Skip to main content
ذكرى ميلاد: محمد الأخضر حمينة الذي ظلّ قريباً من الأرض
العربي الجديد ــ الجزائر
(محمد الأخضر حمينة في الجزائر 2017/ Getty)

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السادس والعشرون من شباط/ فبراير، ذكرى ميلاد المُخرِج الجزائري (1934).


ربما لم يكُن ابنُ الفلّاح المولودُ في مدينة المسيلة الجزائرية في مِثل هذا اليوم مِن عام 1934 ليُفكِّر في دراسة تخصُّصٍ آخر غير الفلاحة. هكذا سيحزم محمد الأخضر حمينة حقائبه إلى مدينة قالمة، شرق البلاد، ليدرس في معهدها الفلاحي، قبل أن يُسافر إلى فرنسا حيث درس في معاهد مختلفة. لكنَّ حدثاً تاريخياً سيطرأ في الخمسينيات فيُغيّرُ مساره بشكل جذري.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، اندلعت الثورة الجزائرية، فوجدَ محمد الأخضر نفسه مُجنَّداً بشكلٍ إجباري في الجيش الفرنسي. غير أن ذلك لم يستمر طويلاً، إذ فرّ بعد شهرَين فقط ليُغادر إلى تونس عام 1958. وهناك، عمل في وزارة الإعلام التابعة للحكومة الجزائرية المؤقّتة التي أرسلته إلى براغ حيث درس في "المعهد الوطني للسينما" و"استوديوهات باراندوف".

وبعودته إلى الجزائر، شارك في تصوير عددٍ مِن معارك جيش التحرير ضدّ الاستعمار الفرنسي. وفي تلك الفترة أيضاً، أقام بشكل متقطّع في تونس، حيث شارك كتقني في عدد من أعمال المخرج الجزائري جمال شندرلي؛ مثل "ياسمينة" و"صوت الشعب" و"بنادق الحرية".

بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، سيجمع حمينة مساعديه الذين عمل معهم في تونس لتأسيس "ديوان الأخبار الجزائرية" عام 1963، وهي المؤسّسة التي سيتولّى إدارتها حتى تاريخ حلّها عام 1974.

كان "ريح الأوراس" (1966) أوّل فيلم روائي طويل يُخرجه محمد الأخضر حمينة؛ عملٌ عن معاناة الجزائريّين خلال الفترة الاستعمارية، يروي فيه قصّة أُمّ مِن منطقة الأوراس يقضي زوجُها في قصفٍ استهدف منزلهما بينما يُعتَقل الابن، فتبدأ رحلةً مِن معتَقلٍ إلى آخر بحثاً عنه. وحين تعثُر عليه تلقى مصرعها عند سلكٍ مكهربٍ يُحيط به.

ثيمتا الثورة والأرض ستظلّّان حاضرتَين في جميع أعماله اللاحقة: "حسان الإرهابي" (1968)، و"ديسمبر" (1973)، و"ووقائع سنين الجمر" (1975). تدور أحداث العمل الأخير بين 1939 و1954، مُصوِّرةً جوانب من نضال الجزائريّين ضدّ المستعمِر في الصحراء.

حاز الفيلمُ "السعفة الذهبية" في "مهرجان كان" السينمائي بفرنسا في العام نفسه، ليكون أوَّل فيلم عربي (والأخير حتى الآن) الذي يُحرز هذه الجائزة. وخلال عرضه، تلقّى حمينة تهديدات بالقتل مِن أنصار "منظّمة الجيش السرّي" الإرهابية الفرنسية، ما دفع وزير الداخلية الفرنسي، حينها، ميشيل بونياتوسكي إلى إرسال فرقة أمنية خاصّة لحمايته في المهرجان.

لم يحتفظ حمينة بجائزته؛ إذ يروي أنه، وبعد عودته إلى الجزائر، ترك مجسّم "السعفة الذهبية" في مكتب الرئيس الراحل هواري بومدين بطلبٍ من مدير مكتبه عبد المجيد علاهم الذي أخبره برغبة الرئاسة في عرضها للضيوف الأجانب، على أن تُعاد إليه لاحقاً، وهو ما لم يحدُث إلى اليوم.

في أحد حواراته التلفزيونية، طالب حمينة باستعادة السعفة، قائلاً إنها جائزةٌ شخصية، موضّحاً أن جميع مساعي استعادتها باءت بالفشل، إذ أخبره مسؤولون في الرئاسة الجزائرية أنهم لم يعثروا لها على أثر.

إلى جانب العشرات من الأفلام القصيرة والوثائقية، أخرج محمد الأخضر حمينة أيضاً ثلاثة أفلام روائية طويلة أُخرى؛ هي: "رياح رملية" (1982)، و"الصورة الأخيرة" (1986)، و"غروب الظلال" (2014) الذي عاد مِن خلاله إلى الإخراج السينمائي بعد انقطاع استمر قرابة ثلاثين عاماً.