Skip to main content
الجيش الجزائري يتهم دبلوماسيين وأطرافاً أجنبية بالتحضير لزعزعة البلاد
عثمان لحياني ــ الجزائر
من الواضح أن الاتهامات تشير بوضوح إلى تحركات السفير الفرنسي الجديد (Getty)

اتهمت القيادة العليا للجيش الجزائري دبلوماسيين أجانب يعملون في الجزائر وأطرافاً خارجية بالقيام بتحركات وصفتها بـ"المشبوهة، تستهدف زعزعة استقرار الجزائر"، وحذرت من أن هذه الجهات تسعى لتوظيف "بيادق محلية"، لكن هذا الخطاب لا يلقى إجماعاً في الجزائر، إذ تعتبر مكونات سياسية ومدنية أنه خطاب مبالغ فيه.

وذكرت مجلة "الجيش"، اللسان المركزي للجيش، في افتتاحيتها، أن "أطرافاً دبلوماسية تقوم بتحركات مشبوهة وتصرفات منافية تماماً للأعراف الدبلوماسية، وتقوم أطراف أجنبية بتحركات أقل ما يقال عنها إنها مشبوهة ويائسة تستهدف المساس بالبلاد وزعزعة استقرارها، في محاولة مفضوحة للتدخل السافر في شؤوننا الداخلية وهو ما ترفضه بلادنا جملة وتفصيلاً".

ولم تكشف الافتتاحية عن هوية هذه الأطراف الأجنبية، لكن من الواضح أنها تستند إلى معلومات استخباراتية تشير بوضوح إلى تحركات السفير الفرنسي الجديد في الجزائر فرانسوا غويات، والذي يتحرك في اتجاهات مختلفة ويلتقي قيادات الأحزاب السياسية والقوى المدنية، كما نشرت قبل أيام معلومات مسربة عن لقاءات جمعته بناشطين في الحراك الشعبي.

ولافت أن تحركات السفير الفرنسي تُثير في الأونة الأخيرة كثيراً من الجدل والتعليقات ومطالبات كثيرة بضرورة تدخل السلطات الرسمية للحد من تحركاته وفرض سقف أعلى من واجبات احترامه للأعراف الدبلوماسية.

وقبل أسبوعين، كان المتحدث باسم الحكومة وزير الاتصال الجزائري عمار بلحيمر قد وجّه تحذيرات غير مباشرة إلى السفير الفرنسي رداً على سؤال حول تحركاته المثيرة للجدل.

 وقال بلحيمر إن "هناك أعرافاً دولية وممارسات دبلوماسية متفقاً عليها يجب على كل تمثيلية أجنبية في أي بلد كان الالتزام بها واحترامها، وإلا عد ذلك من قبل التصرفات غير اللائقة وأصحابها من الأشخاص غير المرغوب فيهم"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن لأي دبلوماسي، بمن فيهم السفير الفرنسي الحالي، تجاهل هذه القواعد الأساسية في الممارسة الدبلوماسية وإلا خضع من الدولة المستضيفة للإجراءات السيادية ذات الصلة".

هناك أعراف دولية وممارسات دبلوماسية متفق عليها يجب على كل تمثيلية أجنبية في أي بلد كان الالتزام بها واحترامها

 

وأدرجت افتتاحية مجلة الجيش هذه التحركات ضمن محاولات فرض وصاية سياسية وخيارات على الجزائر، وأوضحت أن "الجزائر الجديدة (اسم المشروع السياسي للرئيس عبد المجيد تبون) والتي تزعج هذه الجهات المقصودة، ترفض أي وصاية من أي جهة كانت أو إملاءات أو تدخل أجنبي مهما كانت طبيعته أو شكله، ذلك لأن الجزائر التي دفعت ثمناً باهظاً لاسترجاع سيادتها لا تقبل أبداً المساس بهذا المبدأ الراسخ لدى الشعب الجزائري".

 

واستدعت مجلة الجيش نفس الخطابات السابقة التي تزعم أن البلاد "مستهدفة من قبل أطراف أجنبية لم يرق لها ذلك النهج الوطني والسيادي الذي تنتهجه الجزائر في ظل تهديدات تستهدف الدولة الوطنية"، وقالت إن "أطرافاً معادية حركت بيادقها وأوعزت لأصوات ذوي النوايا السيئة، بفعل ارتباطها بأجندات خارجية أضحت معروفة لدى العام والخاص، قصد الالتفاف على المطالب المشروعة للشعب وخلط الأوراق بما يخدم مصالحها ومآربها الخبيثة ضمن مخطط يهدف بالدرجة الأولى إلى ضرب المصداقية التي يحظى بها الجيش".

ودعت المجلة القوى السياسية والمدنية إلى وضع مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار، عشية الذكرى الثانية لمسيرات الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير 2019، وحثت الأحزاب السياسية والمجتمع المدني على لعب دورها في هذه الظروف وتحمل مسؤولياتها والمساعدة لسد الفارغ الكامن في مجال تأطير المجتمع بغية خلق ثقافة نضال حقيقي يعود بالنفع على البلاد والعباد ويدفع مختلف فئاته للمشاركة في الحياة السياسية، وثم المساهمة بفاعلية في بناء الجزائر الجديدة".

وتنطوي هذه الدعوة على طلب صريح من الجيش للأحزاب الجزائرية للمشاركة في الانتخابات النيابية والمحلية المسبقة التي يعتزم الرئيس تبون الدعوة إليها في غضون الأشهر المقبلة، بعد الانتهاء من الصياغة النهائية للقانون الانتخابي الجديد، لكن قوى سياسية ومدنية لا تأخذ بخطاب الجيش والسلطة في الجزائر المستمر عن وجود تهديدات خارجية ضد البلاد، وتعتبر أن التهديد الحقيقي يأتي من تعنت السلطة ورفضها فتح حوار سياسي حقيقي لحل الأزمة وتجاوز الراهن السياسي الحالي، وهو نفس الموقف الذي كان قد أعلن عنه أمس السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف اوشيش، والذي أكد أن "الحديث المتكرر للسلطة في كل مرة عن تهديدات خارجية ونداءات التعبئة ضد العدو، لا تنسينا خطايا النظام وإخفاقاته المتكررة".