Skip to main content
اعتماد العالم على النفط لا يزال عميقاً رغم أزمة المناخ
موقع لإنتاج النفط في الولايات المتحدة (Getty)

لا يزال الاعتماد العالمي على النفط عميقاً، رغم الدعوات المتصاعدة لتقليص حضوره لوضع حد لأزمة المناخ، بينما يرى نشطاء أنه لا مستقبل للوقود الأحفوري، مشيرين إلى أن الحديث عن نهاية استخراج الهيدروكربونات لم يعد من المحرمات خلال القمم المناخية الدولية.

فقد لفتت وكالة الطاقة الدولية في مايو/أيار الماضي، إلى أن هناك حاجة إلى الوقف الفوري للاستثمارات الجديدة في مشاريع الطاقة الأحفورية، إذا أراد العالم تحقيق صاف صفري من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

ومثلت تلك الدعوة ما يشبه ثورة بالنسبة لوكالة أنشئت في أعقاب أول صدمة نفطية عام 1970 لحماية أمن الطاقة في الدول الغنية المستهلكة للنفط.

 وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يرتفع الطلب على النفط العام المقبل إلى مستوى ما قبل جائحة كورونا وهو أقل بقليل من 100 مليون برميل يومياً

وشهدت سنة 2021 حدثاً رئيسياً تمثل في ظهور تحالف من الدول في قمة المناخ "كوب26" التي عقدت في غلاسكو في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تعهد بالتخلص التدريجي من إنتاج النفط والغاز.

وقال رومان إيوالالن، الناشط في جمعية "أويل تشينج إنترناشونال" لوكالة فرانس برس: "في 2021، أظهرت العديد من التطورات بوضوح أن صناعة (البترول) ليس لها مستقبل"، مضيفا: "لم يعد من المحرمات الحديث عن نهاية استخراج الهيدروكربونات خلال القمم المناخية الدولية".

فالوقود الأحفوري، الذي ما زال يمثل 80% من الطاقة المستهلكة، يُعد اليوم صراحة المحرك وراء تغير المناخ، وهو ما لم يكن كذلك عندما تم التوصل إلى اتفاق باريس للمناخ في عام 2015.

وفي الآونة الأخيرة، حقق المدافعون عن البيئة نصراً رمزياً، عندما قررت شركة شل العملاقة للنفط التخلي عن تطوير حقل كامبو النفطي المثير للجدل قبالة اسكتلندا قائلة إن الاستثمار "لم يكن على أسس قوية بما فيه الكفاية".

الاعتماد على النفط

وقال معز العجمي، خبير الطاقة في شركة الخدمات المهنية "إي واي" إنه "نعلم منذ عدة سنوات أن نهاية النفط الخام (...) اقتربت، لكن هل العالم جاهز للعيش بدون نفط؟ ما زال العالم يعتمد بشكل كبير عليه في رأيي".

 الوقود الأحفوري ما زال يمثل 80% من الطاقة المستهلكة عالمياً

كما تعتقد وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط ما زال يسجل ارتفاعاً، وتتوقع أن يصل الطلب العام المقبل إلى مستوى ما قبل الوباء وهو أقل بقليل من 100 مليون برميل يومياً.

ومع انتعاش أسعار النفط الخام في الأشهر الماضية، ينعم منتجو النفط بالسيولة ويمكنهم متابعة مشاريع جديدة. وقال رئيس منظمة أوبك محمد باركيندو في الآونة الأخيرة "يخطئ من يقول إن صناعات النفط والغاز باتت من الماضي والحديث عن وقف الاستثمارات الجديدة في النفط والغاز هو كلام مضلل".

وقال رئيس شركة النفط الفرنسية توتال إينرجي باتريك بويان إنه "مقتنع بأن الانتقال سيحدث لأن هناك وعي حقيقي، لكن الأمر سيستغرق وقتًا". وباعتقاده، يتم التعامل مع القضية على نحو خطأ، فبدلاً من التركيز على تقليل إنتاج النفط، يجب تحويل الانتباه إلى الاستهلاك.

وقال بويان إن الطلب على الوقود الأحفوري "سينخفض لأن المستهلكين يمكنهم الوصول إلى منتجات جديدة مثل السيارات الكهربائية".

وفي النصف الأول من العام، مثلت السيارات الكهربائية 7% من مبيعات السيارات العالمية، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية. وفي حين ما زالت هذه النسبة صغيرة، إلا أنها تنمو بسرعة.

عام التحول في صناعة الطاقة

يرى رومان إيوالالن، الناشط في جمعية "أويل تشينج إنترناشونال"، أن الحجج التي تطرحها شركات النفط والدول المنتجة واهية وتركز على المدى القصير. وقال: "إنهم يحاولون تبرير مسار غير مستدام بأي ثمن.. ما زلنا بعيدين عن الاقتصاد الخالي من الكربون بالطبع، لكن استثمارات نظام الطاقة التي تُجرى اليوم هي التي ستقودنا إلى هناك".

بغض النظر عن أفق نهاية البترول، ما زال الفاعلون في القطاع يستعدون له على نحو غير منظم مع تزايد الضغط عليهم.

وظلت شركتا النفط الأميركيتان العملاقتان إكسون موبيل وشيفرون مترددتين لفترة طويلة، لكنهما أعلنتا أخيراً هذا العام عن استثمارات في تحول الطاقة.

وقال توم إيلاكوت، النائب الأول لرئيس شركة وود ماكينزي المتخصصة في أبحاث الطاقة والاستشارات "من المحتمل أن يكون عام 2022 عاماً تحولياً حقيقياً.. من الواضح أن الجلوس على هامش جهود التخلص من الكربون ليس خياراً " نظراً للضغط المتزايد على قطاع النفط.

ويعتقد الخبراء أن عام 2022 سيشهد المزيد من الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالإضافة إلى تكنولوجيا التقاط انبعاثات الكربون من محطات الطاقة والمصانع التي تعمل بالوقود الأحفوري.

كان بنك غولدمان ساكس الأميركي قد توقع في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن تصل أسعار النفط الخام إلى 100 دولار في عام 2023 حيث يفوق الطلب العرض، وأن تبلغ 85 دولاراً للبرميل في 2022.
(العربي الجديد، فرانس برس)