Skip to main content
ترامب... من كابوس المحاكمة إلى حرب الانتخابات
فكتور شلهوب ــ واشنطن
سيلقي ترامب اليوم خطاب حالة الاتحاد (Getty)
انطوى عملياً ملف محاكمة الرئيس دونالد ترامب وتراجع مشهده من الواجهة وجاء دور حملة انتخابات الرئاسة، وما تبقى من فصول المحاكمة مجرد ديكور لا يغير في النهاية المرسومة.

الخلاصة المقرر التصويت عليها في مجلس الشيوخ وإعلانها رسمياً بعد غدٍ الأربعاء معروفة ومضمونة: ترامب غير مذنب ولا يستحق العزل.
ولن تقدم أو تؤخر المساجلات والمرافعات في جلسات الأيام الثلاثة القادمة، بل ستكون مجرد شكليات من لوازم الإخراج، والمذنب حسب الاعتقاد السائد، هو المجلس الذي أجرى محاكمة منقوصة بعدما رفضت أكثريته الجمهورية استدعاء الشهود والوثائق، وهو المطلب الذي يؤيده 75% من الأميركيين، لكنه لم يصمد أمام الولاء الحزبي الصارم.

ويعني ذلك تحرر البيت الأبيض من كابوس المحاكمة، لكنه لن يقوى على سحب سيرتها من حرب انتخابية قادمة ستكون طاحنة لم تعرف أميركا مثيلاً لها من قبل.

وتفتتح، غداً الإثنين، ولاية آيوا الموسم الانتخابي باختيار الحزب الديمقراطي فيها لأحد مرشحيه، وتكمن أهمية هذه النتيجة في أنها قد تعطي الفائز حقنة زخم من دون أن تكون بالضرورة مؤشراً على وجهة رياح المنافسة بين المرشحين العشرة الباقين والمرجح أن يهبطوا إلى النصف قبل نهاية الشهر الجاري، خاصة وأن المنافسة حادة بين الثلاثة الأوائل: جو بايدن، بيرني ساندرز واليزابيت وارن.
وتتخوف مؤسسة الحزب من احتمال هزيمة مرشحها المفضلّ جو بايدن، باعتباره ابنها الأضمن والأصلح لمنافسة ترامب، إذ تظهر الاستطلاعات الأخيرة اهتزاز وضعه نسبياً.
ونجح منافسه ساندرز في تقليص الفارق بينهما، وبما جعل المعركة مفتوحة مع ترجيح ولو بسيط لهذا الأخير، وهذا أمر مقلق بالنسبة لمرجعيات الحزب التي تخشى من تحول فوز ساندرز في آيوا إلى كرة ثلج في الولايات القادمة انتخاباتها في الأيام والأسابيع القريبة، وبما يفقدها السيطرة على انتخابات التصفية، وبالتالي تحوّل ترشيحه إلى مسألة تحصيل حاصل. احتمال ممكن حمل بعض الوجوه الحزبية مثل هيلاري كلينتون على التدخل والتحذير ولو بصورة ملتوية، من عواقب فوزه بالترشيح النهائي، فالخشية لدى الحزب (وبالمناسبة بيرني مستقل) أن خوضه المعركة كـ "اشتراكي" (ولو بالمعايير الأميركية) على المكشوف من شأنه أن يعطي ورقة فعالة لخصمه ترامب الذي لا بد وأن يوظفها كـ "بعبع" يسهل من خلاله تأليب الرأي العام وتخويفه من شعار مرتبط بالماضي السوفياتي ونظامه الاشتراكي الشيوعي؛ ولو أن ساندرز لا يذهب في طرحه إلى هذه الحدود. 

وهناك خشية أيضاً من هذا النوع وإن أخف، من تقدم السناتور وارن التي تقترب طروحاتها من ساندرز، ومشكلة الحزب الديمقراطي أن يساره هذه المرة ابتعد عن الخط الحزبي التقليدي. مقارباته وطروحاته جذرية ويتمسك بها بإصرار ونجح في نشرها وجذب شريحة حزبية صلبة ووازنة إليها، ومن الصعب فوز مرشح ديمقراطي من دون تأييدها، وهي ملتزمة بخط ساندرز إلى حد العزوف عن التصويت لغيره، كما حصل وإن جزئياً في 2016. 

وبهذا المعنى، قد يجد الديمقراطي نفسه أمام مأزق التوفيق بين أجنحته، ولا تُخفي أوساطه مخاوفها من المضاعفات، في ضوء التفاف جمهوري متماسك حول ترامب.

وفي ظل هذا الوضع، يدشن الديمقراطي غداً المرحلة الانتخابية الحزبية الأولى، لينتقل معها من فشله أو تفشيله في عزل ترامب إلى محاولة محاسبته في الانتخابات، ولن تكون المواجهة سهلة، حتى مع أن ترامب يدخلها نصف معطوب كثالث رئيس أميركي يحيله مجلس النواب إلى المحاكمة.
المسيرة طويلة وستمتد لـ 9 أشهر، وحصيلتها مرهونة بالتطورات، وإلى حد بعيد بما قد تستقر عليه انتخابات التصفية واختيار المنافس الديمقراطي، ومدى الالتفاف حوله، كما بما ستكشف عنه الأيام من خفايا أوكرانيا-غيت، خاصة بعد صدور كتاب جون بولتون في مطلع مارس/آذار القادم، وبعد ما قد يجريه مجلس النواب من تحقيقات في هذا الملف.

وبانتظار نتائج آيوا مساء الاثنين، يتسمّر أكثر من مائة مليون أميركي الليلة أمام الشاشة الصغيرة لمشاهدة مباراة بطولة كرة القدم الأكثر شعبية في أميركا، ومساء الثلاثاء يعودون إلى الشاشة ولو بعدد أقل لمتابعة خطاب الرئيس ترامب السنوي أمام الكونغرس، عن حالة الاتحاد. وينتهي الإقبال بحجم أقل مساء الأربعاء لمشاهدة تصويت مجلس الشيوخ المعروفة حصيلته بعدم إدانة الرئيس ترامب، وبعدها يصير كل شيء انتخاباتٍ وحتى نوفمبر/تشرين الثاني القادم، ما لم تحصل مستجدات تتقدم على هذا الموضوع.