Skip to main content
ترويج انتخابي مبكر في العراق: استغلال المال العام والمنصب الحكومي
سلام الجاف ــ بغداد
أكثم سيف الدين
الشارع المنتفض يرفض الطبقة الموجودة (أحمد الربيعي/فرانس برس)

التزامن مع الجدل الدائر في العراق منذ أسابيع بشأن إمكانية إقرار قانون الانتخابات، المختلف عليه بين القوى السياسية، استغلت أحزاب وتكتلات سياسية الوقت لتبدأ الترويج لنفسها، من خلال حملات وزيارات بدأت بتنفيذها، وإطلاق وعود وتوزيع هدايا مستغلّة المال العام في ذلك. الظاهرة التي بدأت تبرز في بغداد ووسط العراق ومدن شمال البلاد وغربها، التي خرجت من أتون حرب طاحنة أتت على مدن كاملة فيها، يتورط فيها مسؤولون في الحكومة والبرلمان وزعماء سياسيون، بحسب ما أكده نواب في البرلمان العراقي، إذ إنهم قالوا إن الحملة الانتخابية انطلقت فعلاً بشكل غير معلن، عبر كسب ودّ العشائر والسكان في المدن والقرى بمشاريع تعبيد طرق أو نصب محوّلات كهرباء، وتسخير موظفين حكوميين لإنشاء صفحات على منصات التواصل من أجل الترويج لهذا المسؤول أو ذاك الزعيم.

تم رصد العديد من حملات الترويج الانتخابي المبكرة التي بدأتها بعض الجهات المتنفذة

ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي، تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، فإنه "تم رصد العديد من حملات الترويج الانتخابي المبكرة، التي بدأتها بعض الجهات المتنفذة، ممثلة بالقيادات السياسية وأذرعها، التي تخشى خسارة مكاسبها في الانتخابات المقبلة"، موضحاً أن "أغلب الزعماء السياسيين وأنصارهم، بدأوا حملات في محافظاتهم لترميم العلاقات معها، أو كسب وجوه وشخصيات جديدة، فضلاً عن إطلاق الوعود بتحقيق منافع معينة". وأشار إلى أن "تلك الجهات تعول على هذا الحراك، وتستغل المال العام بتنفيذه، محاولة من خلال ذلك العمل الترويج لتحالفات انتخابية جديدة تعمل على تشكيلها لخوض السباق الانتخابي"، لافتاً إلى أن القوى السياسية الإسلامية هي الأكثر تورّطاً في هذا الموضوع.

الحراك المبكر لتلك القوى، أثار انتقاد سياسيين، أكدوا ضرورة توفير بيئة مناسبة لانتخابات تحدث تغييراً في المشهد السياسي في البلاد. وقال القيادي في تحالف "الوطنية" النائب السابق حامد المطلك، لـ"العربي الجديد"، إن "الحراك الانتخابي لبعض الأطراف لم يعد ينطلي على الشعب العراقي. الشعب يريد حقائق وواقعاً سليماً. يريد أشخاصاً غير ملوثين، ويعلم أن الوجوه الكالحة التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه لن تفيد العراق على الإطلاق"، مضيفاً: "نحتاج إلى تغييرات جذرية توفر بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات، من خلال قانون الانتخابات، وعملية الأداء، وفي تحديد المال الفاسد المؤثر على النتائج، وفي تحديد قوة السلاح المنفلت التي أثرت على الانتخابات السابقة وأوصلت البلد إلى حالته هذه".


