Skip to main content
موظفو البرلمان التونسي يهدّدون بإيقاف أعمال مجلس الشعب بسبب تعديلات القانون الداخلي
آدم يوسف ــ تونس
الإدارة هددت بإيقاف أعمال مجلس نواب الشعب (ياسين غيدي/الأناضول)
هدّدت الإدارة البرلمانية في تونس بإيقاف أعمال مجلس نواب الشعب بسبب التعديلات التي أدخلتها لجنة النظام الداخلي والقوانين البرلمانية على القانون الداخلي للمجلس، والذي اعتبروه مساً باستقلاليتهم ومحاولات لوضع اليد من قبل الكتل الحزبية على مفاصل الإدارة.

وتضم إدارة البرلمان ما يناهز 500 موظف يسهرون على إنجاح عمل الجلسات العامة واللجان، وصناعة القوانين والتشريعات، ويخضع هؤلاء إلى السلطة الإدارية لرئيس البرلمان الذي يعطيه الدستور والقانون صلاحية رئاسة الإدارة البرلمانية وتمثيلها أمام القضاء والتصرف في مواردها عبر الهياكل الإدارية للمؤسسة.

وتنص التعديلات الجديدة التي أدخلتها لجنة النظام الداخلي على أن التسميات الإدارية والترقيات والتعيينات في الوظائف العليا واتخاذ التدابير الإدارية والقارات المالية ستصبح محل أنظار مكتب البرلمان، اولذي يتكون من ممثلي أحزاب سياسية متنوعة يقوم على أساس المحاصصة الحزبية والتمثيلية النسبية حسب حجم الكتل والأحزاب البرلمانية.
وتخشى إدارة البرلمان من تسييس هياكلها وجعلها محل تجاذبات سياسية بين الأحزاب والكتل المساندة والمعارضة وأن يصبح إسناد التعيينات والترقيات حسب الولاءات الحزبية والمحاباة والانتماءات بعيداً عن الكفاءة والنزاهة وتكافؤ الفرص.

وتنتظر المؤسسة التشريعية ترسانة كبيرة من القوانين والقروض والاتفاقيات المالية التي يمكن أن توقف السير العادي لدواليب الدولة ولمختلف مؤسسات البلاد في حال توقفت الإدارة البرلمانية عن العمل.

وأصدرت نقابة أعوان وإطارات مجلس نواب الشعب، بياناً، هددت فيه بالإضراب عن العمل وإيقاف النشاط البرلماني في صورة تمرير تنقيحات البندين 3 و48 من النظام الداخلي للبرلمان اللذين صادقت عليهما لجنة النظام الداخلي وسيتم تمريرهما إلى جلسة عامة في منتصف شهر يوليو/ تموز الحالي.

وأكد المستشار القانوني وكاتب عام نقابة إطارات مجلس نواب الشعب، عبد الباسط الحسناوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، رفض إدارة البرلمان القطعي لهذا التوجه المتناقض صراحة مع أحكام الفصل 15 من الدستور الذي أقر مبدأ حياد الإدارة، داعياً رئيس البرلمان ولجنة النظام الداخلي إلى التراجع عن ذلك وإبقاء البنود في صيغتها الأصلية.

وبيّن الحسناوي ضرورة تكريس حياد الإدارة البرلمانية، والتي تضطلع بمهام محورية في دواليب الدولة وتلعب دوراً تاريخياً في بناء أسس الجمهورية الثانية، مشيراً إلى أن ضرب استقلالية إدارة السلطة الأولى في البلاد سيكون مثالاً سيئاً لبقية مؤسسات الدولة.

وحذّر من إقحام إدارة البرلمان في الصراعات الحزبية والاختلافات الفكرية والأيديولوجية للأحزاب السياسية بمحاولة وضع يد الكتل الحزبية على أجزاء من الإدارة بهدف خدمة أجنداتها وتوجهاتها، مشيراً إلى خطورة أعطاء هذه الصلاحيات إلى مكتب المجلس الذي يعمل وفق تركيبته الحزبية والمزاج السياسي لأعضائه.

وأضاف أنه في حال أصر النواب على اتخاذ هذا المسار المخالف للدستور، فإنه سيتم اتخاذ كل الخطوات النضالية التصعيدية وستلجأ نقابة إدارة البرلمان إلى كل الوسائل القانونية المتاحة دفاعاً عن حقوق منظوريها.

وينصّ البند 15 من الدستور على أن "الإدارة العمومية في خدمة المواطن والصالح العام، تُنظّم وتعمل وفق مبادئ الحياد والمساواة واستمرارية المرفق العام، ووفق قواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة والمساءلة".

واقترحت كتلة حركة "النهضة" هذا التعديل خلال مداولات لجنة النظام الداخلي، وبرر النواب الحاضرون هذه التعديلات بالسير نحو دمقرطة القرار داخل مجلس نواب الشعب ويؤسس لتشاركية التسيير ولامركزية السلطة، حيث تتخذ القرارات داخل المكتب إما بالتوافق أو بالتصويت.

ويرى خبراء في القانون الإداري والدستوري أن هذه التعديلات ستؤثر على وحدة القرار وسرعة تنفيذه ومرونة التسيير بما سيؤثر سلباً على استمرارية ومصلحة المرفق العام لأنه سيزيد من تشعب الأطراف المتدخلة وسيعقد منظومة اتخاذ القرار.

كما أن هذه البنود تمس حياد الإدارة المنصوص عليها في الدستور لاعتبار أن مكتب البرلمان لا يملك الصفة القانونية التي يتمتع بها رئيس البرلمان، والذي يعتبر الممثل القانوني للمجلس ورئيس إدارته، في حين أن مكتب البرلمان هو هيكل سياسي تقتصر مهامه على الوظيفة التشريعية والرقابية للبرلمان.

وتطرح مشاركة المكتب إشكالية الجهة التي سيتم الطعن في قراراتها أو المسؤولة أمام القضاء عند التجاوزات المالية والإدارية حيث يحدد القانون المسؤولية في شخص رئيس البرلمان باعتباره المسؤول الأول والمفوض له صلاحيات التوقيع والأمر بالصرف.