Skip to main content
اللاعبون... وشبح الموت المفاجئ!

مدونة عامة

عبد الكريم البليخ
أثارت مشكلة شبح الموت المفاجئ الخوف والفزع في قلوب الرياضيين بصورةٍ عامة.. علماً أنّ معدل هذه الظاهرة لدى الدول المتقدمة منخفض عما سواها من الدول الأخرى. فحقيقة وفاة نحو 15 رياضياً بشكل سنوي عبر حوادث الموت المفاجئ أصابت الكثيرين في الصميم!

هذا الشبح صار يلاحق الألعاب التي تتطلب جهداً إضافياً، ومثالنا في ذلك لاعبو كرة القدم، بصورةٍ خاصة، وقد غيّب الموت الكثير منهم أثناء خوض المباريات والتدريبات التي تسبق الجولات التي تقام، والسبب بلع اللسان أو التعرّض إلى أزّمات قلبية حادّة!

ومن بين هؤلاء لاعب نيوكاسل يونايتد شيخ إسماعيل تيوتي، (ساحل العاج، 21 يونيو/ حزيران 1986 – 5 يونيو 2017)، وهو من اللاعبين المتميزين وقد توفي خلال تدريبات فريقه بيغينغ إنتربرايس الصيني بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة.

فقد خاض تيوتي 161 مباراة في صفوف نيوكاسل الإنكليزي وسجل هدفاً واحداً، وذلك في مباراة حوّل فيها فريقه تأخره أمام أرسنال من 0 ـ 4 إلى تعادل 4 ـ 4 في العام 2011. وسبق لتيوتي أن شارك مع منتخب بلاده في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، و2014 في البرازيل، وحل معه وصيفاً لكأس الأمم الأفريقية عام 2012 قبل التتويج بها في العام 2015.

وهناك العديد من اللاعبين الأفارقة الذين عانوا من أزمات قلبية أثناء اللعب، ومنهم الثنائي النيجيري أمير أنغوي، وإندورانس إيداهور، مهاجم المريخ السوداني.


وأوّل هؤلاء الضحايا اللاعب عمروس الطيب، لاعب مولودية الجزائر السابق الذي توفي عام 1972 بعد سقوطه على رأسه بملعب عمر حمادي ببولوغين، وتلاه لاعب شباب بلوزداد السابق حسين بن ميلودي، الذي فاجأه الموت بملعب 20 أوت عام 1981 على هامش مباراة الشباب واتحاد عين البيضاء. وشهد أحد ملاعب فرنسا وفاة اللاعب الجزائري عمر محنون لاعب أولمبيك ليون. أما النيجيري صمويل أوكورارغي فانهار بينما كان يلعب مع نيجيريا ضد أنغولا في لاغوس في العام 1989 في إطار تصفيات كأس العالم.

وحصد الموت المفاجئ العديد من نجوم الكرة، ومنهم التونسي الهادي بالرخيصة، (25 عاماً)، الذي سقط أرضاً خلال مباراة ودية لفريق الترجي ضد ليون الفرنسي بعدما بلع لسانه، في 4 يناير/ كانون الثاني 1997.

وتبرز حالة وفاة اللاعب المغربي يوسف بلخوخة عام 2001 عن عمر يناهز 26 عاماً إثر سكتة قلبية خلال مباراة فريقه الوداد أمام الرجاء في منافسات نصف نهائي كأس المغرب.

وسقط الكاميروني مارك فيفان فويه، (28 سنة)، في منتصف الملعب قبل 15 دقيقة من نهاية مباراة بلاده ضد كولومبيا في الدور نصف النهائي من بطولة كأس القارات في مدينة ليون الفرنسية في عام 2003، ورغم محاولات المسعفين إلّا أنها باءت بالفشل!

وتحوّل الموت المفاجئ إلى غول خطف حياة العديد من اللاعبين على الميادين الخضراء، وكانت الكثير من الملاعب الجزائرية شاهدة على رحيل العديد منهم، وعرف ملعب الشهيد حملاي بقسنطينة في نهاية التسعينيات فاجعة أخرى، بعد وفاة لاعب ترجي مستغانم، ڤايد قصبة، إثر إصابته بأزمة قلبية، كما شهدت السنوات التي تلتها وفاة لاعب شبيبة القبائل حسين ڤاسمي، إثر سقوطه على رأسه مغشياً عليه، وتوفي بعدها بأزمة قلبية اللاعب السابق لفريقي مولودية الجزائر ونادي بارادو موسى بن عزوز عام 2004، وكذا مدرب حراس مرمى بارادو محمد حموش، وكذلك السنغالي خليلو فاديغا الذي انضم إلى نادي بولتون الإنكليزي في العام 2004، وسقط خلال فترة الإحماء قبل لقاء فريقه مع توتنهام هوتسبير، والمجري فيكلوس فيهر الذي توفي أثناء مباراة فريقه بنفيكا البرتغالي مع فيتوريا غيماريش في البطولة عام 2004، وينطبق الحال أيضاً على البرازيلي باولو سيرغيو عام 2004 الذي توفي خلال مباراة فريقه ساو كايتانو، وكان يبلغ من العمر 30 عاماً بسبب سكتة قلبية.

