Skip to main content
العلاقات مع الولايات المتحدة تقود الأردن "مجبراً" لمؤتمر "وارسو"
أنور الزيادات ــ عمّان
لا يملك الأردن خيارات لرفض الدعوة الأميركية إلى المؤتمر(Getty)
يشارك الأردن في مؤتمر "تعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، والذي تستضيفه العاصمة البولندية وارسو استجابة للدعوة الأميركية، التي لا تستطيع عمّان رفضها، وسط أزمة اقتصادية تتحكم بخيارات صناع القرار، وتحالف استراتيجي تملك الولايات المتحدة معظم أوراقه، رغم أن الأردن لا يتوافق مع رؤية واشنطن في العلاقات مع إيران، و"صفقة القرن".

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية سفيان سلمان القضاة في تصريح صحافي اليوم، إن وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي "سيمثل الأردن في المؤتمر الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط، والذي تستضيفه العاصمة البولندية وارسو اليوم، بدعوة مشتركة من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير خارجية بولندا ياتسيك تشابوتوفيتش وبحضور ممثلي سبعين دولة"، وفق بيان صادر عن الخارجية الأردنية.

بدوره، قال وزير الخارجية في تغريدة له اليوم على موقع "تويتر"، إن "الأردن يشارك ممثلي 70 دولة في مؤتمر وارسو لتعزيز مستقبل السلام والأمن في المنطقة لتأكيد موقف الأردن الثابت أن لا سلام شاملا من دون تلبية حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة وعاصمتها القدس على خطوط 4 / 6 / 67 وفق حل الدولتين، "مضيفا أنه "لا خطر أكبر من استمرار الاحتلال وغياب آفاق زواله".

وقال الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، لـ"العربي الجديد"، إن مؤتمر "وارسو يبحث في التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، كالملف السوري والملف اليمني، وصفقة القرن، إضافة إلى التهديد الإيراني للمنطقة، والذي يتمثل بالتدخلات في المنطقة، وتطوير الأسلحة والصواريخ الباليستية، ووجود مليشيات مرتبطة بإيران في المنطقة".

وأوضح شنيكات أن الأردن "لا يستطيع رفض المشاركة، فهو مربوط بالمنظومة الأمنية الأميركية، كما أنه يتلقى أكبر حجم من المساعدات الاقتصادية من الولايات المتحدة".

وأضاف أيضا أن العلاقات التي تربط الأردن بدول الخليج تجعل من مشاركته بالمؤتمر، أمرا "لا يمكن تجاوزه، فالأردن يعتمد على دول الخليج في الاستقرار الاقتصادي، سواء المساعدات المالية المباشرة، أو وجود أعداد كبيرة من الأيدي العاملة في هذه الدول".

وأوضح المصدر نفسه، حاجة الأردن إلى الاستقرار الأمني في منطقة الخليج العربي، مذكرا بالأزمات الاقتصادية التي مرت بها الأردن عندما غاب الاستقرار في العراق وسورية.

وحول العلاقة مع إيران يشير شنيكات إلى أنها "علاقة دقيقة، فالأردن في الفترة الأخيرة وقع على اتفاقيات اقتصادية واسعة مع العراق، والعراق مرتبط بشكل أساسي مع إيران، فصناع القرار في بغداد مرتبطون بإيران بشكل وثيق، وهذا يعني أن الأردن يتجنب الدخول بأي عداء مع طهران".

وبشأن صفقة "القرن"، يرى الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية أن الأردن "لديه محددات واضحة تجاه هذه الصفة التي لم تتضح بعد، فالقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، ورعاية المقدسات من الثوابت التي لا يمكن المساس بها، كما أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد الذي يؤيده الأردن لحل النزاع، فحل الدولتين يحفظ للفلسطينيين حق تقرير المصير، والأردن لديه عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، والعودة أو التعويض هو الأمر المطروح، كما أن الأردن يراهن على تحسين صفقة القرن بما يناسب المصالح الأردنية ويسمح بإقامة الدولة الفلسطينية".

وأضاف أن "الأردن ليس في موقع يمكنه من تحدي الموقف الأميركي، ولكن الأردن يعمل من خلال الإطار الدبلوماسي لتحقيق مصالحة، خاصة وأن أي حل لا يوافق عليه الطرف الفلسطيني سيكون مصيره الفشل".

ويأتي مؤتمر "وارسو" بعد حوالي أسبوعين من خلوة البحر الميت التي عقدت بمشاركة وزراء خارجية مصر والكويت والبحرين والسعودية والإمارات إضافة إلى الأردن، "لتبادل وجهات النظر حول أزمات المنطقة وسبل التعامل معها في محاولة للتعامل المشترك".

وكانت "الخلوة" تحضيرا لمؤتمر "وارسو"، للاتفاق على توجهات نحو بعض القضايا الإقليمية، أبرزها العلاقات مع طهران، وعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية.

ولا يملك الأردن خيارات لرفض الدعوة الأميركية، وهو المقيد بالمساعدات الاقتصادية من الولايات المتحدة، فالأردن والولايات المتحدة وقعتا مذكرة التفاهم ومدتها خمس سنوات تعهدت بموجبها الولايات المتحدة بتقديم 1.275 مليار دولار سنوياً من المساعدات الخارجية الثنائية من 2018 إلى 2022 – أي ما مجموعه 6.375 مليارات دولار.

وزاد الكونغرس الأميركي في 2018 من المساعدات المتعهد بها إلى 1.525 مليار دولار. يشمل هذا التمويل 1.08 مليار دولار في المساعدات الاقتصادية إضافة إلى دعم بقيمة 425 مليون دولار للجيش الأردني.

ورفضت الحكومة الفلسطينية التي وصفت مؤتمر وارسو بأنه "مؤامرة أميركية"، عقد أي محادثات مع الولايات المتحدة ما لم تتبع الأخيرة سياسة متوازنة، على حد تعبير الجانب الفلسطيني. ولا شك في أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستواجه صعوبات في إقناع السلطة الفلسطينية بأي اتفاق، إذ إن الأخيرة لا تزال ممتعضة من قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.