}

جناح فلسطين بمهرجان كان: تضامن مع غزة وتدعيم للسينما

يوسف الشايب 1 يونيو 2018
سينما جناح فلسطين بمهرجان كان: تضامن مع غزة وتدعيم للسينما
لقاء السينمائيين الفلسطينيين في مهرجان كان

في وقت يحيي فيه أبناء شعبنا الذكرى السبعين للنكبة، تحت وطأة ما يحدث من قتل وحشي في غزة، أعتقد أن بإمكاننا كصانعي أفلام فلسطينيين وعرب وأجانب ممن نعشق السينما والمهرجانات، فعل ولو شيئا يسير لدعم عدالة القضية الفلسطينية في مهرجان كان السينمائي الدولي.

وفي الذكرى السبعين للنكبة نظمنا وقفة احتجاجية بمشاركة مخرجين وفنانين من مختلف أنحاء العالم، إحياء لهذه الذكرى الأليمة ولتذكير العالم بأنها مستمرة، ولتسليط الضوء على ما يعانيه أهلنا من إبادة في قطاع غزة، وما تعانيه القدس من سلب لهويتها الوطنية والروحية، وتم ذلك بالفعل بوقفة صامتة لسبعين ثانية على وقع صفارات الإنذار، كما فعل الفلسطينيون في رام الله، والعديد من المحافظات الفلسطينية في الأراضي المحتلة.

وشارك في الفعالية، التي انتظمت في الثامن عشر من الشهر الجاري، المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، عضو لجنة تحكيم برنامج "نظرة ما" في المهرجان، والمخرج رائد أنضوني، صاحب الفيلم الشهير "اصطياد الأشباح"، والمخرجة نجوى نجار، والمخرج مهند يعقوبي، والمخرجة والمنتجة مي عودة، بالإضافة إلى وزير الثقافة الفلسطيني د. إيهاب بسيسو، في موقع الجناح الذي بادرت إليه "مؤسسة الفيلم الفلسطيني"، وبدعم من وزارة الثقافة الفلسطينية، وحمل علم فلسطين للمرة الأولى في هذه التظاهرة العالمية.

جاءت هذه التظاهرة في كان ردًا على جريمة الاحتلال بقتل ما يزيد عن ستين فلسطينيًا في قطاع غزة، وفق ما قاله المخرج مهند يعقوبي، أحد المبادرين إلى فكرة جناح فلسطين في مهرجان كان السينمائي، و"لذا كان رفع العلم احترامًا لأرواح الشهداء في فلسطين".

وقبلها بيومين، ولمناسبة سبعين عامًا على النكبة، شاركت جاسر وزملاؤها في لجنة تحكيم "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائي، في وقفة لإيصال رسالة وحقيقة القضية الفلسطينية، وما يعيشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، حيث تحدثت عن الفلسطينيين العزل الذي فقدوا أرواحهم دون ذنب في غزة، وعن الملايين الذي ينتظرون العودة إلى ديارهم التي هجروا منها قبل سبعين عامًا.

من جانبه شدد وزير الثقافة الفلسطيني، د. إيهاب بسيسو، على الأثر السلبي العميق الذي تخلفه سياسات الاحتلال على الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، وكيف أنها تساهم في اغتيال أحلام أطفال فلسطين وآمالهم بمستقبل أفضل، مؤكدًا أن على الجميع أن يدرك أن من استشهدوا ليسوا مجرد أرقام بل بشر كانت لهم حكاياتهم وحيواتهم، مطالبًا بضرورة توفير الحماية للأطفال ولعموم أبناء الشعب الفلسطيني، وتطبيق القوانين الدولية التي تدين ضمنيًا جرائم الاحتلال بفتح تحقيق دولي محايد في اغتيالهم، كما شدد على أهمية الثقافة كوسيلة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وكرافعة أساسية وحضارية لمقاومة الاحتلال.

ولم تقتصر فعاليات الجناح الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي على الفعاليات التضامنية وإيصال الرسائل السياسية فحسب، حيث تم استقبال العديد من المنتجين والمخرجين من عدة دول عربية لتقديم محاضرات وأحاديث عن تجاربهم السينمائية، كما تم تنظيم فقرات فنية تراثية وترفيهية ذات طابع كرنفالي، كما في ذلك الفيديو الذي انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، لأغنيات حاكت التراث وطورت فيه موسيقيًا، بينما شارك راقصًا عدد من الفنانين الفلسطينيين، بينهم الممثل محمد بكري، وغيره من فلسطينيين وعرب وأجانب تحلقوا لرقص ما يشبه الدبكة، بينما المغني يزجي التحايا لمن هم خلف الجدار، في إشارة إلى جدار الفصل العنصري، فيما كانت أجساد نجوم السينما الفلسطينية تتمايل على أنغام "يا ظريف الطول" في عاصمة السينما الفرنسية، التي انتشرت الزغاريد الفلسطينية في قلبها.

