كثيرة مخالب الموت هذه الأيام
يرسل الذئب الخائف
الشجن
والحزن
والأسى
ويواصل عواءه
داخل هذا العواء الرهيب
ومنذ بداية الحرب
أواصل كتابة بلا معنى
لم أنجح في عرك طينها
لم أنجح أن أسمّيها
أنا الذي يحبّ أن يلعب بالأسماء والاعتباط
قلت لم لا تكون أسطرها قطار فحم
أو قطيع ثيران متوحشة في غابة أفريقية
أو كلامًا نابيًا على حيطان متورمة
لكنّني عدت لشطب هذه الأمور الغبيّة
قلت قد أسمّيها أشياء عارية من كلّ شيء
قد أسمّيها ربّما دوار رأس  
ربّما صداعًا شديدًا
أو قد أسمّيها تمرينًا
أو أدسّها في ثقب أسود
أو أهديها لنار عابثة.
منذ بداية الحرب
صارت الأصوات ألمًا
صار الصّمت ألمًا
صار كل شيء غبار ريح عاتية
مع ذلك لا يصدقني أحد
حين أقول لهم
إنني الآن على حواف الجنون
يخبرني الجميع أنّني بخير
فما زلت كما يقولون
أعتني بترتيب ثيابي
وما زال ذقني حليقًا
وما زلت كعادتي مبتسمًا بلا ضحك
والمهم أنني ما زلت أنجح في مناداتهم بأسمائهم
ولا أسبّهم مثل الهادي الظريف
لم أصدّق ما قالوه لي
لم أصدّق نفسي
لم أصدّق ما يحدث حولي
لم أصدّق ما يقال
لم أصدّق أن الذّئاب
ترسل الشّحن والجنون.
ربما عليّ أن اركّب شارب نيتشه
أن أعتزل في ريف ناء
أن يقنعني الطّبيب أن هواءه نافع
أن أجلس على أعتاب كل الأفكار التي نسجتها
لأحولها الى رداء شتوي  
أن أمشي بلا هدى
أن يأكلني سراب صحراء واسعة
أن يجعلني العطش فزّاعة بعينين حمراوين.
لا أصدق كلّ هذا
لا أريد أن أصدّق كلّ هذا
لا أريد أن يصدّقني كلّ هذا
الحرب قاسية هناك
مدافع الحرب قاسية في صدري
ربما عليّ فعلًا أن أركّب شارب نيتشه
أن أركب صوت مدفع
وأن أجنّ ربّما بأخبار الحرب العاجلة.

*شاعر من تونس.