Skip to main content
الأتراك يتهافتون على شراء الزيت خوفاً من تداعيات الحرب الأوكرانية
طارق الشال ــ العربي الجديد
القلق من فقدان سلع أساسية في الأسواق يدفع المواطنين لتعزيز مخزوناتهم(فرانس برس)

شهدت الأسواق التركية تهافت المواطنين على المتاجر بشكل كبير لشراء عبوات الزيت الكبيرة بغية تخزينها، حيث وصل الأمر خلال الأسبوع الماضي إلى اصطفاف طوابير طويلة أمام كل متجر.

وهذه الموجة تأتي خوفا من بعض الشائعات التي تحدثت عن أن الحرب الروسية الأوكرانية قد تتسبب في زيادة أسعار الزيوت وبخاصة زيت عباد الشمس مدعين أيضا أن مخزون البلاد سينفد خلال شهر ونصف، الأمر الذي أدى إلى نفاد عبوات الزيت الكبيرة في بعض المتاجر.

ومع هذه الجموع الغفيرة التي تسابقت للحصول على أكبر عدد من عبوات زيت عباد الشمس، ارتفعت أسعار الزيت الأكثر استخداما في الطهي ليصل سعر اللتر الواحد إلى ما بين 28 و31 ليرة بدلا من 17 ليرة في مطلع فبراير/شباط الماضي، أي ارتفع خلال شهر واحد بنسبة تزيد عن 64%.

وأشار وزير الزراعة والغابات التركي، وحيد كريشتشي، إلى أنه لا صحة للشائعات حول عدم كفاية مخزون زيت دوار الشمس، مشيرا إلى أن أنقرة لديها كميات كافية من الاحتياطات.

وأكد وزير المالية التركي، نور الدين نباتي، أن مخزون الزيت يكفي تركيا حتى يوليو/تموز المقبل، متعهدا بتنفيذ حملة لمحاسبة من يتلاعبون بأسعار الزيت ويخزنونه ويحتكرونه.

وبلغت واردات تركيا من الزيوت النباتية خلال العام الماضي نحو 3 مليارات و77 مليون دولار من بينها مليار و94 مليون دولار قيمة واردات زيت عباد الشمس الخام بواقع 820 ألفا و771 طنا، أي بزيادة بلغت 78% مقارنة بالعام السابق مع تأثير ارتفاع الأسعار.

وتستورد تركيا أكثر من 65% من احتياجاتها من زيت عباد الشمس من روسيا وأوكرانيا، وبلغت نسبة صادرات الزيت الروسي إلى تركيا في العام الماضي 50.6% من مجمل واردات تركيا من الزيت، مقابل 14.6% من أوكرانيا.

وأعرب كوشكون دونمز، رئيس رابطة مصنعي الأغذية في مدينة بورصة عن قلقهم من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على تركيا، مشيرا إلى أن تضخم أسعار المواد الغذائية وفق قياساته ارتفع بنحو 18 في المائة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، متوقعا حدوث زيادة أخرى في الأسعار.

وارتفعت أسعار الاستهلاك بنسبة 4.8% في فبراير/ شباط 2022 مقارنة بالشهر الذي سبقه، فيما بلغ التضخم السنوي 54.4%.

ويروي توران أفجي، صاحب أحد المتاجر الصغيرة في مدينة افجيلار بإسطنبول، أنه فوجئ في وسائل الأخبار بوجود أعداد غفيرة أمام المتاجر الكبرى لشراء كميات من عبوات الزيت الكبيرة، مشيرا إلى أنه لم يواجه أزمة في شراء الزيت من الموردين، وأن تلك الأزمة مفتعلة من قبل ما سماهم حيتان السوق لرفع أسعار الزيت.

وأشار أفنجي، خلال حديثة لـ"العربي الجديد"، إلى أنه مضطر لرفع أسعار زيت عباد الشمس لديه حتى يتمكن من شراء كميات جديدة من موردي الزيت، مؤكدا أن الموردين سيقومون برفع الأسعار لتعظيم مكاسبهم هم أيضا.

وتسعى الحكومة التركية إلى إضفاء حلول تضع البلاد بعيدا عن تداعيات الحرب القائمة على السلع الغذائية، عبر زيادة دعم المدخلات الزراعية، حيث قامت في 11 مارس/آذار الجاري، بزيادة الدعم المقدم للمزارع على 5 أنواع من البذور تم إنتاجها في 2021  بنحو 50 ليرة  لكل متر مكعب.

وتتمثل أنواع تلك البذور الخمسة في القمح والشعير والشوفان والجاودار والتريكالي، بالإضافة إلى ذلك، تم توسيع نطاق مناطق زراعة عباد الشمس الزيتي وتضمين 7 أحواض زراعية أخرى في 4 مقاطعات ضمن نطاق زيادة الدعم.

وتشمل السبعة أحواض الزراعية كلاً من: أيدين-إفيلر، وأيدين-كوشك، وأيدين-سلطان حصار، وأيدين-ينيبازار، وكارابوك-إسكيبازار، وكوتاهيا-دومانيك، وسيواس-حفيق.

وكان من المفترض قبل هذا القرار أن يتم دفع 42 ليرة عن كل متر مكعب لدعم أنواع البذور الخمسة المنتجة في 2021 السالف ذكرها والتي ستستخدم خلال العام الجاري في الزراعة، منها 22 ليرة لزيت الديزل و20 ليرة لدعم الأسمدة، ما يعني أنه مع تنفيذ القرار الأخير سيحصل المزارعون المسجلون على دعم بنحو 92 ليرة عن كل متر مكعب.

كما تضمن قرار الحكومة دعم الإرشاد والاستشارات الزراعية عبر زيادة الدعم السنوي إلى 52 ألف ليرة بدلا من 42 ألف ليرة لكل مستشار زراعي مخول من قبل وزارة الزراعة والغابات، والمستشارين الزراعيين المستقلين، ولكل مستشار زراعي يعمل في منظمات المنتجين على أن يكون بحد أقصى خمسة مستشارين زراعيين لكل منظمة.

وقال إبراهيم جوليك، أحد المزارعين، خلال حديثة لـ"العربي الجديد"، إن الدعم المقدم على البذور يعد إيجابيا في ظل ارتفاع الأسعار الكبير الذي تشهده مدخلات الزراعة وبخاصة الوقود والسماد، إلا أنه طالب بضرورة دعم الذرة والقطن والأرز والحمص والعدس والقرطم والكانولا ومحاصيل الأعلاف.

ومن أجل تفادي تداعيات الغزو الروسي على الغذاء والإنتاج، يرى الخبير الاقتصادي، إمرا إربا، أنه من الضروري الحفاظ على أنشطة الإنتاج اللازمة لتلبية الاحتياجات المحلية، والبحث عن موردين جدد كبديل لروسيا وأوكرانيا لامتصاص الصدمة، والاعتماد بشكل جزئي على المخزون من الغذاء لتقليل تكلفة الاستيراد والحفاظ على الأسعار عند مستويات مقبولة.

ولفت إربا، بحديثه لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة تنويع الإنتاج المحلي أيضا لضمان وفرة من مختلف المنتجات، ودعم مدخلات الإنتاج الزراعية والصناعية، ودعم الفئات الفقيرة وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي، بالإضافة إلى خفض التعريفات الجمركية على الواردات.