Skip to main content
تهريب الدواء عبر الحدود يزعج المغرب
مصطفى قماس ــ الرباط
صناعة الدواء بالمغرب تحتل المركز الثاني أفريقياً (Getty)
لا تنشغل أجهزة الرقابة كثيرا بالغش، الذي يمكن أن يصيب الدواء في المغرب، بل تركز أكثر على تهريبه إلى المملكة من المناطق الحدودية.
فظاهرة تهريب الدواء تشغل المراقبين والمهنيين، خصوصاً أن المغرب يضم صناعة تمكنت على مدى أعوام من تلبية حوالي 70% من احتياجات مستهلكي الدواء، بل وتبحث عن أسواق من أجل التصدير.
ولا يشكل تزييف الأدوية في المغرب أزمة يمكن أن تبعث على القلق، حسب المختبر الوطني لمراقبة الدواء بوزارة الصحة، فالإنتاج الوطني من الدواء، يخضع لرقابة صارمة، حسب وزارة الصحة، بما يحد من تسرب الغش إلى الصناعة.
وتقول وزارة الصحة، إنه يصعب تسويق الدواء المزيف عبر المسالك الرسمية، حيث ينبغي الحصول على ترخيص من أجل التسويق، وهو ما لا يمنح لمختبرات الأدوية، إلا بعد إجراء كل الاختبارات الضرورية، التي تفيد بأن ذلك المنتج لا يهدد الصحة العامة.
لكن إذا كانت وزارة الصحة تؤكد أن جميع الاحتياطات متخذة من أجل تفادي تسرب أدوية مزورة إلى السوق، فإنها لا تنفي مع ذلك، كون التصنيع غير المشروع للأدوية، يظل نشاطاً يتخذ طابعا تقليديا، حيث يلجأ إليها أولئك الذين يعتمدون على الأعشاب من أجل توفير بعض الأدوية مثل الأقراص.
وفي دراسة أنجزتها اللجنة الوطنية للملكية الصناعية ومحاربة التزييف، حول التأثيرات الاقتصادية للتزييف على المغرب، يتضح أن بين أعوام 2008 و2011، أصدرت المحاكم التجارية أحكاما تتعلق بنحو 595 قضية تزييف منتجات، غير أن قضايا تزييف الدواء لم تتعد 12 قضية خلال تلك الفترة.
وتقدر اللجنة الوطنية للملكية الصناعية ومحاربة التزييف، أن حجم التزييف الناجم عن جميع القطاعات الإنتاجية في المغرب، يتراوح بين 600 مليون درهم و1.2 مليار درهم (بين 62.1 و 124.2 مليون دولار)، أي ما يمثل 1.3% من الناتج الإجمالي المحلي، في الوقت نفسه تشير اللجنة إلى أن قطاع التزييف يفوت على الدولة إيرادات جبائية تصل إلى 100 مليون دولار، ويتسبب في فقدان 30 ألف فرصة عمل.

وقال الدكتور بوعزة الخراطي، الذي يرأس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن مشكلة الأدوية في المغرب لا تتعلق بالتزييف وإنما التهريب، الذي يتم عبر الحدود، خاصة المشتركة مع الجزائر في شرق المملكة.
ويرى الصناعيون في المغرب، أن مشكلة الأدوية التي تأتي من الجزائر، لا تتمثل فقط في الأخطار التي تنطوي عليها بالنسبة للصحة العامة، حيث لا تخضع للمراقبة من قبل وزارة الصحة المغربية، وإنما في كون الأدوية التي تصنع بالجزائر تستفيد من دعم الدولة، ما يجعلها أرخص من الأدوية التي تصنع بالمغرب، مما يشكل منافسة غير مشروعة للمنتجين المحليين.
ورغم الإجراءات والقوانين التي وضعها المغرب من أجل حماية سوق الدواء من التزييف، إلا أن ثمة منافذ تبقى مفتوحة أمام التهريب، خاصة المنطقة الجنوبية والمنطقة الشرقية ومدينتي سبتة ومليلة المحتلتين، حيث يمكن تغيير ملصقات العلب وتغيير تاريخ الصلاحية.
وتحتل صناعة الدواء بالمغرب المركز الثاني في القارة الإفريقية، حيث تؤمن تقريبا جميع الاحتياجات المحلية التي تتجاوز 411 مليون وحدة.
وتصنف الأدوية، التي تنتج في المغرب ضمن منطقة الاتحاد الأوروبي، وهذا ما دفع عبد المجيد بلعيش، مدير الجمعية المغربية للصناعة الصيدلية، في تصريح صحافي أخيرا، إلى التأكيد أنه يمكن للمغرب التصدير أكثر إلى مناطق مثل الخليج وآسيا.
ويوجد في المغرب حوالي 40 مختبراً (معامل متخصصة في صناعة أدوية محددة) و32 مصنعا للدواء و50 موزعاً و11 ألف صيدلي، وتصل قيمة القطاع إلى حوالي 1.5 مليار دولار، ويوجه ما بين 7 و 8% من إنتاجه إلى أوروبا والبلدان العربية وآسيا وأفريقيا.
ويرى البعض أن ارتفاع أسعار الأدوية محلياً يعزز بقاء ظاهرة التهريب، ما دفع الدولة إلى اتخاذ قرار بخفض أسعار 2000 نوع من الأدوية على مدى الثلاثة أعوام الأخيرة، خاصة التي تهم الأمراض المزمنة، ما أثر على عائدات القطاع، لاسيما أن إنفاق المغاربة على الدواء مازال ضعيفا، حيث لا يتعدى 41 دولاراً للفرد الواحد، وفق البيانات الرسمية.

اقرأ أيضا: المغرب يلاحق مافيا السلع الفاسدة