(1)
كُلّما اتسعت مداركي وأكثر
كُلّما قرأتُ وزدْتُ وأكثر
كُلّما أبحرتُ في الخيال وأكثر
كُلّما خلقتُ حياةً وأكثر
كُلّما كتبتُ لأعيش وأحتمل وأكثر
كُلّما عجنتُ اللغة توريّةً وأكثر
كُلّها مرايايَ
وقفتُ وأقفُ أمامها وأكثر
رأيتُني وأراني أصغر وأصغر
أعودُ وأتعلمُ أكثر وأكثر علّني يومًا أكبر.

(2)
كُلّما متُ تحشْرَجَت ديدانُ الحياة بجُثتي
رممَّ قبري ببقايايَ ما كان حُلمي
مَرَّتني الريحُ صدىً،
شاهدتي
وما كان مني أنا
نُنصتُ إليه طويلًا
فإذا باسمي عليها وما كان اسمي يتعرَّفُ صوتي.

(3)
كُلّما دفنتُ أحدًا
صرختُ:
إلهي قد أخطأتني
ومرَّةٍ أخرى دفنته قلبي.

(4)
كُلّما ذرفتُ الدمع أو أسقطها الموت على عزيزٍ
بكيتُني بقاءً في قبر الحياة.

(5)
كُلّما حامَ الموتُ في غرفةٍ
أكونُ حاضرًا بكُلِّ أناقةِ روحي
فاتحًا أحضاني ووسعهما جناحي روحي
أهمسُ:
حبيبتي الموت هأنذا؟!

(6)
كُلّما رأيتُ روحًا مني تُنازعُ الموت
رفعتُ كُلّ روحي مروحة هواء
تكشُّ عنها الموت، علَّه يُنازعُني.

(7)
كُلّما لممتُ بالحُبِّ سُكنى رُوحي
بعثرَ الموتُ كُلَّ الحبِّ في قبر قلبي.

(8)
كُلّما هممتُ يقِظًا أنتفُ جناحي الحياةِ فيَّ
أخذ مني الموتُ غفوة الآهةِ حياةً في وجع.

(9)
كُلّما فاتتني لحظةُ الحياةِ في قطار الموت
فرَشتُ رُوحي في محطة الانتظار غطاءً لجُثتي
مسوَّرةً بخُفانِ قلبي
ورفعتُ تل التُرابِ عليَّ كقبرٍ

(10)
كُلّما ردَمتُ ما في الحياةِ من جدرانٍ
ذَكَرَني الموتُ بأنَّ آخر مأوايَ أضيق

(11)
كُلّما مضت الأيام
وحمَلني الصباحُ ولم أمُت بَعد
غَزَاني طنينُ الأُذن:
إلى نداء الدفن
إلى عزاءٍ يوجعني
وهَلُّم جرا:
كُلّ صباح وأنا حيّ
مُتوجِسًا أنصتُ إلى هسيس الحرق بين شرارتي:
موتٍ وحياة

(12)
كُلّما وافتني مَنيِّةُ أحدٍ ما
مضغتُ قلبي،
لأعصُر روحَه
ورشحتُ الباقي منه راسبًا في زاويةٍ من القلب

(13)
كُلّما عمَّرنا وأكثر
كُلّما حفرنا وأكثر
كُلّما دفنا أرواحًا وأكثر
كُلّما تعتَّقَ القلبُ بخميرةِ الوجعِ وأكثر

(14)
كُلّما كتبتُ وأكثر
كُلّما تعرَّفتُ على الموت أعمق وأكثر
كُلّما كتبتُ أكثر أيقنتُ أنَّ الحياةَ هذرٌ لا أكثر.