Skip to main content
جيمس ماتيس يراقب من بغداد التقدم في الموصل
علي الحسيني ــ الموصل
براء الشمري ــ بغداد



أنهت معارك تحرير ما تبقى من الموصل العراقية من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يومها الثاني بنتائج متوقعة، بعد سيطرة القوات العراقية على غالبية الأراضي الزراعية والمساحات المفتوحة القريبة من ساحل الموصل الغربي، بفعل القصف الجوي العنيف الذي نفذته طائرات التحالف الدولي، في وقت أكد فيه قادة عسكريون أن "المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد"، في إشارة إلى مرحلة الوصول لمشارف الأحياء السكنية للساحل الغربي.

في غضون ذلك، وصل وزير الدفاع الأميركي الجديد جيمس ماتيس، إلى بغداد، أمس الإثنين، في أول زيارة له إلى العراق منذ توليه منصبه، للقاء قيادات عسكرية وحكومية عراقية، فضلاً عن قواته المنتشرة في عدد من القواعد العسكرية في شمال ووسط وغرب العراق، كما زار إربيل، عاصمة إقليم كردستان، للقاء رئيس الإقليم مسعود البرزاني. وكشفت مصادر مقرّبة من الحكومة العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة الوزير الأميركي لبغداد، تركّزت على ملف ما بعد الموصل، ولم يتم التطرق إلى كثير من التفصيلات حول المعارك الحالية والدعم الأميركي لها، كونه تمّ حسمها قبيل انطلاق الهجوم، فجر يوم الأحد".

من جهته، كشف موظف رفيع بأمانة مجلس الوزراء لـ"العربي الجديد"، أن "المسؤول الأميركي بدا أكثر حدة من سابقيه في طرح أجندة بلاده". وأضاف أن "ماتيس تناول موضوع إعادة السكان للمدن المحررة وكذلك إعادة الأوضاع إلى ما قبل العاشر من يونيو/حزيران 2014"، في إشارة إلى مخاوف واشنطن من "تغيير ديمغرافي تنفذه المليشيات الموالية لإيران بالعراق". ولفت إلى أن "واشنطن ستؤدي دوراً في ملف المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإربيل في هذا الإطار".

وفي سياق معارك الموصل، أبلغ مسؤولون عراقيون في الجيش "العربي الجديد"، عن "بدء الجيش الأميركي ببناء معسكر متوسط الحجم له في منطقة حمام العليل جنوب غرب الموصل". وكشفوا أن "وحدات أميركية باشرت في بناء المعسكر الخاص بها، وفرضت مجال حماية بقطرٍ يصل إلى 10 كيلومترات".



بدوره، كشف العقيد سلام شماع، لـ"العربي الجديد"، أنه "تمّت السيطرة على نحو 26 كيلومتراً من الأراضي المحيطة بالساحل الغربي من جهة طريق تلعفر وطريق بغداد والطريق المؤدي إلى سورية". وأوضح أن "القوات المشتركة سيطرت على خمس قرى خالية من السكان، هي اللزاكة والشيخ يونس والإبراهيمية والأبيض والعذبة، فضلاً عن مجمّع سكني ومحطة طاقة كهربائية، إضافة إلى سيطرتها على طريق رئيسي يربط بغداد بالموصل". وبيّن أن "تلك المناطق باتت تحت سيطرة القوات المشتركة وشهدت اشتباكات وتفجيرات إلا أن داعش تخلى عنها سريعاً"، عازياً ذلك إلى "افتقاره لغطاء يحتمي به من الطيران الجوي".

من جانبه، أفاد معاون قائد الفرقة المدرعة العاشرة العميد كريم حمادي لـ"العربي الجديد"، بأن "المسافة التي تفصل قواتنا عن مطار الموصل، باتت أقل من أربعة كيلومترات". وأضاف أن "العمليات تسير بحذر لتجنّب فخاخ وكمائن داعش، خصوصاً أنه يملك الكثير من صواريخ الكورنيت المضادة للدروع". كما تحدثت مصادر أخرى بالجيش العراقي، عن دور رئيسي للتحالف الدولي في المعارك الجارية منذ فجر الأحد، أكدت فيه "وجود معارك صعبة بانتظارهم". وقال ضابط عراقي لـ"العربي الجديد" إنه "حتى الآن لم تبدأ المعارك الحقيقية بعد، وخطوط التماس بين الطرفين ما زالت بعيدة، لكننا نتوقع أن تزداد المعارك شراسة وصعوبة بعد الوصول إلى أول المناطق السكنية للموصل". ولفت إلى أن "المحور الشرقي عبر نهر دجلة ما زال معطّلاً بسبب عدم اكتمال نصب الجسور، لأن داعش يمنع ذلك، عبر القنص والقصف الصاروخي على الضفة الثانية من دجلة".

في سياق آخر، كشفت مصادر طبية داخل الساحل الغربي للمدينة عن "ارتفاع عدد الضحايا المدنيين بفعل القصف الجوي إلى 51 شخصاً، بينهم 16 طفلاً وإصابة ما لا يقلّ عن 83 آخرين، تعذّر نقل بعضهم إلى المستشفى بسبب كثافة القصف الذي يستهدف السيارات المتحركة داخل الساحل الغربي للمدينة".

وقال طبيب ردهة الطوارئ في مستشفى مدينة الطب غربي الموصل أيهم حميد لـ"العربي الجديد"، إن "المستشفى لم يعد قادرا على استقبال مزيد من الجرحى بسبب نفاد الأدوية والعلاجات اللازمة". وبيّن أن "كثافة السكان الكبيرة تجعل من عمليات القصف الجوية والصاروخية ذات إصابات محققة وسط المدنيين".

من جانبها، ذكرت مصادر محلية، أن "داعش يتنقل داخل المناطق السكنية، ويتخذ من بين منازلهم مقرات له، أو يقصف بالهاون والصواريخ تجمّعات عسكرية خارج المدينة، بشكل يدفع الطيران إلى قصف مصادر إطلاق النار وهي بالعادة داخل الأحياء السكنية".

ونفى عضو مجلس نينوى محمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، تقارير محلية تحدثت عن إلقاء مروحيات عسكرية مساعدات لأهالي الساحل الغربي، وقال إن "السكان يمرون بمجاعة كبيرة وبعض الأسر بدأت أكل الحشائش وأوراق الشجر، ولدينا نحو 25 حالة وفاة بسبب الجوع، ولمنع عناصر داعش خروجهم. وحتى لو وافق على إطلاق سراحهم فإن الجيش لم يضع ممرات آمنة وعددهم كبير جداً. ولم تصل إليهم أي مساعدات لا جواً ولا براً".