Skip to main content
مشروع ليلى: السخرية منهجاً
عبد السلام الشبلي
(تصوير: ماجليند برامو)

لطالما وقعت التجارب العربية التي تحاول محاكاة الموسيقى الغربية في فخ التقليد، الذي بلغ أحياناً حدّ الغوص الغافل في معالم النمط الفني المُقدّم، بما يشبه الوقوع في ظاهرة التطبّع التي تطال الفنون العربية على مختلف أنواعها.

يقودنا هذا إلى الوقوف عند تجربة الفرقة الموسيقية "مشروع ليلى"، التي انطلقت عام 2008 من مدرج "الجامعة الأميركية" في بيروت، كفرقة هاوية تحاول إيصال رسائل اجتماعية وسياسة، عبر الاعتماد على كلمات الشارع التي نتداولها يوميّاً. تجربة ظهرت من دون مقدمات؛ تجمع بين الروك و"الموسيقى البديلة".

ثلاثة ألبومات قدمتها الفرقة، هي "مشروع ليلى" (2009) و"الحل الرومانسي" (2011) و"رقّصوك" (2013)، حملت ما يمكن اعتباره نقلة نوعية في المحاولة العربية الشبابية لصناعة موسيقى روك خاصة بها؛ إذ تمكنت الفرقة من تضمين أفكار تلوح كومضات أمام جمهور متعطش لفن ينتقد ويرفض كل شيء يحيط به، مع الابتعاد عن سطحية الطرح.

لا تخلو أغنية مما قدمته "مشروع ليلى" من فكرة تُناهض مثالب المجتمع العربي عموماً، واللبناني خصوصاً. فالطرح الساعي إلى التغيير، بالنسبة إليهم، يبدأ من "الحل الرومانسي" لمشاكل قطاعات العمل اللبنانية، لينتقل إلى قضايا أخرى في أغنيات مثل "حبيبي" و"أم الجاكيت" و"فساتين"؛ تبرز فيها أزمات مجتمعية، كالتنظير فارغ المضمون، والتصنّع، أو البحث عن شريك من الطوائف الأخرى.

ويشكّل الطرح السياسي الساخر أساساً مهماً للقضايا التي تطرحها الفرقة بجرأة عالية؛ سخرية من العبوة المتفجرة، من طابور الحرب المستمرة منذ خمسين سنة، من التضوّر جوعاً بسببها، من العسكري "الجالس عالحاجز" المتحكم بالمواطنين بكلماته اللاذعة وشتائمه المهينة. كل ذلك يحدث في الوطن الذي "خَدّروا أبناءه"، وقالوا لهم "هذا مفيد" وهذا "ضد المؤامرات"، التي يتحدث عنها ساسة يتاجرون بحرية شعوبها.

كذلك تطرح "مشروع ليلى" قضايا جدلية في المجتمعات العربية، لم يتجرأ أحد على مقاربتها من قبل، تدور حول مواضيع الجسد وتغيراته، وموضوع الحريات الجنسية، التي تحاول انتشالها من دائرة المسكوت عنه، أو من صورة مَن هو مرفوض في المجتمعات العربية.

يمكن القول إن "مشروع ليلى"، عبر عضوها الأبرز، كاتب الأغاني والمغني الرئيسي حامد سنّو، استطاعت أن تطوّع اللهجة المحكية اللبنانية مع ما يناسبها من مقاطع موسيقية، بأسلوب تقطيعي جيد، تغلّب على المعاناة الأبرز التي واجهت دوماً من أرادوا التأسيس لروك عربي قادر على أن يكون مشروعاً مستقلّاً.

كل ما سبق يمكن أن يجعل من "مشروع ليلى" بمثابة نواة لمشاريع أخرى من الروك العربي، قادرة على خلق نموذجها الخاص، على غرار ما شهدته موسيقى الروك من تطوير على أيدي الفرقة البريطانية "البيتلز"؛ الذين اقتبسوها أساساً من الولايات المتحدة، ثم أصبحوا من مشاهيرها.

المزيد في ثقافة