"هنا يرقد شاعر الرصيف بخيت بن بيومي". كانت هذه الجملة هي وصية الشاعر المصري بخيت بيومي، لتكتب على قبره بعد وفاته. وتم له ما أراد بعد أن رحل، الثلاثاء الماضي، عن عمر يبلغ الثانية والثمانين، بعد رحلة فنية ثرية اشتهر خلالها بأنه شاعر الألف موال والألف فزورة.
احترف بخيت بيومي التأليف الغنائي بكامل ألوانه طوال رحلته مع الشعر والفن، وظل يكتب الفوازير لمدة 17 عامًا متواصلة، وكانت أهم بطلات الحلقات الفنانة نيللي. كان بخيت بيومي أول من أدخل الثقافة في الفوازير، فقد كتب فوازير عن الأنبياء والرسل، كما عرف بالتنوع في موضوعات الفوازير، الأمر الذي ساعد على نجاحها لفترات زمنية طويلة.
كتب بخيت بيومي أكثر من ألف فزورة للإذاعية المعروفة آمال فهمي. وبحسب الناقد الفني طارق الشناوي، فإنه تاريخيًا كتب فوازير رمضان في البداية بيرم التونسي. وبعد رحيله أكملت آمال فهمي الرحلة مع صلاح جاهين. وبعد رحيل صلاح بدأت رحلة بخيت مع سيدة الفوازير في الإذاعة آمال فهمي، على مدى ألف فزورة، ولم يسلم الأمر بين الحين والآخر من تراشقات صحافية حدثت بينهما، لكن في النهاية لدينا 19 عامًا من الفوازير، "بخيت كان قارئًا جيدًا يجهد نفسه كثيرًا في الفوازير، ويعود لأكثر من موسوعة حتى يعثر على الكلمة التي توحي بالحل، لكنها لا تفصح".
كان بخيت يعد أن أساتذته الكبار في الشعر الغنائي مأمون الشناوي، وحسين السيد، وعبد الوهاب محمد، ولديه قناعة مفرطة بأن الجيل الجديد من الشعراء لم يقدم إسهامات حقيقية كالجيل السابق عليهم.
في آخر ظهور تلفزيوني له، أعرب بيومي عن خوفه من سرقته بعد وفاته، مؤكدًا أنه يمتلك موسوعة من الأغنيات التي لم يتم تلحينها، أو عرضها على فنانين حتى الآن، وحال رحيله، ستكون مشاعًا لكثيرين، سيمنحون لأنفسهم، في رأيه، الحق في السطو عليها، مشيرًا إلى أن أقصى ما يريده فقط هو أن يذكروا اسمه، من باب حقه الأدبي والمعنوي ليس أكثر.

مع تغير معطيات ومتطلبات الواقع الفني في مصر خلال السنوات الأخيرة، كان بخيت يشعر بالتجاهل، حتى كرمته قبل بضع سنوات دار الأوبرا المصرية في مهرجان الأغنية، وكتب قصيدة أنهاها بهذا المقطع قاصدًا نهاية الرحلة (يالا روح بقى يا بخيت)، وكتب بعدها قصيدة عن الموت قال فيها (عشت فيها بالطول والعرض/ وأخيرًا عدت إلى الأرض).
خلال موسم الرياض الأخير، وفي مناسبة تكريم الموسيقار محمد الموجي، كان من المفترض أن تكون آخر إطلالة له على شاشات التلفزيون، وكان من المنتظر أن يسافر لحضور الحفل في المملكة العربية السعودية، لكن لظروفه الصحية اعتذر.
كتب بخيت بيومي كثيرًا من الأغنيات، منها "جيت في وقتك يا حبيبي"، للفنانة الراحلة وردة، و"إزي الصحة" للفنان الراحل محمد العزبي، و"بادوب في هواه" للراحلة صباح.
وألف للفنان الراحل فؤاد المهندس ست أغاني لمسلسلات إذاعية في السبعينيات، وكتب الأغنية والمونولوج، والبرنامج الرياضي، في "صوت العرب"، لمدة ست سنوات، وكتب حوالي 15 حلقة من مسلسل "سر الأرض"، و66 مسلسلًا إذاعيًا وتلفزيونيًا، ومن أشهر ما كتب من مسلسلات: "أهلًا بالسكان"، و"كسبنا القضية"، و"غدًا تتفتح الزهور"، التي اشتهرت بأغنية محمود ياسين "حلوة يا زوبة".
كما ألف الشاعر الغنائي بخيت بيومي مجموعة من الأغاني والمسلسلات والفوازير الأخرى، حيث ألف مسلسل "فرح وفرقة المرح" (2010)، وفوازير "عم كريم أبو المفاهيم" (2005)، كما جاء مسلسل "المسحراتي" (2003)، من قصة وسيناريو وحوار الشاعر بخيت بيومي، وألف أيضًا مسلسل "سر الأرض" (1994)، ومسلسل "يوميات نجاتي المسحراتي"، وألف أغاني المسلسل الإذاعي "اجري اجري".
وفي الموسيقى، ألف بخيت: كلمات مسلسل "الستات ميعملوش كده" (1995)، وأشعار مسرحية "727"، وكلمات أغاني مسلسل "ماما نور"، وكلمات أغاني مسلسل "أصوات تبحث عن ميكروفون"، وكلمات أغنية فيلم "أسعد الله مساءك"، وأشعار فوازير "أنا وانت فزورة"، وألف أغنية "بيبص لك" في فيلم "عودة أخطر رجل في العالم"، وكلمات المقدمة والنهاية لمسلسل "أحلام العصافير"، وكلمات الأغاني للمسلسل الإذاعي "الأستاذ عفيفي"، وكلمات الأغاني للمسلسل الإذاعي "خميس وجمعة".
بخيت بيومي شاعر غنائي مصري وُلد في 18 حزيران/ يونيو عام 1942 في محافظة الدقهلية في قرية كفر الحطبة، مركز شربين. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، تنفيذًا لوصية أمه قبل وفاتها. حصل على الثانوية اﻷزهرية في عام 1960 من المنصورة، كما حاز على دبلومة في الخطوط. بدأ حياته مدرسًا في إحدى المدارس الخاصة، ثم خطاطًا، وبعدها اتجه لكتابة اﻷغاني.