العبايجي: الشعب أدرك أساليب الكتل السياسية التي مارستها خلال الانتخابات السابقة

وأشار المطلك إلى أن "من يريد أن يخدم بلده عليه أن يستخدم الأساليب الانتخابية بأسلوب شريف ووطني، لا بأساليب ملتوية ومحاولة التحايل"، معبراً عن أسفه "لغياب القانون وغياب مصلحة البلد وسلطة الدولة، وأن تحييد هؤلاء لن يتم إلا بتعزيز سلطة القانون وتعزيز هيبة الدولة". وشدد على أهمية أن "تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة، تستطيع أن تغير الواقع. أما إذا بقيت الحال على ما هي عليه، من خلال مفوضية الانتخابات نفسها، والانتخابات نفسها، والسلاح المنفلت، والفوضى التي شاهدناها بانتخابات العام 2018 فلن نغير شيئاً"، مؤكداً "ضرورة أن تكون هناك مفوضية جديدة تعالج الفساد واستغلال المال العام والخاص في شراء ضمائر الناس لتغيير نتائج الانتخابات".

عضو التيار المدني، النائبة السابقة شروق العبايجي، عوّلت على الوعي الشعبي بإحداث تغيير في الانتخابات المقبلة. وقالت، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتخابات المقبلة في العراق مرتبطة بالوعي الشعبي، وقد يكون هذا الوعي نقطة تحول فيها، ولا سيما أن الشعب أدرك أساليب الكتل السياسية التي مارستها خلال الانتخابات السابقة، وأن الشعب اليوم لا يثق بجميع الكتل التي ساهمت في صنع المنظومة السياسية المبنية على المحاصصة والفساد". وأكدت أن "الكتل السياسية التقليدية تعرف أنها خسرت قواعدها الجماهيرية، ما يدفعها للجوء إلى أساليب مختلفة من أجل البقاء والاستمرار بتحقيق المكاسب، والاستمرار بتجاهل مطالب الشعب بالتغيير، ومحاسبة المتسببين بسرقة أموال البلد". واعتبرت أن "تلك القوى تجهل حجم الغضب الشعبي الذي ينتظرها إذا حاولت تكرار ذات الأساليب التي مارستها سابقاً من تزوير وتطبيل وغيرها، للتأثير على نتائج الانتخابات، وهي وسيلتها الوحيدة". وأضافت أن "الشعب عرف الكتل السياسية وخبر أساليبها، وأنها ستلجأ أيضاً إلى أساليب أخرى عندما تشعر بأنها خسرت مواقعها وخسرت ثقة الناس، فحملاتها الانتخابية المبكرة لن تنطلي على الشعب"، محملة مفوضية الانتخابات "مسؤولية محاسبة تلك الجهات على الأساليب المضللة التي تلجأ إليها بالترويج لنفسها". ولم تستبعد "لجوء تلك القوى، التي تحاول المحافظة على مواقعها ومكاسبها، إلى أساليب أخرى منها القوة المفرطة، لذا يجب العمل على تلبية مطالب المتظاهرين وإقرار قانون انتخابات غير مفصّل على قياس مصالح القوى السياسية، كما يجب العمل على توفير بيئة انتخابية آمنة من خلال مفوضية مستقلة بالكامل، ورقابة جماهيرية ودولية".

النائب عن تحالف "سائرون" علاء الربيعي اعتبر أن المخاوف من استخدام السلاح والمال العام للتأثير على الناخبين "مشروعة وواقعية، لا يمكن لأحد إنكارها وقد تم استخدامهما في الانتخابات السابقة". وأوضح الربيعي، في إيجاز صحافي، أن "الحكومة العراقية، ومهما فعلت لن تستطيع القضاء على تأثير السلاح والأموال في الانتخابات بنسبة مائة في المائة؜، ولكن عليها عمل كل ما تستطيع فعله من أجل تهيئة الأوضاع المناسبة لإجراء الانتخابات، لكي تُعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب العراقي". ولفت إلى أن "تلك المسؤولية هي مسؤولية تضامنية مع المواطنين، حيث عليهم المشاركة بقوة وكثافة لمنع حالات التزوير والتقليل منها واختيار من يمثلهم وإحداث التغيير الذي يرغبون به عبر صناديق الاقتراع".