Skip to main content
لبنان: لجنة المال النيابية تقرّ "الكابيتال كنترول" متأخرة بعد تهريب النافذين ملياراتهم
ريتا الجمّال ــ بيروت
المشروع يحتاج إلى إقرار الهيئة العامة للبرلمان (Getty)

أقرّت لجنة المال والموازنة النيابية في لبنان، يوم الاثنين، اقتراح قانون "الكابيتال كونترول"، بعد جلسة عقدتها برئاسة النائب إبراهيم كنعان، في خطوةٍ وُصِفت من قبل خبراء اقتصاديين وناشطين حقوقيين بأنها "أتت متأخرة جداً"، خصوصاً بعدما هُرّبت مليارات الدولارات إلى الخارج من قبل السياسيين والنافذين وكبار المودعين.

وأعلن كنعان، في مؤتمر صحافي، إقرار اللجنة اقتراح القانون الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية المعروف بالكابيتال كونترول، مشيراً إلى أنه سيرفع التقرير في الأيام المقبلة إلى رئاسة المجلس النيابي.

وقال إن "الكابيتال كونترول كما أقرّته لجنة المال يمنع التحاويل إلى الخارج باستثناء ما له صفة الديمومة والصفة العاجلة"، موضحاً أن "السقف الأعلى لهذه النفقات هو خمسين ألف دولار".

وأشار كنعان إلى أن "الكابيتال كونترول يجيز السحوبات في الداخل بالليرة اللبنانية مبلغاً بين 15 و20 مليون ليرة لا تشمل السحب من حساب الرواتب والأجور، والقرار متروك للهيئة العامة لمجلس النواب لتحديد السقف، كما أنه يجيز السحب بالعملة الأجنبية بما يعادل 400 الى 800 دولار شهرياً، والبت للهيئة العامة وفق المعطيات التي سيقدمها مصرف لبنان، وهو مطالب بإرسال الكلف الإجمالية للبنود المالية للحسم".

وشدد رئيس لجنة المال على أن "الكابيتال كونترول مؤقت ويجب أن يترافق مع حكومة تضع وتطبق خطة إنقاذية"، لافتاً إلى أن "الحكومات المتعاقبة استمرت بالنهج ذاته ولم تأخذ بالتوصيات الإصلاحية، فاستشرى الفساد، ما أتاح للمصارف أن تفرض قيوداً على العمليات المصرفية من سحوبات وتحاويل، خلافاً لمبادئ النظام الاقتصادي الحر المكرّس دستورياً".

وأضاف كنعان: "لو أن التدابير اتخذت بحسب الأصول، لوضعت المصارف قواعد موحدة من دون استنسابية لتؤمن العدالة والمساواة، وتحول دون نشوب المنازعات بين المصارف والمودعين التي تحولت إلى تعديات على مراكز بعض المصارف وفروعها، ودعاوى قضائية لم يبت القضاء إلا بعدد محدود منها"، مؤكداً أن "الكابيتال كونترول دستوري وحاجة وضرورة، رغم انقضاء أكثر من تسعة عشر شهراً على بدء الأزمة، لأن أي تشريع مهما تأخر يبقى أفضل من الفوضى والاستنساب السائدين حالياً".

وقال مصدرٌ في اللجنة، لـ"العربي الجديد"، إن التقرير سيرفع إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بدوره يقرّر إما رفعه إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، أو إلى اللجان المشتركة، أو مباشرةً إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

ويشرح المحامي في الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" جاد طعمة، لـ"العربي الجديد"، أنه "لرئيس مجلس النواب دور وصلاحيات واسعة في هذا المجال، لكن أصولاً، وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، يفترض بعد إقرار لجنة المال والموازنة اقتراح القانون، أن يرفع إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية. ففي حال تطابق التقريرين، عندها يحوَّل إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي بهدف إقراره ونشره في الجريدة الرسمية حتى يصبح ملزماً".

التأخير الحاصل، يؤشّر بحسب المحامي طعمة إلى "عدم جدية العمل التشريعي في لبنان، وعدم تعاطي مجلس النواب بجدية ومسؤولية مع موضوع حيوي ومهم ومؤثر لهذه الدرجة على اللبنانيين والمودعين

 

ويضيف طعمة: "إذا تعارض تقريرا لجنتي المال والعدل، فعندها يُحال إلى اللجان المشتركة التي عليها بدورها أن تدرسه وتتفق على الصيغة النهائية بشأنه ورفعه، من ثمّ إلى الهيئة العامة".

