Skip to main content
التونسيون يحافظون على عاداتهم في العيد رغم الضغوط وكورونا
آدم يوسف ــ تونس
لم تمنع الأحوال الاقتصادية الصعبة التونسيين من الاحتفال بالعيد(ياسين جعيدي/الأناضول)


لم تمنع تداعيات أزمة كورونا ولا التدهور الاجتماعي والاحتقان السياسي التونسيين من الفرح بالعيد. فرغم الغلاء الكبير في الأسعار وتردي المعيشة، احتفل التونسيون بالأضحى بإحياء العادات الشعبية وإعداد الأطباق الشهية.
وعمدت العديد من العائلات التونسية إلى اقتناء كميات من لحم الضأن بسبب غلاء أسعار الأضاحي، الذي تزامن مع أزمة كورونا ومع استئناف البنوك اقتطاع الفوائد مع أصل الأقساط المؤجلة.

مأكولات العيد
بإمكانيات بسيطة ومختلفة عن السنوات السابقة، أمّن التونسيون مستلزمات فرحة العيد لأبنائهم بقليل من الشواء وبعض الأطباق التقليدية الشهية.
وقال محمد وهو أستاذ مدرسة (50 عاماً) لـ"العربي الجديد": " لم أحرم أبنائي فرحة العيد، رغم اقتطاع البنك الديون وفوائدها المؤجلة من أشهر كورونا الثلاثة، وجدت نفسي أمام ضائقة مالية، واضطررت لشراء كمية من اللّحم ومستلزمات العيد".
وأضاف: "كالعادة، بعد أداء صلاة العيد، أعددنا مستلزمات الشواء التقليدية، (الكانون)، آنية فخارية معدة لإشعال الفحم. وبعد تناول المشاوي التي يتم غمرها بالبهارات، تعدّ زوجتي لنا (القلايا)، فتطبخ قطع اللّحم في المرق والبهارات".
وأضاف المتحدّث"نعد للعشاء (كسكسي بالعصبان)، وهي أكلة شعبية تعتمد على خليط من اللحم والخضار والأرز، يتمّ حشوه في (الدوارة) (أمعاء ومعدة الخروف) بعد تنظيفها جيداً وخياطتها".
ولفت محمد إلى أنّ "الظروف الاستثنائية لم تمنعنا من معايدة بعضنا وصلة الرحم، حيث هاتف الأقارب وتواصل مع الأصحاب والمقيمين في محافظات بعيدة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

صلاة العيد
وتبدو شوارع تونس، اليوم الجمعة، شبه مقفرة فلا سيارات ولا دراجات ولا مشاة.. فبعد صلاة العيد، عاد الجميع إلى بيوتهم مسرعين. وأقيمت الصلاة هذا العام، في ظرف استثنائي، من خلال فرض التباعد، وإحضار كلّ مصلٍ سجادته الخاصة إلى المسجد، ولزوم الوضوء في البيوت، و اختارت العديد من المساجد أداء الصلاة في الهواء الطلق.

عادات وتقاليد
ولعيد الأضحى في تونس مذاق خاص، حيث تفوح رائحة العيد من معظم البيوت التونسية ومن الحارات والقرى.

 

قضايا وناس
التحديثات الحية

 

