}

انطلاق "مهرجان الفيلم الملتزم": التظاهرة السينمائية الأهم بالجزائر

حميد عبد القادر 8 ديسمبر 2018
سينما انطلاق "مهرجان الفيلم الملتزم": التظاهرة السينمائية الأهم بالجزائر
أفيش المهرجان

افتتح الفيلم الفلسطيني "واجب"، للمخرجة آن ماري جاسر، فعاليات الدورة التاسعة من "مهرجان الجزائر الدولي للسينما... أيام الفيلم الملتزم"، الذي تدوم فعالياته إلى غاية يوم التاسع من ديسمبر الجاري.

وتشهد قاعة ابن زيدون برياض الفتح بأعالي الجزائر العاصمة، عروض أفلام تتمحور هذا العام بالخصوص حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية. كما تعرف الدورة تكريم المخرج التشادي محمد الصالح هارون، وعرض فيلمه "فصل في فرنسا".

ويشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان 17 فيلما وثائقيا وروائيا طويلا. وفي سياق دعم الجزائر للسينما الملتزمة في أفريقيا بالخصوص، تم مؤخرا منح الجائزة الدولية "ميريام ماكيبا للإبداع الفني" المستحدثة هذا العام، إلى المهرجان الأفريقي للسينما والتلفزيون لـ "واغادوغو" (فيسباكو)، باعتباره أقدم مهرجان بأفريقيا، والى المؤسسة الجنوب الأفريقية الحاملة لاسم الصوت الأسطوري للقارة ورمز الكفاح ضد الأبارتهايد، وذلك ضمن مساعي الجزائر للحضور ثقافيا على مستوى المهرجانات الأفريقية الأهم.

يشارك الفيلم الفلسطيني "واجب" (2017) للمرة الثانية في المهرجانات السينمائية الجزائرية، بعد مشاركته في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في دورته الأخيرة، وحصوله على جائزتين من أهم جوائز المهرجان، هما جائزة أفضل دور رجالي مناصفة بين الممثلين محمد بكري ونجله صالح بكري، إضافة لجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

حظي الفيلم الذي عُرض بحضور سفير دولة فلسطين بالجزائر، والروائي رشيد بوجدرة الذي يُصر في كل مرة على إبداء التزامه بالقضية الفلسطينية، بتصفيق حار من قبل الجمهور الكبير الذي جاء لمشاهدته.

يروي "واجب"، الذي أدرجه النقاد في خانة "أفلام الطريق"، وتنافس على عدة جوائز سينمائية عبر العالم، قصة أبو شادي المُدرس بالناصرة، الذي يقوم رفقة ابنه المهندس المعماري العائد من إيطاليا، بتوزيع دعوات الزواج على الأقارب والأصدقاء لحضور حفل زفاف ابنته آمال، لكن سرعان ما تبرز التوترات بين الأب والابن، فتظهر على السطح وتختبر وجهات نظرهم المتباينة تجاه الحياة، وتجاه العدو. يرفض شادي الذي يعيش في روما أي تواصل مع الإسرائيليين، بدءا من تلك الجلسة الصباحية في مطعم شعبي يدخله جنديان إسرائيليان، فيستهزئ به والده لاحقا، فتنشب بينهما علاقة متوترة في فيلم تنوعت مشاهده، ومزج بين روح الفكاهة المغلفة بالسخرية، بحلاوة ومرارة مؤلمة، ورفض أن يغض الطرف عن المُعضلات التي يواجهها السكان العرب في إسرائيل. وعبر هذا المزج بين الفكاهة والدراما، تتحول حالة التوتر بين الأب والابن إلى ذريعة لإثارة وضع الفلسطينيين داخل إسرائيل.

