Skip to main content
هشام العسري.. الأحلام المغربية المعلّقة
عبد الرزاق بوكبة ــ الجزائر
لقطة من فيلم "هُم الكلاب"

لا جمهور الدورة الثانية من "مهرجان السينما المغاربية" في الجزائر العاصمة، ولا الفريق الصحفي الذي نزل لتصوير مظاهرات 20 فبراير في مدينة الدار البيضاء المغربية، في فيلم "هُم الكلاب"(روائي، 125 دقيقة) للمخرج هشام العسري، كانا يدركان أن المواطن الذي ظهر في بداية الفيلم يخفي حكاية تلخّص الأحلام المغربية المعلّقة.

فضول الفريق الصحفي الذي كان يتلقّط الأخبار المثيرة لصالح إحدى القنوات التلفزيونية، وخبرته بالنفوس المتعبة، يقفان وراء تحويل حكاية هذا المواطن الذي كان تائهاً في مكان يضجّ بالشعارات المطالبة بالتغيير، إلى فيلم حصد "جائزة أفضل فيلم روائي" في الدورة العاشرة من "مهرجان قرطبة للسينما الأفريقية"، و"جائزة لجنة التحكيم" في الدورة الأخيرة من "مهرجان دبي السينمائي"، كما عرض في فقرة "السينما المستقلة" في مهرجان "كان".

وتجدر الإشارة بدايةً إلى أن هذا المواطن كان سجيناً سياسياً سابقاً، اعتُقل خلال ما عرف بـ"انتفاضة الخبز" في المغرب عام 1981 التي خضعت لتعتيم إعلامي، وبقي مرمياً في السجن ثلاثين عاماً تحت رقم "404"، حتى اعتقدت زوجته بأنه مات، فتزوجت من جديد. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ولديه اللذين شيّدا له قبراً رمزياً، وغرقا في نسيانه.

ولأن خروجه من السجن تزامن مع الحراك الذي دشنته حركة 20 فبراير في سياق "الربيع العربي"، وجد نفسه معلقاً بين انتفاضتين، واحدة قمعت بالعنف، والأخرى لا يدري مصيرها، فسعى إلى التأقلم مع أوضاعه الجديدة.

وتتعدد الأصوات في الفيلم، منها موسيقى فرقة "المشاهب" المناهضة للنظام، وأصوات المتظاهرين الحاملة شعارات الاحتجاج (عْلاش جينا واحتجينا؟ (لماذا ولدنا للاحتياج؟)/ المعيشة غالية علينا)، وصوت المذياع الذي يقدّم ما يجري من أحداث في بلدان "الربيع العربي". وقد اجتهد العسري كي لا يضيع صوت بطل الفيلم (الممثل حسن بديدة) وسط هذه الأصوات، مستعيناً بتقنية الاسترجاع التي تقوم على العودة بالمشاهد إلى ماضيه الذي لم يفلح في التأسيس لحاضر مختلف.

وبفضل تجربته في كتابة الشعر والسيناريو، وتمرّنه على التقنيات الجديدة للفيديو والصورة، حطّم هشام العسري ما عرفه متابعو السينما المغربية من أنماط وأساليب في عرض الحكاية، بإخضاعها لرؤية جديدة ومختلفة تفسّر المتعة الفكرية والبصرية التي يستشعرها مُشاهد فيلمه، ونجاح المخرج في نقل السينما المغربية إلى مرحلة جديدة.

يذكر أن الدورة الثانية من مهرجان السينما المغاربية التي اختتمت مؤخراً في الجزائر العاصمة، استقطبت 38 عملاً سينمائياً، منها 11 فيلماً طويلاً، و17 فيلماً قصيراً، وعشرة أفلام وثائقية تنافست على جائزة "الأمياس الذهبي".