}

مقطوع من شجرة

هشام فهمي 17 نوفمبر 2016

 

هو

لا يعرف نفسه.

لا يعرف مَن قَطّعَه من شجرة.

يُرعبه أن تكون حياته مثل تلك الثمرة تسقط

تسقط مستديرة كالخطيئة

تزحف بنايات زجاجية داخل المكتب

يرفع رأسه عالياً ليراها تتغلغل أكثر في عينه

هنا بهذا البرج يعمل كملوّث مصائر وأحيانا

كمرشد عميان بدوام جزئي

لم يكن يعرف أن الأيام تتكدّس

وأنها ديونٌ ثقيلة مستحيلة الدّفع

رغم ذلك يعمل في أحشاء البرج، يتقاضى أجراً يصله كجميع الموتى عبر تحويل بنكي، وينتظر ترقية عن ساعات الحفر الإضافية في جدار الواقع، ثمّة اقتطاعات تشفِطُها حسابات النقابة بصفتها شركة للدّفاع والدّفع بعمّال مصانع ما تحت الإنسان 

هو

لا يعرف نفسه.

حتى عندما تصله رسائل الشّك بعد التحقّق من كلمات السرّ

عائداً الى غرفته بعد منتصف العمر

كي لا يجد أحداً بانتظاره

لا امرأة

لا سلالة

فقط لن ينسيه كل هذا العمر الشّاق

أن يُخرج كيس القمامة الأسود في الموعد

ثم يرقب عمّال النظافة عبر النافذة

وهم يخلّصون المدينة من كل تلك العقائد

هو لا يعرف نفسه.

ولا حتى أصدقاؤه يعرفونه

لم يروه

ولم يسمعوا عنه أبدا

ولا أحد يعرف كيف يمزّق سعاله عمق غابات الجليد

ولا كيف عثروا على المخطوطة الاتوبيوغرافية: "حطّاب العدم" في جناح المكتبة الشمالي، حيث ضُبط

المجذومون يتَلقَّفون كلماتها التي تسقط من أطرافهم

هو لا يعرف نفسه

لا يعرف كيف أصبح مقطوعاً من شجرة.

 

* شاعر وكاتب مغربي يقيم في كندا



(اللوحة للفنانة الفرنسية إيزي أوكوا)

قصائد اخرى للشاعر

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.