Skip to main content
مظاهرات حاشدة في الجزائر عشية الانتخابات الرئاسية
عثمان لحياني ــ الجزائر
لم تمنع حالة التشديد الأمني وسط العاصمة الجزائرية وعلى مداخلها الرئيسية، اليوم الثلاثاء، خروج مظاهرات صاخبة رفضاً للانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد، الخميس، وجاء ذلك بالتزامن مع دعوات من شخصيات وأحزاب سياسية لمقاطعة الانتخابات.

وجاب الآلاف من الطلبة والناشطين والمواطنين شوارع العاصمة، حيث تجمعوا في ساحة الشهداء، قبل بدء مسيرة حاشدة إلى ساحة البريد المركزي والجامعة.
وللمرة الأولى، سارت المظاهرة باتجاه أعلى شارع ديدوش مراد، ولوحظ وجود عدد من الصحافيين الأجانب الذين قدموا لتغطية الانتخابات الرئاسية، واستغل المتظاهرون حضورهم لإبراز مواقفهم الرافضة للانتخابات الرئاسية.
ونشرت السلطات أعداداً كبيرة من قوات الأمن والشرطة وفرق مكافحة الشغب، وسط العاصمة وفي الشوارع الرئيسية وقرب الساحات التي تتمركز فيها المظاهرات، لكنها تلافت أي صدام مع المتظاهرين وتفادت الردّ على أي استفزاز، ومارست أعلى درجات ضبط النفس، بخاصة في ظل حضور الصحافة الأجنبية التي قد تنقل صوراً عن الوضع.
ويصرّ المتظاهرون على مواصلة الحراك الشعبي بطريقة سلمية حتى تحقيق الأهداف المعلنة، منذ بدايته في 22 فبراير/ شباط الماضي، وأبرزها رفض الانتخابات التي ستجرى بعد غد الخميس، في ظل بقاء رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وجدّد المتظاهرون المطالبة برحيل رئيس الحكومة نور الدين بدوي. وتزامنت احتجاجات الطلبة مع صدور أحكام في حق المتورطين في ملف الحملة الانتخابية لبوتفليقة.
وقال الطالب في كلية العلوم السياسية حسن سعيدي علي إن "الاحتجاجات مستمرة إلى غاية تحقيق كافة المطالب"، مضيفاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المسيرات الطلابية التي انضمت إليها حشود كبيرة من المواطنين من مختلف الأعمار تأتي لتأكيد رفض الشعب للانتخابات". وشدّد على أن "الشعب لا يثق بوعود السلطة بشأن نزاهة الانتخابات"، قبل أن يضيف أن "هذه الانتخابات بهذه الظروف هي فرض للأمر الواقع من قبل السلطة وهروب إلى الأمام ورفض السماح ببدء مسار ديمقراطي حقيقي".


كذلك قال الطالب في جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا وليد بن عبد الرحمان، لـ"العربي الجديد"، إن "الطلبة ومجموع الجزائريين ليست لديهم ثقة بالسلطة. الأمر لا يتعلق بانتخابات فقط ولكن بمسار خاطئ منذ البداية، وهناك مؤشرات كثيرة إلى التوجه نحو التلاعب بأصوات الملايين، في ظل بقاء حكومة بدوي وولاة عينتهم المنظومة القديمة وبقايا نظام بوتفليقة، وما يحدث في كثير من الولايات يعطي لموقف الحراك مشروعية".

وهاجم المتظاهرون مجدداً قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ورددوا مطولاً شعار "دولة مدنية لا عسكرية"، وتمسكوا برفضهم هيمنة الجيش على القرار السياسي ومستقبل البلاد.


وقال بن عامر أحمد، وهو أحد كوادر ثورة التحرير الجزائرية، خلال مشاركته في المظاهرات، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ الاستقلال كان الجيش يحكم ويدير البلاد وهو الذي قرر كل الخيارات التي فرضت على البلاد، والحراك جاء ليضع نقطة توقف لهذه الطريقة في الحكم، والتي يظهر أنه يراد لها أن تبقى عبر انتخابات مشبوهة الخميس".



واضطر التجار وسط العاصمة إلى غلق محلاتهم بعد رفع المتظاهرين شعارات تطالبهم بدعم الحراك والانضمام إلى الإضراب الذي دعت إليه نقابة كونفدرالية القوى المنتجة، وحرص المتظاهرون والناشطون خاصة على الدعوة إلى التمسك بالسلمية والنضال السلمي منعاً لأي انزلاقات محتملة الخميس. 
ورفعت لافتات تؤكد ذلك، كتب في إحداها "سلمية ضد القمع والشعب خاوة خاوة" و"سلميين سلميين وماراناش حابسين"، كما رفعت في مظاهرات اليوم صور الناشطين الموقوفين، وطالب المحتجون بإطلاق سراحهم.

دعوات لمقاطعة الانتخابات

 في غضون ذلك، أصدرت 19 شخصية سياسية معروفة بياناً أعلنت فيه رفضها الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس، بالتزامن مع بيان ثانٍ وقّعته مجموعة أحزاب سياسية وقوى مدنية دعت خلاله إلى مقاطعة شعبية للانتخابات.

وأكد بيان الشخصيات الـ 19 التمسّك بالنضال السلمي، مبيناً أن موعد 12 ديسمبر "يعد محطة من محطات عديدة سيجتازها الحراك الشعبي بنجاح بفضل وعيه وسلوكه الحضاري حتى يحافظ على سلميته بعد هذا التاريخ".

ومن بين من وقّع على البيان وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور والدبلوماسي عبد العزيز رحابي والناشط الحقوقي عبد الغاني بادي، وطالبوا السلطة بـ"الابتعاد عن الخطابات الاستفزازية ولغة التهديد وتخوين كل من يخالفها الرأي في كيفية الخروج من الأزمة، ونحملها مسؤولية أي انزلاق قد تؤول إليه الأمور".

وبرأي الشخصيات الـ 19، فإن الحلّ السياسي للأزمة "لا يمرّ إلا عبر إجراءات تهدئة تُمهد السبيل لفتح حوار وطني جاد وشامل، يُتوج بتوافق وطني يطوي عهد التعيينات المقنعة". 

جاء ذلك بالتزامن مع بيان ثانٍ وقعته مجموعة من القوى والأحزاب السياسية والتنظيمات المدنية ومستقلين لرفض ما وصفه البيان بـ"المهزلة الانتخابية التي تستهدف تجديد النظام لنفسه". ودعا هؤلاء "الجزائريات والجزائريين في الداخل والمهجر للرفض وبأي وسيلة سلمية المهزلة الانتخابية في 12 ديسمبر، مع التحلي باليقظة".