ميزانية ضئيلة 

لمهرجان كبير

بالرغم من الميزانية القليلة المُخصصة لـ"مهرجان الجزائر الدولي للسينما... أيام الفيلم الملتزم"، الأمر الذي دفع وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي لرفعها هذا العام، إلا أن المهرجان يبقى بمثابة التظاهرة السينمائية الأكثر أهمية بالجزائر، من حيث القيمة الفنية للأفلام التي يختارها المدير الفني للمهرجان الناقد السينمائي أحمد بجاوي. وتختار لجنة التحكيم، التي يرأسها الأستاذ نبيل بودراع، أستاذ اللغة الفرنسية والدراسات الفرانكفونية بجامعة "أوريغون" بالولايات المتحدة الأميركية، بين ثمانية أفلام روائية لا تحصل على أي قيمة مالية، منها آخر أفلام المخرج الجزائري كمال يعيش بعنوان "صوت الملائكة"، وهو ثاني تجربة سينمائية له بعد فيلم "ميستا" (2015) الذي استقبله النقاد بحفاوة كبيرة. أما الفيلم الجزائري الثاني الذي يُعرض خلال أيام التظاهرة، فهو آخر أفلام المخرج عكاشة تويتة بعنوان "الطريق المستقيم" الذي يتناول موضوع المضاربة المالية وسوق العقار. وسبق لتويتة أن اقتبس للسينما رواية الكاتب الشهير ياسمينة خضرا بعنوان "موريتوري" (2007).

ومن فرنسا اختارت لجنة التنظيم فيلم "كآبة الكادحين" للمخرج جيرارد مورديلا، الذي يروي جوانب من الثورة العمالية في فرنسا سنة 1870 وبالضبط بمدينة غرنوبل، أين خاضت فيرجيني لودوايان، العاملة بمغزل للحرير، معركة شرسة من أجل النساء العاملات. أما فيلم "شبان متصدئون" (من لوكسمبورغ) للمخرج آندي بوش، فيتناول موضوع الشيخوخة ورفض فكرة الخضوع، وتجنب فكرة إنهاء الأيام الأخيرة من حياة الفرد في "دار للعجزة".

ومن بين أهم الأفلام التي يعرضها المهرجان في دورته التاسعة، فيلم "الإخوة الأعداء" للمخرج ديفيد أولهوفن، الذي سبق له أن أخرج فيلم "بعيدا عن الرجال" (2014) المقتبس عن قصة "الضيف" للروائي الفرنسي (من مواليد الجزائر) ألبير كامي.

وبحسب أعضاء لجنة التنظيم فإن الممثل الفرانكو – جزائري رضا كاتب سيكون حاضرا بالجزائر لأول مرة لمناقشة الفيلم مع الجمهور. وذاع صيت الممثل رضا كاتب الذي أدى دور العربي في فيلم "بعيدا عن الرجال" رفقة الممثل الشهير فيغو مورتنسن، بعد أن مثّل الدور الرئيسي في فيلم "جانغو"، الذي يروي مسار عازف الغيتار الفرنسي جانغو راينهاردت.

كما يحضر التظاهرة المخرج الفرانكو – جزائري رشيد بوشارب لتقديم فيلمه الجديد "شرطي بلفيل"، لكن خارج المسابقة الرسمية.

وكما جرت العادة يعرض المهرجان أفلامًا ملتزمة من قارات مختلفة. فمن أميركا اللاتينية تمت برمجة فيلم برازيلي بعنوان "آرابي" للمخرجين أفونسو أوشوا وخواو دومانس، اللذين يعتبران من أهم رموز الجيل الجديد في السينما البرازيلية. ويخوض الفيلم في حياة شاب برازيلي (كريستيانو) من مدينة ميناس خيريس، ويزيح الستار عن قصة ملحمية لعامل متواضع تعكس آلامه وأفراحه البعد الخفي للنمو الاقتصادي والاجتماعي الذي عرفته البرازيل خلال العقد الأخير.  أما الفيلم الكوبي "خوسيه مارتي.. عينُ الكناري" للمخرج فيرناندو بيريز فالديز، والذي يعرض خارج المسابقة الرسمية، فيتناول حياة مؤسس الحزب الثوري الكوبي خوسيه مارتي، المولود بهافانا سنة 1853، والذي كان شاهدا خلال طفولته على فظائع العبودية في كوبا، ما دفعه لاحقا إلى اعتناق الأفكار الثورية والمشاركة في ثورة 1895، والتي قتل فيها يوم 19 مايو.

