Skip to main content
فاينز لـ"العربي الجديد": التجارة الصينية-الأفريقية 210 مليار دولار
موسى مهدي ــ لندن
وجود صيني ظاهر في لواندا (GETTY)
يواصل رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، زيارته لأفريقيا حيث وصل يوم أمس الخميس إلى العاصمة الأنجولية لواندا. وقال رئيس البرنامج الأفريقي للمعهد الملكي البريطاني "تشاتهام هاوس" في لندن اليكس فاينز لـ"العربي الجديد" إن الدور الصيني في أفريقيا يتعاظم وأن 2500 شركة صينية تعمل الآن في أفريقيا. لافتاً إلى أن التجارة البينية بين أفريقيا والصين بلغت، نهاية العام الماضي 2013، حوالى 210 مليار دولار.

الصين أكثر إفادة

وأشار فاينز إلى أن أنجولا، التي تعد ثاني أكبر منتج للنفط بعد نيجيريا، أصبحت ثاني أكبر مصدر للنفط للصين بعد المملكة العربية السعودية.

يُذكر أن ثورة النفط الصخري في أميركا ساهمت في خفض صادرات النفط الأميركية إلى الولايات المتحدة. ويحدث ذلك لأن الصادرات الأفريقية إلى أميركا تتشكل معظمها من الخامات الخفيفة التي باتت أميركا تنتجها حالياً من حقول البترول الصخري.

ولفت فاينز إلى أن صادرات النفط الأنجولي إلى الصين بلغت 10.66 مليون طن في الربع الأول من العام الجاري. ولكنه انتقد أسلوب التعاقد التجاري، المتمثل في صفقات النفط التبادلية بين الصين وأنجولا.

وقال إن هذه الصفقات لا تخدم مصلحة أنجولا وتصب في صالح الصين، حيث أن قيمة النفط الأنجولي تذهب إلى بنك الصادرات الصيني التي يبادلها بعقود إنشاءات للشركات الصينية في أنجولا. مشيراً في هذا الصدد إلى أن أنجولا تستورد حالياً الإسمنت من الصين، في الوقت الذي يمكنها إنتاجه محلياً، وتستفيد الشركات المحلية من المشاريع التي تقوم بإنشائها الشركات الصينية.

وحسب تقديرات اليكس فاينز، فإن تجارة الصين مع أفريقيا بلغت 5% من إجمالي تجارتها العالمية البالغة 3.867 تريليون دولار بنهاية العام 2013، كما أن الاستثمارات الصينية المباشرة بلغت حوالي 4% من إجمالي الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج التي قدرت بحوالي 77.2 مليار دولار في العام 2012.

إغراق حتى بالعمالة

ولكن فاينز انتقد بعض الشركات الصينية التي قال إنها لا تحترم القوانين والإجراءات الأفريقية. مشيراً في هذا الصدد إلى أن استثمارات القطاع الخاص الصيني في أفريقيا فشلت حتى الآن في خلق وظائف للعمالة الأفريقية.

وقال إن العديد من الشركات الصينية تحضر أعداداً ضخمة من العمالة من الصين لشغل وظائف هي في الأساس وظائف محلية.

كما أشار في انتقاداته لأداء الشركات الصينية في أفريقيا، إلى بعض الانشاءات الضعيفة التي لم تتمكن من الصمود طويلاً أمام الظروف المناخية، ولكنه قال في المقابل إن هنالك مشاريع جيدة أنشأتها الشركات الصينية.

وفي إجابته على سؤال لـ"العربي الجديد" حول اغتيال الشركات الصينية للعديد من الحرف التقليدية، والأعمال التجارية البسيطة التي يقوم بها الأفراد والقطاع الخاص في أفريقيا، مثل صناعة الأحذية وتربية الدواجن، قال فاينز إن هذه المشكلة ليست خاصة بأفريقيا، وإنما هي مشكلة عالمية، حيث تعاني منها بريطانيا والعديد من دول العالم بسبب رخص البضائع الصينية.

وقال إنه لا يلقي باللوم على الصينيين في هذا المجال، وإنما يقع اللوم على الحكومات التي فشلت في حماية صناعاتها ومواطنيها.