وفي الماضي، قبل انتشار وباء كورونا وتفاقم الأزمة الاجتماعية، كان التونسيون يشترون الخروف قبل أسبوع من يوم العيد، فيُسمع ثغاء الخراف في جميع الأرجاء، ويعمد الناس إلى ربط الخراف أمام البيوت، في الأحياء الشعبية خاصةً. ويخرج الأطفال كلّ صباح بالخراف، يتباهون بقرونه وزينته وسط أجواء الفرحة والبهجة، لكن تلك العادة اختفت في العيد الحالي.
وترافق عملية الذبح في تونس عادات تختلف من منطقة إلى أخرى، لكنها تتقاطع في رفع أصوات الأدعية وتفويح المكان بالبخور، وتعد العائلات جيداً لعملية الذبح، حيث يفترض اجتماع كل العائلة حول الأضحية، التي يثبّتها الأبناء ليقوم الأب بالذبح والسلخ والتقطيع لإعداد الفطور.
وتزدهر في تونس عدّة مهن مرتبطة بالعيد، على غرار سنّ السكاكين وبيع أدوات الذبح والشواء، ويقبل الناس على شراء المستلزمات، وفي مقدّمتها سكين الذبح، وسكّين السلخ، وخطاف، وحبل التعليق، والمنفاخ، إلى جانب آنية الشواء والملاقط ومشبك الشواء "الشواية".
كما تشهد أسواق الخضار والمخابز إقبالاً غير مسبوق، حيث تغلق جميع المحلات والمغازات يوم العيد، بينما يختار الكثير من المهنيين والتجّار وأصحاب المحلات الاحتفال بالعيد من ثلاثة أيام إلى أسبوع بأكمله، خاصة البقّالون وأصحاب المهن الصغيرة.
وقال سامي، (40 عام)، وهو موظف بشركة، لـ"العربي الجديد"، إنّه سيتوجّه صباح الغد لقضاء اليوم بكامله على شاطئ البحر. وأشار إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة وتزامن العيد مع عطلته السنوية شجّعاه على الاحتفال بالعيد في مصيفه.
ولفت سامي إلى أنّ هذا العيد مختلف بعد أشهر من الحجر والإغلاق، إذ اشتاق أبناؤه وعائلته إلى الترفيه والتحرّر، مشيراً إلى أنّ خصوصية العيد لن تمنعه من الاستمتاع بالبحر.
وفي غمرة احتفال التونسيين بالعيد، ذكّرت وزارة الصحة العموم بأنّ "إلقاء فضلات الأضاحي بصفة عشوائية يتسبّب في انبعاث الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات والحيوانات السائبة، وهي تعتبر من الإزعاجات التي يمكن أن تنعكس سلباً على الصحة العامّة".
وشدّدت على أنّه "حفاظاً على الصحّة العامة وسلامة البيئة، تدعو وزارة الصحة العموم إلى المساهمة في إحكام عمليات التصرّف في الفضلات، من خلال وضعها في أكياس محكمة الإغلاق في الأماكن المخصّصة لها واحترام أوقات رفعها من طرف المصالح المعنية، مع التأكيد على ضرورة عدم إلقاء أجزاء الأضاحي المريضة، وخاصة تلك التي تسمى عادة بالكيس المائي، على غرار الكبد والرئتين، والتي يتعيّن غليها في الماء الساخن لأكثر من نصف ساعة، قبل التخلّص منها، مع الحرص على وضعها في أكياس محكمة الإغلاق وعدم تركها عرضة للكلاب السائبة".
وأكّدت وزارة الصحة على ضرورة "استعمال معدات وأدوات نظيفة ومعقمة لتقطيع اللحوم وغسل الأيدي بشكل جيد، كلّما تمّ لمس الذبيحة واللحوم، خاصة قبل وبعد الأكل، وتخزين اللحوم بالطرق الصحية مع الإسراع بوضعها في آلات تبريد ملائمة وعدم تركها عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة".

 

 

الهجرة غير الشرعية
وفي السياق، ارتفع منسوب محاولات الهجرة غير الشرعية في تونس ليلة العيد الأضحى، استغلالاً لحالة الطقس المناسبة، ولانشغال الجميع باحتفالات العيد.
وأحبطت قوات حرس الحدود البحري التونسية عمليتي هجرة غير شرعية نحو السواحل الأوروبية، أوقفت على أثرها 27 مهاجراً غير شرعي.
وأوضحت السلطات التونسية أنّ قواتها أحبطت عملية هجرة غير شرعية قبالة سواحل مدينة صفاقس، جنوبي تونس.
وتابعت أنّ الوزارة أوقفت 14 مهاجراً غير شرعي، كما أوقفت قوات أخرى مركب صيد قبالة جزيرة قرقنة، كان على متنه 13 مهاجراً غير شرعي.
وقال وزير الداخلية ورئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية على هامش زيارته إلى محافظة سليانة، اليوم الجمعة، إنّ  "المسألة الاقتصادية والاجتماعية ستكون من أولويات الحكومة القادمة حتى تستجيب لتطلعات التونسيين" .
وأضاف أنّ "الوضع الأمني مستقرّ بفضل تضافر جهود أبناء المؤسسة الأمنية"، مؤكداً في المقابل أنّ هذا الاستقرار لا يعني التقليص من درجة الانتباه واليقظة.
وتابع المشيشي أنّ "القوات الأمنية في أعلى درجات الأهبة والاستعداد"، لافتاً إلى أنّ "خطر الإرهاب ما زال قائماً رغم تحقيق عديد النجاحات على مستوى القضاء على المجموعات الإرهابية ".
وأضاف إنّ "طريقة التعامل مع الخطر الإرهابي تغيّرت، بفضل الجاهزية الكبرى للوحدات الأمنية، وتمّ المرور من موقع ردة الفعل والتصدي للعمليات الإرهابية إلى مرحلة الاستباق والترصد ودراسة المخاطر". وأشار إلى النجاحات التي تمّ تحقيقها على مستوى الجانب الاستخباري وإحباط العديد من العمليات التي لا تزال في طور الإعداد، مشدداً على دور المواطن في معاضدة المؤسسة الأمنية في مجابهة الارهاب.
وبخصوص ظاهرة تدفق عدد من المهاجرين، ذكر وزير الداخلية أنّ "المئات دخلوا التراب التونسي وهذا العدد في ارتفاع، إلاّ أنّه سيتم التصدي للهجرة غير الشرعية، سواء للوافدين إلى البلاد التونسية أو المغادرين إلى البلاد الأوروبية على متن قوارب الموت"، على حد قوله.
ووصف المشيشي هذه الفترة "بفترة عمل، تستوجب تضافر كل المجهودات، على أمل أن يجد كلّ تونسي فرصته في البلاد التونسية لكي لا يضطر لأن يركب قوارب الموت".