وفارق المصري محمد عبد الوهاب الحياة عام 2006 خلال تدريباته مع لاعبي الأهلي، وتوفي الإسباني أنتونيو بويرتا الذي سقط خلال مباراة فريقه إشبيلية أمام خيتافي في الدوري الإسباني "الليغا" عام 2007، ليتوفى اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً بعد ذلك بسبب مشاكل قلبية.

وسقط المهاجم الزامبي تشاسوي نسوفوا مغشياً عليه، كما توفي الزامبي تشاسوي نسومافوا في العام 2007.

وفي أفريقيا سقط جي تشينغوما لاعب منتخب الغابون مغشياً عليه، وتوفي في الملعب خلال مباراة في ليبرفيل في فبراير/ شباط 2008.

وفجعت الكرة الجزائرية، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2009، برحيل لاعب آخر هو لاعب شبيبة بجاية حسان لحمر إثر سكتة قلبية، قبل أن يخيّم الموت مجدداً على الملاعب إثر وفاة حمزة بوناب مهاجم جمعية الخروب عقب مشاركته في مباراة بدورة كروية خيرية لفائدة إحدى الجمعيات التي تحضر لحفل زواج جماعي، وتعرّض المدافع الغابوني مويسي برو أبانغا لأزمة قلبية حادة أثناء حصة التدريب مع فريقه ليبرفيل وتوفي على الفور، كما سقط اللاعب الكونغولي فابريس موامبا لاعب بولتون في وايت هارت لين في العام 2012.

وشهدت الكرة الإنكليزية، في عام 2012، نجاة لاعب نادي بولتون باتريس موامبا (23 عاماً)، من موت أكيد، حيث سقط مغشياً عليه خلال مباراة لفريقه في كأس الاتحاد الإنكليزي، قبل أن يعود قلبه لينبض بالحياة بعد أيام في قاعة الإنعاش.

وتوفي الإيطالي بيرماريو موروسيني (25 عاماً)، سنة 2012 خلال مباراة فريقه ليفورنو عندما سقط على أرضية الملعب وحاول النهوض قبل أن يسقط ميتاً.

وفي العام 2016 توفي اللاعب الكاميروني باتريك إيكينغ (26 عاماً)، خلال مباراة فريق دينامو بوخارست الروماني، بعدما ثبت أن لديه تشوهات في القلب وفي الشرايين التاجية.

وأعادت وفاة الإيطالي دافيدي أستوري قائد فريق فيورنتينا لكرة القدم في عام 2018 إلى الأذهان العديد من حالات الوفاة التي تعرض لها رياضيون، وجاءت بشكل مفاجئ دون أي مقدمات أو مرض معروف.

ولن ينسى التاريخ حالات مشابهة لأستوري، منها الروماني كاتالين هالدان الذي توفي في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، حينما كان يبلغ من العمر 24 عاماً بعد تعرضه لسكتة دماغية خلال خوضه مباراة ودية مع فريقه دينامو بوخارست وغيره من النجوم.

ودفع "موت الفجأة" الذي يحصل للاعبين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى مطالبة الدول الأعضاء فيه بإجراء فحوصات دقيقة لقلوب اللاعبين من أجل التأكد من سلامتهم وقدرتهم على ممارسة الرياضة بشكل طبيعي، وإرفاق نسخة من الملف الطبي لكل اللاعبين مقابل تسليمهم الإجازات التي تتيح لهم ممارسة نشاطهم.

الموت المفاجئ صار يشكل مصدر رعب وقلق للاعبين وكل الأسرة الرياضية في مختلف بلدان العالم، بعدما تحوّلت ممارسة الرياضة وكرة القدم إلى هاجس يحيّر الأطباء والمتخصصين.

وأمام هذه الظاهرة المأساوية ماذا عسانا أن نقول، فلا بد للجميع أن يتعلّموا الدرس وأن يستخلصوا العبر من هذه الحوادث التي ذهب ضحيتها العديد من النجوم في العالم، والحل هو بتأمين الإسعافات الأولية في الملاعب الرياضية، فضلاً عن توافر فريق طبّي مجهّز بأحدث الأجهزة الإنعاشية الطبية الطارئة.

وهناك من اللاعبين من يُصرّ على مواصلة بذل المجهود البدني أثناء النشاط الرياضي، كما حدث للاعب الكاميروني مارك فيفيان فويه الذي رفض استبداله أثناء المباراة، وسبب وفاته يعود إلى الإرهاق الناتج عن التزامات اللاعب في دنيا الاحتراف، ومع منتخب بلاده. فهل نتعلّم؟

مدونات أخرى