وأضاف أن دولة ملاوي مثلاً، حظرت الشركات الصينية الصغيرة من المتاجرة في المناطق الريفية.

وأشار إلى أن "هذا الإجراء اتخذته ملاوي لحماية الصناعات الصغيرة من التنافس مع الشركات الصينية الأكثر كفاءة في الإنتاج والتصنيع، وهو إجراء ناجح".

ويلخص خبراء في العلاقات الصينية الأفريقية، الاهتمام الصيني بأفريقيا في خمس نقاط رئيسية، وهي:

أولاً: الأهداف الاقتصادية، والتي تتمثّل في الحصول على المواد الأولية أو المواد الخام مثل النفط والمعادن.

ويلاحظ أن أفريقيا، التي أطلقت عليها وكالة شينخوا الصينية: "أرض الأمل" قبيل زيارة رئيس الوزراء الصيني، قارة غنية بالثروات المعدنية والمواد الخام التي تحتاج إليها الصين.

ثانياً: الصين، التي تتمدّد صناعياً وتفوّقت على أميركا في حجم الصادرات في العام 2012، بحاجة ماسّة إلى توسيع أسواقها العالمية، خاصة في مناطق مثل أفريقيا لا تجد فيها منافسة تذكر من البضائع الغربية. ولدى أفريقيا سوق واعدة ولمواطنيها قوة شرائية صاعدة. وتقدّر الأمم المتحدة أن يبلغ عدد سكان أفريقيا حوالى 2.4 مليار نسمة بحلول العام 2050.

كما أن حجم الاقتصاد الأفريقي يتوسّع وتزداد القوة الشرائية مع تحسّن مستويات الدخل. وتأمل الصين أن تكون الشريك المهيمن على تجارة القارة السوداء في العقود المقبلة، وخاصة أن حجم الاقتصاد الأفريقي قُدّر بحوالى 1.515 ترليون دولار في نهاية العام الماضي.

وثالثاً: ترغب الصين في الاستفادة من الكتلة التصويتية للقارة الأفريقية في المحافل الدولية، خاصة في قضايا مهمة، مثل قضية "الصين الموحدة" التي تشمل الصين وتايوان وهونج كونج.

 وترغب الصين في ضمّ تايوان خلال السنوات المقبلة، وتحتاج إلى سند في الأمم المتحدة لتحقيق هذا الهدف.

كما أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن، وتريد من الدول الأفريقية دعمَها في القضايا والأغراض التي تحقق أهداف سياستها الخارجية في أنحاء العالم. ولا يخفى أن الصين غير مقتنعة بالحدود الجغرافية التي أقرّها الحلفاء الغربيون في يالطا بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة في آسيا.

وترغب الصين في إعادة رسم الحدود مع العديد من الدول الآسيوية في جنوب شرقي آسيا. ويذكر أن الصين دخلت منذ مدة في نزاع حدودي مع اليابان حول حق السيادة على جزيرة سينكاكو.

ورابعاً: لدى الصين مصالح أمنية في أفريقيا، خاصة في المناطق المطلة على الممرات المائية، مثل السودان وأثيوبيا وأرتيريا والصومال، وربما لاحقاً مصر.

خامساً: الغذاء، مع التوسّع الصيني في الصناعة واستهلاك المياه والمساحات في التصنيع، تحتاج الصين في المستقبل إلى تأمين احتياجاتها الغذائية من خلال مشروعات غذائية عملاقة في أفريقيا.

ويضيف الخبير الصيني، يون صن، في ورقة بحثية نشرها معهد "بروكنجز انستيتيوشن" في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، إلى هذه الأهداف السياسية، هدفاً آخر وهو تسويق نمط النظام السياسي القائم على الحزب الواحد، ومركزية التخطيط الاقتصادي للدول الأفريقية، على أساس أنه نمط ناجح في الحكم، وفي التقدم الاقتصادي كبديل للديمقراطية التي ينادي بها العالم الغربي. وهي دعوة تجد آذاناً صاغية في معظم الدول الأفريقية التي تُحكم ديكتاتورياً.