Skip to main content
حيلة الدب الروسي
عبسي سميسم
يقود بوتين ولافروف المقاربة الروسية تجاه سورية(ساشا موردوفيتس/Getty)
في الوقت الذي تشارك فيه روسيا بقصف التجمعات المدنية في مناطق المعارضة السورية، والتي تتسبب يومياً بقتل عشرات المدنيين من سكان تلك المناطق، وفي الوقت نفسه الذي تتشارك فيه روسيا مع النظام السوري بإطباق حصار الجوع على السكان المدنيين في العديد من مناطق سيطرة المعارضة، وبشكل خاص المدن المحيطة بدمشق، كانت المعارضة السورية تستنجد بمجلس الأمن وبالدول التي تدعي أنها أصدقاء الشعب السوري، من أجل التدخل لفك الحصار عن تلك المدن.
طالبت المعارضة تلك الدول، في حال لم تتمكن من إقناع النظام والروس بفك الحصار، بأن تلقي سلالاً غذائية لتلك المناطق عبر طائرات التحالف الدولي أو طائرات خاصة من تلك الدول، كما طالبتها بإقناع الروس بوقف قصف المدنيين قبيل مفاوضات جنيف المرتقبة، كأحد تدابير بناء الثقة.
يبدو أنّ طلب المعارضة من أصدقائها، والذي لم يلق آذاناً صاغية من قبلهم، قد أوحى للروس بفكرة تظهرهم بمظهر الدولة التي تقوم بدور إنساني في المناطق المحاصرة، وتقوي موقف موسكو بمجلس الأمن في مواجهة أصدقاء الشعب السوري.
فما لم يقم به أصدقاء الشعب السوري، لجأ إليه الروس قبيل انعقاد مجلس الأمن يوم الجمعة، من خلال إسقاط مساعدات إنسانية عبر الطائرات الحربية للأحياء التي يحاصرها تنظيم الدولة "داعش" في محافظة دير الزور شرق البلاد.
وظهر جلياً أن قيام الروس بهذه الخطوة إنما جاء للاستغلال السياسي في مجلس الأمن ولمفاجأة الدول التي تنتقد الدور الروسي في سورية وإيهامهم بأن موسكو تقوم بدور إنساني.
إلا أن الأسوأ في التصرف الروسي هو أن العملية بمجملها لم تكن أكثر من خدعة للمجتمع الدولي، دفع ثمنها المدنيون المحاصرون في دير الزور. فالمساعدات الإغاثية التي ألقاها الروس تلقفها جنود النظام الذين يتواجدون في المنطقة، ولم يسمحوا لأحد من السكان بأن يقترب منها، لتعرض يوم أمس في الأحياء المحاصرة كسلع للبيع وبأسعار باهظة، لتنطلي الحيلة الروسية على المجتمع الدولي وعلى مجلس الأمن، وتساهم بصرف نظر المجتمع الدولي عن معاناة السكان المدنيين في محافظة دير الزور وربما في مناطق أخرى يحاصرها الروس.