في المقابل، يرى طعمة أن "القانون يأتي متأخراً في الزمان، ذلك أن تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإجراءات المصارف كرّست كابيتال كونترول من دون قانون، بل أسوأ من ذلك، منعت التصرّف بالودائع بشكلٍ مطلقٍ".

التأخير الحاصل يؤشّر، بحسب المحامي طعمة، إلى "عدم جدية العمل التشريعي في لبنان، وعدم تعاطي مجلس النواب بجدية ومسؤولية مع موضوع حيوي ومهم ومؤثر لهذه الدرجة على اللبنانيين والمودعين. ولو تريد الناس فعلاً أن تطبق مبدأ المحاسبة عليها أن تترجم ذلك في صناديق الاقتراع بعدم انتخاب أي من النواب الحاليين، إلا في حال استمرّت العصبيّات الطائفية بالتحكم كما الولاء للزعيم".

وفقاً لذلك، يشدد طعمة على أنّ "قانون الكابيتال كونترول لا يقدّم ولا يؤخر، وسبق أن أعلنت المصارف عدم حيازتها للدولار"، سائلاً: "كيف سيُطبّق القانون بهذه الحالة وكيف سيحصل (كونترول) على دولارات ليست موجودة أصلاً؟"، معتبراً أنه "كان يجب زجّ كلّ القيّمين على المصارف اللبنانية في السجون والتعاطي معهم بحزم من جانب القضاء، بعدما غامرت البنوك بأموال الناس لتحقيق أرباح طائلة من دون وجه حق، وعليها تحمّل المسؤولية، فهي ليست شريكاً أسدياً يربح ولا يخسر".

ولفت إلى أنه "واهمٌ من يحاول الإيحاء بأنّ القطاع المصرفي بخير، لأنه منهار، بل يقبع في حالة وفاة سريرية ويحاول القيمون عليه إنعاشه بإجراءات وتدابير لن تفلح، خصوصاً مع انعدام ثقة الناس بالقطاع، وسيترجم ذلك لاحقاً، لأن المواطنين لن يعيدوا أموالهم إلى المصارف أو يفتحوا حسابات فيها".

ويواصل سعر صرف الدولار في لبنان ارتفاعه مفتتحاً يوم الاثنين بسعر 13400 ليرة لبنانية للدولار الواحد في السوق السوداء، في حين أن محاولات البنك المركزي الأخيرة لم تساهم بعد وإن "معنوياً" قبل دخولها حيّز التنفيذ في لجم الارتفاع، إن لم نقل خفض السعر.

يواصل سعر صرف الدولار في لبنان ارتفاعه مفتتحاً يوم الاثنين بسعر 13400 ليرة لبنانية للدولار الواحد في السوق السوداء

 

وألزم حاكم البنك المركزي المصارف بتسديد مبلغ 400 دولار أميركي نقداً أي "فرش"، إضافة إلى ما يوازيه بالليرة اللبنانية، للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ أكتوبر/تشرين الأول 2019، وكما أصبحت هذه الحسابات في مارس/آذار 2021، على أن يعمل بهذا القرار ابتداءً من 1 يوليو/تموز المقبل، علماً أن جمعية المصارف تؤكد في كل مناسبة أن "المصارف غير قادرة على توفير أية مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها".

كما أعلن سلامة أن البنك المركزي سيقوم بعمليات بيع للدولار الأميركي للمصارف المشاركة على منصة "صيرفة" بسعر 12 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، على أن تبيعها المصارف بسعر 12.120 ليرة للدولار.

على صعيدٍ آخر، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، خلال استقباله له قبل ظهر يوم الاثنين في قصر بعبدا، أن "أولى المهمات التي ستتولاها الحكومة الجديدة فور تشكيلها هي متابعة الإصلاحات التي بدأ العمل بها، وفي مقدمها استكمال التدقيق المالي الجنائي".

