تحدث فوق الأرضية الاستراتيجية للدولة الحديثة ذاتها. لتبدو هذه الصيغة ليست دعوة انشقاقية عن الخطاب التاريخي للسلطة الحديثة بل، وكما بينا، إنها تتخطي الانقطاع التاريخي في مفهوم السلطة لتلحظ مكانة التواصل البنيوي بين أشكاله القائمة والمستجدة وردها إلى نواة موحّدة تأصيلية.    

أفهم محاولة فوكو (وهو دأب المشروع الغربي) الرامية إلى الوصول بالحرية إلى أقصى ما يمكن، بَيْدَ أنه ومن لحاظ الواقع فإن هذا الحجاج هو ما أنتج الطاغية والاستعمار والصهيونية.     

 

 

 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.