Skip to main content
هذه الأخطاء الشعرية الصغيرة
منير الإدريسي
ميلود لبيض/ المغرب

سيرة اللاّ مُنتمي

مسقطُ رأسي 
سريرٌ أبيض من هذا العالم.

تربّيتُ في شساعة البيت ككناريّ المنزل
كان شَعري يغطّي أذنيّ
فلا يصل سمعي صوتٌ، إلاّ كلغة الساكسفون.
ذهني ثابتٌ في اللحظة

وفي خيالي كان الغد مرسوماً بنعومةٍ
كشجر مزهر على خزف صيني لإبريق الشاي.

مراهقتي شبّت بإطالة النّظر في الكتب والمياه 
ولوحات نسوة عاريات.
لا شيء أقوى وأشرُّ من حياة كهذه.

أمّا لهبُ الشِّعر في عينيّ
فكان ولا يزالُ، يأكلُ منّي حدّ النحافة.


■ ■ ■


الملعقة

فقدتها
...
الملعقة الدائريّة التي كانت تعكس النافذة عند المائدة

الملعقة التي كنت أرى فيها وجهي الصّغير
في كلّ وجبة

تلك الملعقة
الشّاسعة، التي رأيتُ فيها الأشجار منعكسة أيضا، دفعة واحدة

الملعقة التي من معدن فضيٍّ قد ذابت في سطر القصيدة
إلى الأبد

وفي الأبد هذه الأخطاء الشّعرية الصّغيرة
لقول: كنتُ أعيشُ طفولتي كالملاك.


■ ■ ■


زمنُ الجدّات

الحليب 
يفيضُ عن الإبريق
والضيفات جالسات
إنّه المساء.

الفناجين مرّة أُخرى موزّعة على الأيدي ذاتها
لا شيء يتغيّر
رائحة البيت العتيقة هيَ... هيَ
والغرامافون النّحاسي المعطّل وحده يبعث موسيقى الملل
حين يصمتن.

وأنا في حضن جدّتي
راقبتُ تحرّك ظلّ وجه النافذة على السجّادة 
ليصل مع دقّات البندول الوسائدَ
بطيئا جدّاً... إلى أن غفوتُ على ركبةٍ متيبّسة ككسرة خبز.

أيّها الزّمن البطيء، يا زمن الجدّات
أينك الآن؟
كيف أجدك حتى أنجزَ عملي ببطء في جزّ صوف أيام
تقفزُ من يديَّ إلى العدم كالخراف؟


* شاعر من المغرب

آداب وفنون
التحديثات الحية