Skip to main content
فلسطينيات "صمّ" يصنعن الكعك للأسر الفقيرة
علاء الحلو ــ غزة

لا تقتصر آلية التواصل لدى الفلسطينية، آيات مصران (33 عاماً)، التي تعاني من الإعاقة السمعية على النطق فقط. إذ قررت مع عدد من زميلاتها، المُشاركة في صنع الكعك وتقديمه مجاناً إلى الأسر الفقيرة والمتعففة مع اقتراب حلول عيد الفطر.

وتحاول الفتيات ذوات الإعاقة السمعية، من مركز همم الشبابي، التغلّب على مفهوم أنّ النطق حِكر على اللسان، إذ يسعين إلى البوح، عبر صناعة الكعك، بالعديد من الحكايات التي رافقت مراحل صناعته، حتى وصوله إلى أسر المناطق الوسطى في قطاع غزة.

(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

وبدأت الفتيات مع حلول الأسبوع الأخير من شهر رمضان، التجهيز للمُشاركة في مبادرة "نخبز لأجل غزة"، التي تسعى إلى التخفيف من أعباء الأسر الفقيرة، في رسالة مزدوجة يثبت شقّها الأول قدرتهن على العطاء، فيما يسعى الشق الثاني لجبر خواطر تلك الأسر.

وتنطلق المبادرة السنوية مع بداية شهر رمضان، بتبرعات من أعضاء مركز همم الشبابي "المحتضِن للفتيات الصُم"، وعدد من الأصدقاء، ويبدأن خلال الأسابيع الثلاثة الأولى بصناعة المعجنات بمختلف أنواعها، فيما يتمّ تخصيص الأسبوع الأخير لتجهيز كعك العيد، لتوزيعه على الأسر الفقيرة.

 

(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

وبدت السعادة واضحة على ملامح المُشاركة مُصران، وهي من منطقة النصيرات، وسط قطاع غزة، خلال عملها على تقطيع العجين وتجهيزه لحشوه بالعجوة، وتقول لـ "العربي الجديد" على لسان مُترجمة لُغة الإشارة، داليا أبو غفرة، إنها تشعر بتحقيقها لإنجاز كبير مع انتهاء كل مرحلة من المراحل، خاصة أنّ ذلك المُنتج المجاني سيصل إلى العائلات الفقيرة لإدخال الفرح إلى قلوبهم في العيد.

وتزيد فكرة الدمج بين أصحاب الإعاقة السمعية والسامعين خلال العمل، شعور مُصران بالسعادة، خاصة أنه يعمل على إذابة الفوارق، وإكسابهن المزيد من الثقة بالنفس لمواصلة العمل، إلى جانب تشجيعهن على دخول كلّ المجالات دون تردد.

أما الفلسطينية، سها أبو عمرة (26 عاماً)، من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، فقد انشغلت بتصفيف قطع الكعك داخل الصواني، تجهيزاً لخبزها، وتوضح أنها تشارك للمرة الأولى في مبادرة جماعية إلى جانب السامعين، "كان من الجيد عدم سماع الجُملة المُعتادة، والتي تفيد بعدم قدرتنا على المُشاركة في النشاط، بسبب عدم الموائمة، وعدم وجود مترجمين لغة الإشارة".

وشاركت الفتيات من فئة الصم بعدد من أنشطة وفعاليات المركز، في محاولة منهن لإثبات قدرتهن على العمل في كلّ التخصصات، وأنّ دورهن غير محصور في فئات محددة، وإنما يستطعن المشاركة في مختلف الفئات، والمساهمة في المبادرات والأنشطة المجتمعية كغيرهم.

من ناحيتها، توضح إحدى منسّقات مبادرة "نخبز لأهل غزة"، رنا قفة، أنه يتم تنظيم المشروع الذي يهدف إلى صنع حالة من التكافل مع الأسر الفقيرة في المنطقة الوسطى لقطاع غزة، للسنة الخامسة على التوالي، وقد تمّ إشراك عدد من الفتيات ذوات الإعاقة السمعية.

(عبد الحكيم ابو رياش/العربي الجديد)

وفي أولى مراحل العمل يتمّ حساب الكميات والتكاليف بما فيها المواد الأساسية والغاز والمواصلات والتغليف وفق حديث المنسقة قفة، لـ "العربي الجديد"، وبعد توفير المستلزمات يتمّ "بس السميد" أو نقعه في الزيت والسمن، لمدة يوم، وفي اليوم التالي تضاف المُنكِهات والمواد الرافعة والطحين والماء، فيما تمُر عملية صناعة الكعك في عدة خطوات، يتم من خلالها تقسيم الفريق، حيث يعمل البعض على العجن، وتقطيع العجين، فيما ينشغل البعض الآخر بحشو العجوة وصناعة حلقات الكعك على هيئة أساور، ومن ثم خبزه، وتبريده تجهيزاً لوزنه وتعبئته، وتوزيعه ليلة العيد على الأسر الفقيرة.

وتحمل المبادرة العديد من الأفكار، في مقدمتها دمج الفتيات ذوات الإعاقة السمعية بمختلف شرائح المجتمع، إلى جانب إحياء التراث الفلسطيني المتمثل في صناعة الكعك، والذي يعتبر أحد أهم الطقوس في استقبال عيد الفطر، علاوة على إدخال فرحة العيد على الأسر الفقيرة، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها أهالي قطاع غزة، وتحديداً مع أزمة كورونا التي فاقمت الأوضاع سوءاً.