وتم التطرق، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، إلى "التقرير الذي أعده البنك الدولي أخيراً، والذي وصف فيه الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان من بين الأزمات الثلاث الأكثر حدة عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر"، مشيراً إلى أنه "لو وضعت أزمة اللجوء السوري (تصر السلطات اللبنانية على توصيفه بالنزوح) وتداعياته في التقرير لكان الوضع أسوأ".

ولفت الرئيس عون إلى أن التقرير أحيل إلى المراجع والهيئات المعنية لدراسته وإبداء الملاحظات عليه.

هذا وأكد بلحاج "الالتزام بدفع القرض المخصص لشبكة الأمان الاجتماعي، وقيمته 265 مليون دولار، مع إمكانية إضافة 300 مليون دولار لدعم الفئات المهمشة".

وأثار الرئيس عون إمكانية إعادة هيكلة القروض المعطاة من البنك الدولي للبنان، والتي لم تستعمل بعد، وذلك حسب الأولويات الطارئة، فأبدى بلحاج تجاوباً مع الرغبة الرئاسية. وفق بيان الرئاسة اللبنانية.

وفي ما يلي أبرز ما جاء في مشروع قانون الكابيتال كونترول:

1-    يمنع التحاويل إلى الخارج مهما كانت طبيعة الحساب ونوعه، ويستثنى:
-    ما له الصفة الدائمة: حسابات المؤسسسات المالية الدولية، والمنظمات الدولية والإقليمية والسفارات الأجنبية، والأموال الجديدة التي أدخلت إلى المصارف ولم تكن قد حولت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019.
-    ما له الصفة الطارئة والمشروطة: كنفقات التعليم، والضرائب والرسوم والالتزامات المالية المتوجبة لسلطات رسمية أجنبية، ونفقات الاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت، ضمن حد أعلى 50 ألف دولار أميركي.  
2-    يجيز السحوبات في الداخل على الوجه التالي:
-    بالليرة اللبنانية مبلغ 20 مليون ليرة لبنانية شهرياً (لا تشمل السحب من حساب الرواتب والأجور)، أو مبلغ 15 مليون ليرة لبنانية شهرياً، والقرار متروك للهيئة العامة لتحديد السقف.
-    بالعملة الأجنبية ما بين 400 و800 دولار، على أن يحسم السقف في الهيئة العامة بعد الحصول على الأرقام الرسمية من مصرف لبنان قبل الجلسة التشريعية.

 يمنع التحاويل إلى الخارج مهما كانت طبيعة الحساب ونوعه، ويستثني: ما له الصفة الدائمة وما له الصفة الطارئة والمشروطة

3-    يمنع تحويل الحسابات من الليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية إلا إذا كانت التغطية النقدية الكافية متوفرة لدى المصرف المعني.
4-    يحد من الاستنساب بتحديده ستة تدابير تضمن إلزامية وحسن تنفيذه: 
-    إنشاء وحدة لمركزية التحاويل. 
-    وضع آلية للبت بالطلبات. 
-    تحديد مرجعية إدارية للتظلم. 
-    تحديد العقوبات التي تفرض بحق المصرف المخالف وسندها القانوني.
-    تحديد مرجعية فرض العقوبات مع تحديد مهلة للبت. 
-    حق المراجعة القضائية.
5-    إن أي تشريع للكابيتال كونترول يجب أن:
-    يعالج موضوع المراجعات العالقة أمام القضاء والمتعلقة بالتحاويل والسحوبات المالية. فقد نص اقتراح القانون على أن تخضع الطلبات المتعلقة بهذه المراجعات لأحكامه، ما يسرع البت بها في ضوء تلكؤ القضاء عن ذلك.
-    يكون مؤقتاً واستثنائياً لأنه يمس بمرتكزات محمية بموجب الدستور. ولذلك نص اقتراح القانون على أن مدة العمل به هي سنة قابلة للتخفيض بتدبير حكومي إذا زالت الظروف التي استدعت إصداره.
6-   إن التدابير التي نص اقتراح القانون عليها تبقى عاجزة عن وضع حلول دائمة ما لم تقترن باستقرار سياسي، من أولى متطلباته تأليف حكومة تتصدى للمشكلة بكفاءة وجدارة، وإجراء إصلاحات بنيوية من ضمن خطة واضحة ومتكاملة تضع الاقتصاد الوطني على سكة استعادة مقومات حيويته وانطلاقته، وتخرج البلد من أزمته.