Skip to main content
طفرة جديدة للحصبة بين أطفال الشمال السوري ووفاة طفلين
عبد الرحمن خضر
تلقيح أطفال سوريين ضمن حملة التطعيم ضد الحصبة في إدلب (Getty)

سجّلت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري شمالي البلاد عشرات الإصابات بالحصبة مؤخرا، كما وثّقت منظمات طبية وفاة طفلين بسبب إصابتهما بهذا المرض، الذي ينتقل عن طريق الاتصال المباشر أو من خلال الهواء، وقد يؤدي إلى الوفاة في حالة عدم تلقي اللقاحات.

والحصبة مرض شديد العدوى، ومن أعراضه السعال والزكام وتهيّج العينين واحمرارهما، إضافة إلى شعور المصاب بأوجاع في الحلق وارتفاع درجة الحرارة، وظهور طفح على شكل بقع حمراء على الجلد.

ويقول الطبيب شريف حلاق الاختصاصي في أمراض الأذن والأنف والحنجرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ مرض الحصبة يظهر على شكل جوائح بين الأطفال، وقد سجّلت العديد من الإصابات في ريف حلب الشمالي حديثاً، نتيجة عدم التزام السكان بتلقيح أطفالهم، وما فرضته ظروف الحرب من نزوح وتنقلات مستمرة هرباً من القصف والعمليات العسكرية.

ويشير إلى أن نقص التغذية والاكتظاظ السكاني يسهمان بشكل كبير في انتشار هذا المرض، إذ تكون أعراضه أشد على الأطفال ضعيفي المناعة، ويصبح انتشاره أيضاً أسرع بسبب الكثافة السكانية وقرب المنازل والخيام من بعضها، كما أن الظروف النفسية للأطفال تجعلهم أكثر هشاشة، ما يؤدي إلى جعل آثار الأمراض ونتائجها أشدّ.

بدوره، يوضح رئيس اللجنة التقنية في فريق لقاح سورية الطبيب ياسر نجيب، لـ"العربي الجديد"، أنّ آخر موجة للوباء في المنطقة سجّلت بين عامي 2017 و2018، وبلغ عدد المصابين آنذاك نحو 17 ألف طفل، وبعد تلك الموجة، بدأ الفريق بحملة لقاح في الشمال السوري شملت الأطفال ما بين ستة أشهر و15 سنة، ونتيجة لذلك، تراجعت الأرقام بشكل كبير ولم نعد نرى إلا عشرات المصابين، وفي أواخر عام 2021، لاحظنا ازدياداً في أعداد المصابين، وخاصة في مدينة الباب شرقي حلب، وتجاوز العدد 100 مصاب.

ويضيف أن الفريق بدأ حملة تطعيم عاجلة لأطفال المنطقة شملت الأطفال من ذوي الفئة العمرية ما بين ستة أشهر و10 سنوات، لأن العدد الأكبر من الإصابات التي رصدت كانت لأطفال من هذه الفئة، ويشير إلى أن سبب عودة المرض هو إحجام بعض الأهالي عن تلقيح أطفالهم، وقد لوحظ أن نسبة الأطفال الذين لم يحصلوا على أية جرعة لقاح في المنطقة تصل إلى ثمانية بالمائة، وهذه نسبة عالية على حد قوله.

ويؤكد أن طفلاً واحداً توفي نتيجة إصابته بالحصبة في منطقة الباب، بينما هناك حالة أخرى في منطقة عفرين لم يتم التأكد من سبب وفاتها بشكل دقيق، إذ كانت الطفلة التي توفيت مصابة بالحصبة وبجدري الماء في الوقت نفسه، لافتاً إلى أن أعراض المرضين تكون متشابهة في غالب الأحيان، وهذا ما جعل سبب الوفاة بالحصبة غير مؤكداً، بحسب تعبيره.

ويقول مدير البرامج في وزارة الصحة بالحكومة السورية المؤقتة الطبيب رامي كلزي، لـ"العربي الجديد"، إن أعراض الإصابة تكون شديدة عندما يكون الطفل ضعيف المناعة وفي حال كان يعاني من أمراض أخرى، وللوقاية من تطور الإصابة، دعونا الأهالي لتلقيح أطفالهم، لأن حصول الطفل على الجرعات المخصصة كفيل بحمايته من الإصابة ونقل العدوى، وبالتالي احتواء المرض والقضاء عليه.
وبحسب كلزي، فإن هذا المرض قد يصيب الكبار في السن من غير الحاصلين على اللقاح، لكن هذه الحالة نادرة جداً، وحينها تكون الأعراض خفيفة على المصاب، ويتم علاجها بالمسكنات وخافضات الحرارة، لكن احتمالية انتقال العدوى إلى الآخرين تبقى موجودة.

ويرى أن المرض لم يكن يشكل خطراً من منظور الصحة العامة في السنوات السابقة، لكن العام الحالي شهد زيادة في الإصابات وكانت الأعراض متوسطة، ويعود السبب إلى ظهور طفرة في الفيروس المسبّب للحصبة، إلى جانب إهمال جرعات اللقاح من قبل الأهالي.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الحكومة المؤقتة أن وزارة الصحة التابعة لها سجّلت وفاة واحدة وأكثر من 30 إصابة بمرض الحصبة في مدينتي الباب وعفرين بريف حلب، وأشارت إلى الاشتباه بوجود متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية لطفلة حديثة الولادة.

وحذرت، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، من تفشي المرض في المناطق الواقعة شمال غربي سورية، وتحوّل المرض إلى وباء يحصد المزيد من الأرواح، وبخاصة أن معظم المصابين هم أطفال دون سن خمس سنوات، كما طالبت الأهالي بالتأكد من أن أطفالهم يتلقون لقاحاتهم في مواعيدها من دون أي تأخير.
وأوعزت إلى جميع المراكز الصحية في المناطق الشمالية عامة، ومدينة الباب خاصة، بتوزيع المنشورات الإرشادية الخاصة بالحصبة على الأهالي، ودعم المراكز بخافضات الحرارة والمضادات الحيوية وتوفير فيتامين "أ" للحالات المشتبه بها ورفع مستوى وعي العاملين الصحيين والأسر بهذا المرض وتنظيم حملة تطعيم شاملة.