المباحثات اليمنية بالأردن تفضي لاتفاق على تبادل الجثامين.. وتفاؤل بشأن قضية الأسرى
أنور الزيادات ــ عمّان
الطرفان اتفقا على جولة قادمة من التفاوض(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
بعد أربعة أيام من الاجتماعات المكثفة بين الفرقاء اليمنيين في العاصمة الأردنية عمّان، تم التوصل إلى اتفاق تام حول تبادل الجثامين، فيما يلوح في الأفق اتفاق قريب حول تبادل الأسرى، وسط دور فاعل وقوي للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وسيبدأ الجانبان، خلال الأسابيع المقبلة، عملية تبادل الجثامين، فيما ستتضح الصورة بشكل جلي حول تبادل الأسرى يوم الثلاثاء المقبل، وذلك بعد عودة أعضاء اللجان إلى قياداتهم للتشاور، وحصر الأسماء والقوائم بشكل واضح ودقيق.

وقال رئيس وفد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، عبد القادر المرتضى، لا نستطيع القول إن هذه الجولة انتهت، إنما تم تمديدها إلى يوم الثلاثاء؛ ليعود كل طرف إلى قيادته للتشاور في الحل الذي بدأ يلوح في الأفق، والذي اقترحته الأمم المتحدة.

وأضاف أنه "خلال هذه الجولة درست الكثير من الأفكار والرؤى، وكان الكثير من النقاش العميق جداً"، مردفًا: "نستطيع القول إن هذه الجولة هي أكثر جولة دخلنا فيها إلى عمق المشكلة، واتضحت الأشياء بشكل كبير جداً للأمم المتحدة وللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعرفوا أين مكمن الخلل، وأين تكمن المشكلة، وهناك حلول كثيرة طرحت على الطاولة".

وبخصوص موضوع تبادل الأسرى قال: "نستطيع أن نقول هنالك حل يلوح في الأفق بشكل مرحلي؛ هذا ما نتوقعه أن يكون يوم الثلاثاء، على أساس أن تكون هنالك مراحل أخرى تتم فيها مناقشة القوائم مرة أخرى والخروج بنتائج".

وتابع: "لم نستطع الخروج بتبادل شامل وكامل للأسرى كما نصت الاتفاقية، نتيجة وجود تعقيدات كثيرة في الميدان، ونتيجة وجود أطراف وفرق متعددة ليست منخرطة في الاتفاق بشكل مباشر، ولهذا كان لا بد من العودة إلى الاتفاق أو اللجوء إلى الاتفاق المرحلي حتى نستطيع الخروج بنتائج أولية".

وقال: "قدمت لنا قائمة من 3600 اسم، نحن بينا مصير أكثر من 2500 اسم، فيما الطرف الآخر قدمنا له قائمة تضم 7500 اسم، لم يفصح حتى الآن إلا عن 700 اسم منها".

 

وأضاف: "نحن متفقون على أن يعود كل طرف إلى قيادته للتشاور في المقترح الذي وضعته الأمم المتحدة؛ وهو الاتفاق الجزئي أو المرحلي، والانتقال بعد ذلك إلى مرحلة جديدة".

وأفاد بأنه "تم الإفصاح عن مجموعة من الأسماء من كل طرف، ونظرًا لعدم إفصاح الطرف الآخر عن جميع الأسرى، اضطررنا للعودة إلى الاتفاق الجزئي، على أن يكون هذا الاتفاق من عدة مراحل، وسيجرى التفاوض على جميع الأسرى، سواء أكانوا يمنيين أو أجانب".

وشدد على أن "الأمم المتحدة هي المسؤولة عن تنفيذ الاتفاق، وستضغط على أي طرف ترى أنه قد يكون عائقًا أمام ذلك".

من جانبه، قال رئيس الوفد الحكومي لاجتماعات الأسرى في عمّان، هادي الهيج، في تصريحات للصحافيين، إن "المباحثات لأول مرة تكون صريحة وواضحة وشفافة، ووصلنا إلى قوائم محددة".

وأوضح أن الأمم المتحدة طلبت "أن نمدد الوقت لاستكمال هذه البيانات، والتزمنا جميعًا بأن نمدد الوقت لفترة قادمة قد تكون أيامًا بسيطة"، مضيفًا: "نحن نريد الوصول إلى أكبر قدر من الأسرى للإفراج عنهم".

وقال: "إذا استكملنا القوائم خلال يومين أو ثلاثة سنقدمها للأمم المتحدة"، مضيفًا أن الأخيرة "كانت متفائلة جدًا وأيضًا الصليب الأحمر كان معنا على مدار الساعة، وهؤلاء سهلوا لنا الكثير من النقاشات، سواء الجانبية أو النقاشات المشتركة، وكانت النقاشات بناءة ومسؤولة ووصلت بنا إلى نتائج جيدة".

وتابع  أن "استكمال البيانات له شقان؛ استكمالها لما هو موجود، ولما هو قادم، حتى نستطيع أن نصوغ خارطة طريق للقادم. الحرب ما زالت دائرة وهناك أسرى جدد باستمرار، ونحن سنقدم خطة متكاملة مع الأمم المتحدة في هذا الجانب".

