Skip to main content
سقوط خيرسون.. ما الأهمية الاستراتيجية للمدينة الأوكرانية الجنوبية؟
رامي القليوبي ــ موسكو

خيرسون، مدينة أوكرانية صغيرة مطلة على البحر الأسود، جنوبي البلاد، لا يزيد عدد سكانها عن 300 ألف نسمة ولم تحظ بأي شهرة دولية واسعة حتى الآن، ولكن أنظار العالم تتجه إليها اليوم بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية سيطرتها عليها، ما قد يشكل محطة فاصلة في عملية الغزو الروسي لأوكرانيا في أسبوعه الثاني.

وترجع الأهمية الاستراتيجية لخيرسون، أول مدينة تسيطر عليها روسيا منذ بدء غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، إلى وقوعها على ساحل البحر الأسود بموقع صب نهر دنيبر فيه، ما يعني أنّ السيطرة عليها ستمكّن الجيش الروسي من منع عبور السفن الأوكرانية بين النهر والبحر، ناهيك عن أنّ غزو المدن الأوكرانية الكبرى المطلة على دنيبر سيُتيح لروسيا منع نقل المؤن الأوكرانية من ضفافه الغربية إلى الوحدات التي تقود أعمال القتال على مشارف منطقة دونباس.  

أضف إلى ذلك أنّ السيطرة على مناطق جنوب أوكرانيا، شرقي دنيبر، ستتيح لروسيا إقامة ممرات برية مباشرة من داخل الأراضي الروسية ومن دونباس إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.   

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة فيلنوس توماس يانيليوناس أنّ سيطرة الروس على خيرسون تدل على تغير تكتيكهم قليلاً وإعادة تموضع قواتهم لتتمركز في مناطق جنوب أوكرانيا التي تضم حاضنة أكبر من السكان من أصول روسية.

ونقل موقع "ديلفي" الليتواني عن يانيليوناس قوله: "هذا أحد الأهداف الرئيسية، وإذا صدقت المعلومات حول سيطرة القوات الروسية على خيرسون، فهذا تقدم هام لروسيا على طريق السيطرة على أراضي جنوب أوكرانيا. حقيقةً، يبدو أنهم يريدون ربط منطقة دونباس بالقرم براً، وقد يحاولون قطع أوكرانيا عن البحر الأسود بالسيطرة على أوديسا".

من جهته، قال الخبير العسكري الروسي أندريه بروكايف، في حديث لصحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين: "السيطرة على خيرسون هي نجاح رمزي من جانب، كونها أول مركز مقاطعة يقع تحت سيطرة القوات الروسية. من جانب آخر، قد تصبح المدينة معقلاً يعتمد عليه ومركزاً خلفياً للجيش لإجراء العملية العسكرية بالاتجاه الساحلي ونحو منطقة زاباروجيه".  

ومع ذلك، اعتبر بروكايف أن المهمة رقم واحد للقوات الروسية الآن هي "التأسيس للتعاون مع السكان المحليين وقادة الإدارات" في خيرسون ومحيطها عن طريق توفير إمدادات غير متقطعة للمواد الغذائية والأساسية والطاقة الكهربائية وتشغيل المرافق وحفظ النظام، وفق اعتقاده.  

ومن اللافت أنّ مدينة خيرسون تأسست في أعقاب الحرب الروسية التركية في أعوام 1768 - 1774 بقرار من الإمبراطورة الروسية آنذاك يكاتيرينا الثانية، في عام 1778، لتبقى جزءا من الإمبراطورية الروسية حتى ثورة البلاشفة عام 1917 والتي أسفرت عن وضعها تحت حكم الجمهورية الأوكرانية الشعبية، وهي حقائق تاريخية يستند إليها الخطاب الرسمي الروسي في تبرير غزو أوكرانيا، مصورا إياها كدولة مصطنعة.  

وأظهر تعداد سكان عموم أوكرانيا أجري في عام 2001 أنّ نسبة السكان من أصول روسية في خيرسون بلغت نحو 14%، ليتأتوا بذلك في المرتبة الثانية بعد الأوكرانيين (82%)، وفق الأرقام الواردة بموقع لجنة الإحصاء الحكومية الأوكرانية.  

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف قد أعلن، أمس الأربعاء، عن السيطرة الكاملة على خيرسون، متحدثاً عن استمرار المفاوضات بين القيادة الروسية وإدارة المدينة والمقاطعة لحلّ المسائل المتعلقة باستمرار تشغيل البنية التحتية وحفظ النظام وأمان السكان، على حد قوله.