أفلام وثائقية

أما الأفلام الوثائقية، التي تعرض خلال الدورة، فتدور أحداثها حول المساعدة التي يقدمها المواطنون الأوروبيون للمهاجرين السريين، على غرار فيلم "حُر" للفرنسي ميشال توسكا، كما تتناول موضوع علاقة الشبان الفرنسيين بحرب التحرير الجزائرية عندما قامت سنة 1954، وذلك هو موضوع الفيلم الوثائقي "الاختيار في سن العشرين" للمخرج فيلي هيرمان، الذي يروي قصة مجموعة من المجندين الفرنسيين فروا من الجيش والخدمة العسكرية بين 1954 و1962، وتمت متابعتهم قضائيا بفرنسا بتهمة "الخيانة العظمى"، مما أجبرهم على الفرار إلى سويسرا. وكانت خطيئتهم الوحيدة رفض حمل السلاح ضد الجزائريين واختيارهم مبادئ سلمية.

تكريم خاص للمخرج التشادي

محمد الصالح هارون

اختارت إدارة المهرجان هذا العام المخرج التشادي محمد الصالح هارون (1961)، لتكريمه نظير مساره السينمائي المُميز، فقد أظهرت أفلامه القصيرة منذ 1991 موهبة عارمة أكد عليها فيلمه الطويل الأول "وداعا أفريقيا" (1999) الحائز على جائزة أحسن فيلم أول بمهرجان البندقية بينما تُوِّج فيلمه القصير "رسالة من نيويورك" (2001) في مهرجان السينما الأفريقية بميلانو، وحاز فيلمه الطويل "أبونا" (2002) على جائزة أفضل صورة في مهرجان "فسباكو" بواغادوغو، وحاز بعدها على نفس الجائزة بالإضافة إلى جائزة "الحصان البرونزي" عن فيلمه "دارات" (2006). وتضاعفت شهرته بعد إخراجه لفيلم "رجل يصرخ" (2010)، وهو رائعة فنية مقتبسة من سيرته الذاتية حاز به على جائزة لجنة التحكيم بمهرجان "كان" وجائزة روبرت بريسون بالبندقية. وبعد مشاركة فيلمه "ڤريڤري" سنة 2013 في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان"، عاد بعمل جديد عنوانه "فصل في فرنسا" (2017) وشغل حديثا منصب وزير الثقافة في التشاد الذي لم يلبث أن غادره ليتفرغ لشغفه بالسينما. وتم اختيار فيلم "فصل في فرنسا" لعرضه بمناسبة اختتام المهرجان، وتدور أحداثه حول عباس معلم اللغة الفرنسية القادم إلى فرنسا رفقة أبنائه من أفريقيا الوسطى بعد أن نجح في الفرار من الحرب الدائرة في بلده. وتمكن، في انتظار الحصول على وثائق إقامته، من تسجيل أبنائه بالمدرسة والعمل بسوق جواري حيث التقى بكارول التي أُعجِبَت بشجاعته. ويغوص بنا الفيلم في المشاكل اليومية والمشاريع والخوف من الفشل الذي يثقل كاهل الشخصيات حيث أن عباس يخشى من أن يُرفضَ طلب لجوئه السياسي.

للإشارة، توج الفيلم البريطاني "المملكة المتحدة" للمخرجة أما أزانتي بالجائزة الكبرى ضمن فعاليات الدورة الثامنة (2017) لمهرجان الجزائر السينمائي الدولي لفئة الأفلام الطويلة، والذي يروي قصة حب مستحيل بين ملك شاب من بوتسوانا وامرأة من لندن، بسبب القوانين الاستعمارية والعنصرية والأبارتهايد، في حين عادت الجائزة الكبرى لفئة الأفلام الوثائقية للفيلم السنغالي "كمتيو شيخ أنت". بينما كان التنويه الخاص من نصيب فيلم "خارج الإطار... الثورة حتى النصر" للمخرج الفلسطيني مهند يعقوبي.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.