مصر: منع الدواء والاعتداء على معتقل حاول الانتحار
العربي الجديد ــ القاهرة
التضييقات قد تدفعه لمحاولة الانتحار مرة أخرى(خالد دسوقي/فرانس برس)
تقدم اليوم السبت محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات ببلاغ لرئيس نيابة المعادي الجزئية، بصفته وكيلاً عن أحمد أحمد مراد والد السجين أسامة مراد، حمل البلاغ رقم 44 لسنة 2019 عرائض المعادي، وذلك للتحقيق في واقعتي منع أسرة أسامة من إدخال العلاج له، والتعدي عليه بالضرب من قبل رئيس مباحث سجن استقبال طرة، والتحقيق في محاولته الانتحار على إثر ذلك.

وألقت قوات الأمن القبض على أسامة أحمد مراد يوم 27 مايو/ أيار 2015، أثناء وجوده بمحل عمله في المعهد الأزهري حيث يعمل مدرسًا للقرآن الكريم، بقرية منوف بمحافظة طنطا، واختفى قسريًا لمدة 10 أيام، ثم ظهر بنيابة أمن الدولة في القاهرة، ووجهت إليه النيابة تهمة الانضمام لجماعة إرهابية في القضية رقم 186 لسنة 2014، وتمت إحالة القضية إلى محكمة جنايات شمال القاهرة، وفي 4 سبتمبر/ أيلول 2016 حكم عليه بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات.

ودانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات في بيان سابق لها استمرار تدهور ظروف الاحتجاز بالسجون المصرية والتضييق الشديد والممارسات التعسفية التي يتعرض لها السجناء والتي تمثل ضررًا بالغًا على سلامتهم الجسدية والنفسية، وأدت لتدهور الحالة النفسية للسجين أسامة مراد ودفعته لمحاولة الانتحار يوم 22 إبريل/ نيسان 2019 بعنبر (أ) في سجن استقبال طرة، رغبة في التخلص من العذاب النفسي والاكتئاب الحاد الذي أصابه في السجن.

وأعربت المفوضية عن قلقها إزاء ما تعرض له أسامة بنقله من مستشفى المنيل إلى مستشفى سجن طرة، الأمر الذي يساهم في تدهور حالته النفسية وقد يدفعه لمحاولة الانتحار مرة أخرى. وطالبت بعودته مرة أخرى إلى مستشفى المنيل لحين تحسن حالته الجسدية والنفسية، وإصدار عفو صحي للحفاظ على حياته، وكذلك السماح لأسرته بزيارته والاطمئنان عليه. كذلك حملت السلطات المصرية، وعلى رأسها وزارة الداخلية ومصلحة السجون، مسؤولية سلامة المحتجزين النفسية والبدنية، وأهابت بالنيابة العامة القيام بدورها في الإشراف على السجون وأماكن الاحتجاز، والتحقيق في انتهاكات حقوق السجناء.
وبحسب ذويه، لم يكن أسامة يعاني من أية اضطرابات نفسية أو أعراض لميول انتحارية قبل تجربة السجن، وأن ما تعرض له من إيذاء بدني ونفسي دفعه إلى حافة الانهيار النفسي. وتنقّل أسامة بين أكثر من خمسة سجون أثناء فترة احتجازه. في البداية قضى 7 أشهر في مركز طنطا، ثم تحول إلى استقبال طرة لمدة 9 أشهر. في ذلك الوقت كان في حالة استقرار نفسي نسبيًا وكان يعلم القراءة والكتابة للسجناء الأميين، حتى نقله لسجن المينا، وحينها بدأ يتدهور نتيجة الإيذاء الجسدي والنفسي، وتعرضه لممارسات متعسفة، ومراقبته بالكاميرات والسماعات طوال الوقت، بالإضافة إلى تجريده من متعلقاته الشخصية، وتعرضه لسوء المعاملة وفرض قيود غير ضرورية أثناء الزيارات الأسرية.

ووفقًا لزوجته بدت عليه علامات الخوف الشديد واعتاد الصمت أغلب الوقت، خوفا من التنكيل به من قبل إدارة السجن. وبعد قضاء 3 أشهر في سجن المنيا بدأت تظهر عليه أعراض المرض النفسي وأصيب باكتئاب حاد ثم أصيب بحالة من الانهيار النفسي تمثلت في نوبات من الهياج والصراخ الشديد، والإقدام على إيذاء نفسه عن طريق جرح وجهه وجسده وعرض وقتها على طبيب ووصف له أدوية نفسية مهدئة. وتقدم محاميه بنقض الحكم الصادر في حقه، ونقل إلى سجن طرة شديد الحراسة 2 والمعروف بسجن العقرب وهناك أعيد فتح التحقيقات معه مرة أخرى، وقضى عاماً كاملاً.

وبعد قبول النقض الخاص به نقل إلى وادي النطرون لمدة 20 يوماً، وفي تاريخ 17 نوفمبر/تشرين الأول 2018 تم تأييد الحكم الصادر بعشر سنوات، وعلى إثّر ذلك نقل إلى سجن استقبال طرة. وهناك زادت أعراض الانهيار النفسي، وأصابته نوبات من فقدان الوعي (الإغماء) والتشنج، حتى اشتكى منه المساجين. وفي اليوم السابق لمحاولة انتحاره، اجتمع عليه عدد من الضباط والأمناء وقاموا باتهامه بادعاء حالة الجنون أو الانهيار النفسي، واعتدوا عليه بالضرب المبرح حسب ما ورد من معلومات، وفي اليوم التالي دخل أسامة إلى الحمام أثناء صلاة الظهر وهناك شق رقبته، ما سبب قطعاً عرضياً طويلاً في الحنجرة والقصبة الهوائية، وحاول توسيع الشق في قصبته الهوائية بيديه، حتى فقد الوعي ونقل إلى المستشفى في حالة خطيرة.

ومنع ذووه من زيارته بالمستشفى والاطمئنان عليه، وأبلغوا أنه على قيد الحياة في العناية المركزة، ورفض الضابط الإفصاح عن أي معلومات إضافية. ثم تبلغت عائلته بأنه سينقل من مستشفى المنيل إلى مستشفى السجن، الأمر الذي قد يدفعه للانتحار مرة أخرى. وأرسلت عائلته تلغرافات إلى النائب العام ورئيس مصلحة السجون مطالبة بعدم نقله إلى مستشفى السجن لأن هذا يهدد حياته. كذلك علمت أسرته يوم الأحد 5 مايو/ أيار 2019 بخبر إعادته مرة أخرى إلى مستشفى سجن طرة.