محمد الجبالي تحدث عن التجربة بحميمية حين نشر على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": في أقل من خمسة أيام صرنا أكثر من عائلة، اجتمعنا على حب الوطن، ولكن خارجه، وهذا أمر يوجع ويشعرك بحالة من القهر بسبب نظام الفصل العنصري الذي خلقه الاحتلال الإسرائيلي ما بيننا وفصل وجودنا الفلسطيني عن بعض، مضيفًا بالعامية "ملعون أبو الحدود يلي منعتنا انو نجتمع بفلسطين" .. و"لهذا السبب دورنا مهم وضروري كفنانين وصناع أفلام أن نوصل قصصنا ووجعنا وهذه المعاناة التي نعيشها إلى كل العالم، وأن نحقق كل أحلامنا وأهمها حلمنا في التحرير".

وأضاف الجبالي: "اجتمعنا ع هدف واحد في مهرجان كان السينمائي، وحققناه وأثبتنا لكل العالم أحقية وجودنا كفلسطينيين في ظل القهر والجرح اللي نعيشه داخل وخارج البلد، والشكر موصول لكل حدا ساهم بنجاح جناحنا الفلسطيني من صناع أفلام وفنانين وعلى رأسهم المبادرين في مؤسسة الفيلم الفلسطيني.. هدفنا  في الفترة الجاية أن نكمل هذه المسيرة، وأن نتحول مع الوقت إلى حاضنة لكل الشباب".

المخرج وديع حنني قال بدوره: أهمية هذا الجناح أنه جمع القصص الفلسطينية، قصص النجاح القادمة من كافة أنحاء العالم.. فيلمي يكمل أفلام الآخرين، والعكس، والنقاشات التي خضناها مع بعضنا البعض في غاية الأهمية، ويمكن البناء عليها، وهذا ينقلنا من الحديث مع بعضنا، والذي نفتقده أحيانًا، إلى الحديث مع العالم.. الطاقة الموجودة في هذا الجناح (الخيمة) استثنائية ومحفزة.

أما المخرج رائد أنضوني فقال: تبدو فكرة جناح فلسطين ضمن مهرجان كان السينمائي قيمة مضافة للتعريف بالسينما الفلسطينية والشعب الذي ينتج هذه المعرفة.. هذا مشروع حقيقي وجامع للسينما الفلسطينية سواء في فلسطين أو كل مكان بالعالم، حيث أن الثقافة والسينما هنا تتجاوز حدود السياسة.

وفي إثر النجاح الكبير، الذي حققته مؤسسة الفيلم الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي بدورته الحالية، أعلن وزير الثقافة الفلسطيني أن وزارة الثقافة ستعهد بمهام ومسؤولية بناء وإدارة قطاع السينما الفلسطيني خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لـ "مؤسسة الفيلم الفلسطيني". وفي سياق تدشين الجناح الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي، تم نقاش الخطوط العامة للمهام المستقبلية للمؤسسة.

وستقوم "مؤسسة الفيلم الفلسطيني" بالإشراف على ترويج الإنتاج السينمائي الفلسطيني في العالم من خلال التعاون مع مجموعة من العاملين في هذا المجال على الصعيد الوطني من طريق إقامة اتفاقيات إنتاج مشتركة، بما يسمح بالتأسيس لأرضية تحتضن بيئة سينمائية مستدامة على تواصل بنظيراتها في العالم. 

محليًا سيركز نشاط المؤسسة على إنشاء صندوق فلسطين السينمائي، على أن يتم إسناده ببنية تحتية جديدة تمكنه من تقديم التدريب اللازم للجيل المقبل من المهنيين السينمائيين، والترويج لفضاء إنتاجي مستقل قادر على تقديم روايات حول فلسطين من فلسطين والعالم.

كما ستقوم المؤسسة، بالتعاون مع شبكة مهرجانات الأفلام الفلسطينية في العالم، بتأسيس بنية تحتية حيوية لتوزيع الأفلام على مستوى عالمي وتهدف إلى الوصول إلى خطة للحفاظ على إنتاج سينمائي فلسطيني مستدام خلال السنوات المقبلة.   

"مؤسسة الفيلم الفلسطيني" هي جسم داعم للإنتاجات السينمائية عن فلسطين ومن حول العالم من خلال توفير الاستشارة والتطوير اللازمين للأفلام وتقديم نصائح حول التمويل والتشبيك مع المواهب والخبراء السينمائيين. تؤمن المؤسسة بتقاليد تاريخ السينما والممارسات السينمائية المستقلة والسينما الملتزمة بكونها أداة للتغيير الاجتماعي. وهي تقوم بعروض أفلام، واستعراض تجارب لمبدعين من فلسطين وخارجها في السينما، ونشر ملصقات فنية وأخرى وطنية، وإيصال رسائل سياسية وثقافية إلى العالم، وحضور إعلامي قد يكون جيدًا نسبيًا على المستوى الدولي، لكنه، للأسف، يبقى ضعيفًا على صعيد الإعلام المحلي الفلسطيني، وكأن القائمين على الحدث لم يكن يهمهم الإعلام الفلسطيني، لربما من باب أننا لا نريد أن نخاطب أنفسنا، أو من باب إهمال الإعلام المحلي، أو أن التقصير هو من وسائل الإعلام المحلية التي لم تكن ممثلة في المهرجان، وإن كان ذلك ممكنًا عبر المؤسسة الرسمية الفلسطينية، أو عبر المؤسسات الإعلامية نفسها، وهذا كله يبقى من باب التأويل، أو محاولته.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.