وقال إن "هذه الجولة ليست الجولة النهائية، وليست الجولة الوحيدة؛ نحن قادمون على جولات أيضًا متكررة في جوانب كثيرة كما قلنا؛ لأن الحرب مفتوحة، وهذه تجربة فريدة في اليمن أن نتبادل الأسرى والحرب قائمة".

وأشار إلى أن "هذا ليس اتفاقًا جزئيًا؛ الكل مقابل الكل. نكمل المرحلة الأولى، ثم ننتقل للمرحلة الثانية، ثم ننتقل إلى قوائم ثالثة ما دامت الحرب قائمة".

بدوره، قال رئيس لجنة تبادل الجثامين من الطرف الحكومي، حمودة المجيدي، في تصريحات للصحافيين، إنه "خلال الأيام الثلاثة الماضية، عقدت خمسة لقاءات مع الصليب الأحمر والحوثيين، وتم الاتفاق على البدء خلال الأسابيع الثلاثة القادمة بتبادل الجثامين الموجودة في الثلاجات، وبالتزامن مع تسليم الجثث الموجودة في الثلاجات يبدأ تسليم الكشوفات بالجثامين الموجودة في المقابر، وبعد ذلك الجثامين من على مناطق خطوط التماس وأرض المعركة".

وأوضح أنه "لم يقدم أي طرف عددًا محددًا؛ إنما عملنا تحت سقف 2000 جثة من الطرفين، وسيكون العمل مع الصليب الأحمر على إخراج الجثث من المقابر خلال الثلاثة أشهر القادمة للبحث عن الجثث وتسليمها لذويها".

ومضى قائلًا: "بالنسبة للمرحلة الأخيرة، وهي المقابر على خطوط التماس، والتي توصف بالأكثر خطورة، فبلا شك ستطول، خاصة أننا نعلم بأن مسرح العمليات قد زرعت فيه الألغام من الطرف الآخر، ومن الصعب الوصول إليهم إلا من خلال تجهيزات ومعدات ومختصين في نزع الألغام وربما يأخذ هذا الأمر وقتًا طويلًا".

بدوره، أوضح عضو لجنة الجثث من الحوثيين، أحمد أبو حمرة، في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء اجتماع اللجنة، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع الطرف الآخر فيما يخص تبادل الجثامين، وكان هناك رقم محدد من الطرفين هو 2000 جثمان؛ 1000 من كل طرف.

وأوضح أنه "سيتم تنفيذ الاتفاق على 3 مراحل؛ المرحلة الأولى سوف يتم خلالها تبادل الجثث الموجودة في الثلاجة لدى كل طرف، وتبدأ خلال 3 أسابيع من انتهاء المشاورات، لتأتي بعدها المرحلة الثانية التي هي تبادل الجثث في المقابر البعيدة عن أرض المعركة والبعيدة عن خط التماس وإطلاق النار، وسوف تستمر لمدة شهرين من بعد انتهاء عملية تبادل الجثامين الموجودة في الثلاجات".

وأضاف أن "المرحلة الثالثة هي عملية تبادل وانتشال الجثث الموجودة في أرض المعركة، وعلى خط التماس، وسوف تستغرق فترة طويلة حتى إيقاف إطلاق النار وانتشال الجثامين من أرض المعركة".

وقال: "هنالك نوعان من الجثث؛ جثث معروفة وجثث غير معروفة، وقد ناقشنا مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الجثث المعروف أصحابها سوف تكون هناك عملية مرحلية لفحصها عن طريق DNA".

وتنظر المظلة الدولية، الممثلة بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، وممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، إلى الاجتماع كخطوة مهمة لها أبعادها السياسية والإنسانية، في إطار العمل لإنهاء الأزمة اليمنية.

وقال غريفيث في كلمة ألقاها قبيل بدء هذه الجولة من المحادثات إن "نجاح الاتفاق ليس مهمًا فقط لمن سيطلق سراحهم أو لعائلاتهم، وإنما هو مهم في النقاشات القادمة، وسيسهم أيضًا في إنهاء كل المشاكل السياسية في اليمن".

وبدأت اللجنة الإشرافية المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق الأسرى، والذي تم التوصّل إليه خلال مشاورات السويد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اجتماعاتها في عمّان، يوم الثلاثاء الماضي، بحضور ممثلين عن الحكومة اليمنية وعن الحوثيين، برئاسة مشتركة من مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وينصّ اتفاق السويد لتبادل الأسرى والمعتقلين، والذي وقّع عليه وفد الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين، في 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على "إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسرياً، والموضوعين تحت الإقامة الجبرية على ذمة الأحداث لدى جميع الأطراف، من دون أي استثناءات أو شروط، وذلك بهدف حل القضية بشكل كامل ونهائي". كما ينصّ على أن يسلّم كل طرف، بما في ذلك التحالف السعودي الإماراتي، جميع الأسرى "سواء أكانوا يمنيين أم من دول التحالف".